الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
فشوُّ الفساد من الرضا به

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فشوُّ الفساد من الرضا به

 

 

 

الخبر:

 

نشرت صحيفة التايمز تقريرا كتبته أرشال فوهرا من العاصمة اللبنانية بيروت بعنوان "لبنانيون يضطرون إلى بيع كلياتهم تحت وطأة تفاقم الأزمة الاقتصادية"، إذ تبدأ الكاتبة تقريرها بمحنة لاجئين سوريين في لبنان، يبيعون كلياتهم لمساعدة أسرهم، وهي خطوة ألهمت بعض اللبنانيين الذين يشكون ضيق العيش في ظل انهيار الوضع الاقتصادي. وفي خبر آخر تعرض أكثر من 216 ألف طفل لانتهاكات أو اعتداءات جنسية ارتكبها رجال دين كاثوليك في فرنسا بين 1950 و2020 على ما خلصت إليه لجنة تحقيق مستقلة نشرت نتائجها الثلاثاء 2021/10/05.

 

التعليق:

 

تنوّعت الجرائم بحق الإنسانيّة وتفاوتت بشاعتها وتجرّدت العلاقات من أي روابط وقيم وسادت الأنانية والمادّية حتّى عمّ الفساد وتفشّى؛ من حروب وإبادات جماعية وتهجير، إلى الفقر والجوع وانتشار الأوبئة، إلى الاستغلال والاستعباد والاتجار بالبشر، وغير ذلك من أصناف العذاب. ولكن يكفي أن نتأمّل آية فقط في القرآن الكريم وتكون لنا معها وقفة لتتبيّن لنا معالجة ربّانيّة لكل ألوان الفساد التي يمكن أن تصيب العالم. يقول جلّ وعلا: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم: 41]. هذا الفساد الذي بان واتَّضح للعيان لم يعد عليهم خفيّا وما ظهوره وتجلّيه إلا لانعقاد الرضا. فلو قاوم الناس هذا الفساد وما سكتوا عنه وتعاملوا به أو تفاعلوا لبقي مستورا. وسبب ظهور الفساد حصرته الآية ﴿بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ﴾ يعني عدم إنكار الناس للفساد وقبولهم به هو ما جعله يستفحل. ومن رحمة الله بالعباد أن جعل لهم من هذا الفساد منفذا بأن قال: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾، فدلّنا إلى العلاج وهو العودة إلى المنهج الربّاني والانتصار لدين الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعي إلى التغيير، ودون ذلك من حلول لا نرجو منها إصلاحا إنّما هي إطالة لعمر الفساد.

 

يقول سيّد قطب رحمه الله في مقتطفٍ من ظلال القرآن "حين يتمحض الشر ويسفر الفساد ويقف الخير عاجزاً والصلاح حسيراً، ويخشى من الفتنة بالبأس والفتنة بالمال، عندئذ تتدخل يد القدرة سافرة متحدية، بلا ستار من الخلق، ولا سبب من قوى الأرض، لتضع حداً للشر والفساد. إنه حين كان بنو إسرائيل يؤدون ضريبة الذل لفرعون وهو يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم لم تتدخل يد القدرة لإدارة المعركة. فهم لم يكونوا يؤدون هذه الضريبة إلا ذلاً واستكانة وخوفاً. فأما حين استعلن الإيمان في قلوب الذين آمنوا بموسى واستعدوا لاحتمال التعذيب، وهم مرفوعو الرؤوس يجهرون بكلمة الإيمان في وجه فرعون دون تلجلج، ودون تحرج، ودون اتقاء التعذيب، فأما عند ذلك فقد تدخلت يد القدرة لإدارة المعركة، وإعلان النصر الذي تم قبل ذلك في الأرواح والقلوب".

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. درة البكوش

آخر تعديل علىالأحد, 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع