الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
سلاح "معاداة السامية" لإسكات المعارضة للإبادة الجماعية

بسم الله الرحمن الرحيم

سلاح "معاداة السامية" لإسكات المعارضة للإبادة الجماعية

(مترجم)

الخبر:

في الأول من أيار/مايو، صوت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة لتمرير "قانون التوعية بمعاداة السامية" الذي من شأنه أن يوسع التعريف الفيدرالي الحالي لمعاداة السامية الموجود في قانون الحقوق المدنية. القانون، الذي قُدم من قبل مجموعة ثنائية الحزب من الجمهوريين والديمقراطيين، وتم تمريره بتصويت 320 مقابل 91، يُنظر إليه من قبل الكثيرين على أنه رد فعل تجاه الاحتجاجات الطلابية التي تجتاح الجامعات والكليات الأمريكية ضد هجوم كيان يهود على غزة والمجزرة الجماعية التي أدت إلى قتل عشرات الآلاف من الأبرياء. تدعو الاحتجاجات إلى تخلي جامعاتهم عن استثمار الأموال في كيان يهود المجرم وإلى وقف دعم حكومتهم وتسليحه. يتطلب القانون من وزارة التعليم الفيدرالية استخدام التعريف العالمي لمعاداة السامية، الذي وضعته اللجنة الدولية لإحياء ذكرى المحرقة، عند تطبيق قوانين مكافحة التمييز الفيدرالية، والذي يشمل إنكار حق الشعب اليهودي في تقرير المصير من خلال الادعاء بأن "كيان إسرائيل" دولة عنصرية ومنع أي مقارنة بين "سياسة إسرائيل المعاصرة" و"سياسات النازيين". إن تبنّي التعريف الدولي لمعاداة السامية في القانون من شأنه أن يسمح لوزارة التعليم الفيدرالية بتقييد التمويل والموارد الأخرى للكليات والجامعات التي تُعتبر متسامحة مع معاداة السامية. وتم اتهام الطلاب الذين يحتجون ضد أعمال الإبادة التي يرتكبها كيان يهود في غزة، ويدعون إلى تخلي جامعاتهم عن الاستثمار في الاحتلال ولإنهاء المجزرة، تم اتهامهم بمعاداة السامية من قبل العديد من السياسيين، الذين ضغطوا على إدارات الجامعات للتصدي للتظاهرات.

 

التعليق:

 

لا شك أن تمرير هذا القانون الجديد حول معاداة السامية يهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة للإبادة الجماعية التي يرتكبها كيان يهود في غزة وتواطؤ الحكومة الأمريكية فيها؛ ومع ذلك، فإن الاتهامات بمعاداة السامية التي تُوجه ضد الذين يدعون لإنهاء هذا الاحتلال الوحشي والكيان العنصري، لم تعد مقبولة. فالعالم، بما في ذلك العديد من الأفراد في الغرب، باتوا يرون الأمور على حقيقتها؛ إنها ليست إلا محاولة يائسة لقمع أي معارضة للأعمال الإجرامية التي ترتكبها هذه النقطة الاستعمارية الصهيونية في فلسطين، التي تخدم المصالح السياسية والاقتصادية للحكومات الغربية. كما أنها محاولة لصرف الانتباه عن الإبادة الجماعية والجرائم المتعددة ضد الإنسانية التي يرتكبها كيان يهود في غزة وفي باقي أنحاء فلسطين، وكيفية استخدام الأموال العامة الأمريكية لتمويلها.

 

لا يمكن اعتبار الوقوف ضد المجازر الجماعية أو الدعوة لإنهاء الاحتلال المجرم في فلسطين معاداة للسامية، تماماً كما لا تُعتبر معاداة للهندوس عندما يُطالب بإنهاء الاحتلال الوحشي لكشمير من قبل النظام الهندي الطاغي؛ وكذلك، لم تُعتبر الدعوة لإزالة نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، أو الدعوة لإنهاء الاستعمار الغربي لأراضٍ حول العالم، عملاً معادياً للبيض. علاوة على ذلك، فإن "الصهيونية" لا تستند إلى معتقدات اليهودية، كما يتضح من معارضة العديد من اليهود لتأسيس ووجود وأفعال كيان يهود؛ إذ الصهيونية هي عقيدة سياسية قومية عنصرية تستند إلى الاستعمار الاستيطاني. ففي عام 1975، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يُعلن أن "الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري". ومن المفارقات، أن اللورد إدوين مونتاغو، الوزير اليهودي الوحيد في الحكومة البريطانية خلال صدور وعد بلفور في عام 1917، والذي أعربت من خلاله الحكومة البريطانية عن دعمها لإقامة "دولة يهودية" في فلسطين، كان معارضاً شديداً للصهيونية. لقد وصفها بأنها "عقيدة سياسية ضارة"، وعارض وعد بلفور، الذي اعتبره "معادياً للسامية".

 

إنه لأمر عبثي أن يتظاهر الاحتلال بأنه ضحية! هل يظنون أن رمي تهم مثل "معاداة السامية" سيجعل الناس ينسون أن هذا الكيان قد تأسس وتعزز واستمر على أساس أعمال الإرهاب، وطرد جماعي لمئات الآلاف من الفلسطينيين، وسرقة منازلهم وأراضيهم؟! إن استخدام تسميات مثل "معاداة السامية" لإسكات المعارضة للمجازر الجماعية والقمع أمر مقزز. بالإضافة إلى ذلك، فإن المقارنة بين إنهاء الاحتلال وشعارات مثل "من النهر إلى البحر" بالإبادة الكاملة للشعب اليهودي في فلسطين هي لغو استفزازي يهدف إلى الحفاظ على هذا الاحتلال الوحشي، وتبرير المجازر الجماعية، والسماح باستمرار تراكم الجرائم ضد الشعب الفلسطيني.

 

إن الدعوة لإزالة الاحتلال ليست هجوماً على المعتقدات الدينية للمحتل؛ بل هي موقف ضد فعل الاحتلال، بغض النظر عن المعتقدات الدينية للجناة. إنها الوقوف من أجل العدالة - إزالة كيان قمعي عنصري، وإعادة الأرض المسروقة إلى مالكيها الأصليين، وإقامة نظام وحكم يتيح لأتباع جميع الديانات العيش بكرامة وسلام وازدهار.

 

يُظهر التاريخ الإسلامي تحت حكم الخلافة بوضوح كيف عاش المسلمون والنصارى واليهود في سلام، وأمان، وكرامة وازدهار في الأراضي الإسلامية، بما في ذلك فلسطين، حيث كانوا يتمتعون بحقوق التابعية نفسها دون تمييز. إليكم مقتطف من رسالة كتبها حاخام يهودي في عام 1453، يحث فيها اليهود على الهجرة إلى أراضي الخلافة عقب تعرضهم للاضطهاد في أوروبا، مشيراً إلى كيف أنهم سيتمتعون بالازدهار الاقتصادي تحت لواء الدولة، حيث قال: "هنا في أرض الأتراك، لا شيء لدينا نشتكي منه. لدينا ثروات كبيرة؛ يكثر الذهب والفضة في أيدينا. لا نعاني من ضرائب ثقيلة وتجارتنا حرة وغير مقيدة. غنية هي ثمار الأرض. كل شيء رخيص وكل واحد منا يعيش في سلام وحرية..." (فيليب مانسل، "القسطنطينية: المدينة التي اشتهاها العالم"). بالفعل، إن ضمان الحماية وحياة طيبة للجميع، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية، هو مبدأ أساسي في نظام الحكم الإسلامي، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾، ويقول الرسول ﷺ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

 

تحت النظام العلماني الأوروبي، تمت صناعة معاداة السامية واضطهاد اليهود. ومع ذلك، فقد لجأ العديد من اليهود إلى الخلافة، بما في ذلك فلسطين، بحثاً عن الحماية والأمان، وهم على علم بأنهم سيحظون بهذا تحت الحكم الإسلامي. إن الخلافة على منهاج النبوة وحدها التي يمكن أن تُعيد السلام والأمان للجميع في هذه المنطقة وفي جميع الأراضي الإسلامية.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسماء صديق

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

آخر تعديل علىالأربعاء, 15 أيار/مايو 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع