الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
من حقبة المندوبين إلى المبعوثين الدوليين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

من حقبة المندوبين إلى المبعوثين الدوليين

 

 

الخبر:

 

عينت الولايات المتحدة الدبلوماسي المخضرم ديفيد ساترفيلد مبعوثاً للتعامل مع أزمتي السودان وإثيوبيا، بعد استقالة جيفري فيلتمان، وأعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن سفير واشنطن لدى أنقرة المنتهية ولايته، والذي يمتلك خبرة طويلة في منطقة الشرق الأوسط سيكون مبعوثا خاصاً للولايات المتحدة إلى القرن الأفريقي، وأفاد بلينكن في بيان أن خبرة السفير ستارفيلد الدبلوماسية الممتدة منذ عقود، وعمله في ظل بعض نزاعات العالم الأكثر صعوبة، ستكون أساسية لجهودنا المتواصلة لدعم السلام والازدهار في القرن الأفريقي، وتحقيق مصالح الولايات المتحدة في هذه المنطقة الاستراتيجية.

 

التعليق:

 

إن تقديم جيفري فيلتمان استقالته قبل ثلاثة أشهر من نهاية عمله والإطراء الزائد على المبعوث الأمريكي الجديد من وزير الخارجية الأمريكي، هو دليل واضح على فشل فيلتمان في مهمته في كل من إثيوبيا والسودان، حيث فشلت جبهة تحرير تيغراي في إسقاط الحكومة الإثيوبية، كما فشل انقلاب عبد الفتاح البرهان الذي جرى في 2021/10/25 بإيجاد الاستقرار السياسي في السودان، ما لزم تعيين مبعوث جديد يقوم بمهمة دعم السلام والازدهار على الطريقة الأمريكية، وتحقيق مصالح أمريكا في هذه المنطقة الاستراتيجة على حد وصف وزير الخارجية الأمريكي بلينكن.

 

إن المهام التي أوكلت لهؤلاء المبعوثين هي المهام نفسها التي كانت توكل للمندوبين السامين في حقبة الاستعمار القديم، فقد كان اللورد كرومر في مصر أكبر من مجرد مندوب سام لكي يضمن بقاءها تحت سيوف الاستعمار والاحتلال لأطول فترة ممكنة، متحكما في ثرواتها، وجيشها، ضاغطا فلاحيها، وكذا كان المندوب السامي الفرنسي هنري غورو الذي عمد إلى فصل لبنان عن سوريا، متخذا منها جيشاً ذا رأس نصراني، وبموازاة ذلك عمل هيربرت صامويل السياسي البريطاني ذو الأصول اليهودية مندوباً سامياً لبريطانيا في فلسطين، على وضع اللبنة الأولى التي أفضت إلى قيام كيان يهود. وغيرهم من المندوبين الذين عملوا على تحقيق مصالح بلادهم، واتبعوا في ذلك شتى الأساليب والوسائل. صحيح أن الأساليب والوسائل تم تطويرها وتحديثها بأخرى أكثر مكرا ودهاء، وأشد فتكاً عن المبعوثين الحاليين فعمدوا إلى إشعال الحروب الأهلية والقيام بالانقلابات العسكرية ونهب الثروات، وتساوى في ذلك المبعوثون جميعهم بمسمياتهم المختلفة، فلا فرق بين من هو فرنسي أو بريطاني أو روسي أو أمريكي، فكما استخدمت بريطانيا هيئة الأمم فقد استخدمت أمريكا الأمم المتحدة التي هي أدوات للسيطرة وبسط النفوذ، قال الكاتب والمفكر الأمريكي نعوم تشوميسكي: (إذا لم تخدم منظمة دولية مصالح أمريكا فهناك سبب ضئيل للسماح لها بالحياة).

 

إن المبادرة التي أطلقها المبعوث الخاص للأمم المتحدة فولكر بيرتس لا تخرج من السياق العام للسياسة الأمريكية في السيطرة على الوضع السياسي في السودان، وقد دعمت أمريكا تلك المبادرة بجهود موازية عبر القائم بالأعمال الأمريكي في السودان، الذي التقى بالبرهان، ونائبة رئيس حزب الأمة السوداني التي قدمت له مبادرة حزب الأمة، كما التقى بوفد من لجان المقاومة.

 

لقد اختلفت المواقف من مبادرة فولكر من حيث القبول المطلق، والتحفظ، إلى الرفض التام، ولكن لا أحد تحدث عنها بوصفها أسلوبا جديداً من أساليب الاستعمار الحديث، بل تجرأ أحد أعضاء الحرية والتغيير ودعا إلى الاستفادة من فولكر الذي وصفه بأنه قدم درساً للأحزاب السودانية!

 

لقد علق البعض آمالهم على المبادرة الأممية ظانين أنها جوهرة، وكأن أمريكا رسول سلام ليس كما فهمها المحلل السياسي هنتنغتون من خلال استقرائه للرأي العام العالمي، حيث ذكر في مقال له: "إن صورة أمريكا بالنسبة للعالم كانت توضح شيئاً فشيئاً على أنها القوة العظمى الشريرة والخطر الأوحد الذي يهدد مجتمعاتهم"، وقد أكد هذا المعنى رئيس الجمعية الأمريكية للعلوم السياسية روبرت فرفيس.

 

إن الذي يعول على أمريكا في حل القضايا هو بعيد عن إدراك السياسة الدولية، وأشد بعداً عن آيات القرآن الحكيم: ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾، وقال تعالى: ﴿لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ﴾.

 

إن الكيانات السياسية في السودان مختلفة فيما بينها ومختلفة مع المكون العسكري، إن لم نقل في كل شيء ففي كثير جداً من الأمور، ولكنهم جميعا مسلمون، إذن فلماذا لا يرجعون إلى القرآن الكريم؟! قال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾، وقد يقول قائل إننا لن نتفق في تفسير القرآن، هذا صحيح ولكن له حل في القاعدة الشرعية: (أمر الإمام يرفع الخلاف)، فوجب مبايعة إمام يرضى عنه أكثر الناس، فيرفع الخلاف بيننا بما يتبناه من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس حسب الله النور – ولاية السودان

 

آخر تعديل علىالسبت, 15 كانون الثاني/يناير 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع