الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
رمضان والحمل الثقيل!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

رمضان والحمل الثقيل!

 


الخبر:


هلَّ رمضان على المسلمين يوم الجمعة الأول من رمضان لعام 1441هـ، الموافق 24 نيسان 2020م.

 

التعليق:


لقد جاء رمضان هذا العام في وقت لم يكن المسلمون والعالم أشد حاجة منه إليه، تتسارع فيه الأحداث وتتقلب الظروف بشكل قوي، لا يكاد العالم يلتقط أنفاسه من حدث حتى يغرق في حدث آخر. فأمريكا قتلت سليماني قائد فيلق القدس في إيران وخلقت أزمة أرعبت بها العالم تحسبا من حرب مفتعلة مع إيران في الشرق الأوسط، وشهدت إدلب غارات وحشية متتالية أودت بحياة آلاف من الناس الذين لا ذنب لهم إلا أنهم خرجوا ضد طاغوت سوريا. واشتد الصراع في اليمن وبلغ أشده في القتل والتدمير والتشريد والتجويع حتى أصبح حديث المحافل الدولية عن 3 ملايين يواجهون خطر المجاعة هناك عوضا عن القتل المباشر بآلة قتل استعمارية تمسك بها السعودية من جهة والإمارات من جهة أخرى. واحتدم الصراع والقتل العشوائي في ليبيا وكأنه عقاب دولي شرس للشعب في ليبيا الذي تخلص من عميل خائن في لحظة ضعف من الأسياد. فكانت طرابلس ومن فيها من المسلمين تحت قصف مستمر. وتجبر الهندوس على مسلمي كشمير يسومونهم سوء العذاب، واستعلى ملاحدة الصين على المسلمين الإيغور إلى أن جعلوهم آخر الأمر عرضة لوباء كورونا، وأصاب الطغيان مسلمي الروهينجا بشتى أنواع الظلم والتشريد والقتل.


وفي منحى آخر تم الإعلان عن صفقة قرن مخزية جاء بها ترامب ليهب من خلالها فلسطين بقدسها ومقدساتها والجولان بسهولها وهضابها ليهود هكذا هبة منه ومنحة، كما منح بلفور عام 1917 فلسطين وطنا قوميا ليهود. وعلى الصعيد الدولي قررت بريطانيا أخيرا الخروج من الاتحاد الأوروبي مرسلة رسالة للعالم مفادها أن الاتحاد الأوروبي الذي نشأ وترعرع ولم يبلغ سن الرشد أبدا قد شارف على الهلاك، ولا حاجة لبريطانيا أن تبقى فيه.


ثم جاءت ثالثة الأثافي، جائحة عالمية، بسبب انتشار وباء فيروس كورونا كوفيد-19 وتفشى في جميع دول العالم وقد أصاب حتى الآن أكثر من 2 مليون و750 ألف إنسان حول العالم، قضى نحبه منهم ما يقرب من 200 ألف شخص حتى الآن في مختلف دول العالم. وفرض على مئات الملايين حجرا قسريا في بيوتهم، وأوقف حركة التنقل برا وبحرا وجوا في مختلف بلاد العالم، وشل حركة التجارة والصناعة، وأوقف النشاط السياحي تماما، وأصبح العالم كله على شفير انهيار مالي واقتصادي وكساد عظيم. وأول كارثة اقتصادية جاءت لتضرب تجارة النفط حين هوى سعر برميل النفط الأمريكي إلى سالب 37 دولاراً يوم الاثنين 20 نيسان 2020. ولا تزال الكوارث تتوالى وتترى، وحسب منظمة الغذاء العالمية فإن أكثر من 60 مليون إنسان يتهددهم موت المجاعة بعد أن نجوا من موت كورونا.


هذه الأحداث كلها جاءت قبل حلول شهر رمضان الكريم، شهر البركة والخير. ولكنه جاء والمساجد في شتى أنحاء العالم مغلقة، وهي التي كانت تستقبله كل عام بالتهليل والتكبير والتسبيح، وتصدح المآذن في كل أنحاء الدنيا معلنة قدوم شهر الصيام والخير والقيام في المساجد. إلا أنه هذا العام دخل وحل كمن يدخل ويحل في مأتم؛ فلا أبواب المساجد مفتوحة، ولا صلوات الجماعة قائمة والتي كان دائما يشد من أسرها ويصف من صفوفها رمضان في كل وقت من أوقات الصلاة من الفجر إلى العشاء.


أي مقدم قدمت إليه يا رمضان هذا العام. وأي حمل ثقيل تحمله يكاد ينقض ظهرك، والأمة التي كانت تحتفل بقدومك وترجو أن يكون النصر في يومك السابع عشر كما هو بدر، أو يومك العاشر كما هو فتح مكة، أو ليلة السابع والعشرين ليلة القرآن والتنزيل، هذه الأمة يا رمضان لا زالت يلفها العجز، ويكبلها هذا النظام العالمي الجائر والذي يخلق الأزمات واحدة تلو الأخرى، ويجثم على صدرها حكام جور ليسوا من جنسها، تلعنهم ويلعنونها. لم يعد همك وجل اهتمامك أن يمسك الناس عن الطعام والشراب فحسب في أيامك المباركة، وإن كان هذا فرضا حقا، ولا حتى قيام الليل إيمانا واحتسابا، وإن كان هذا خيرا عميما. وليس أكبر همك الصدقات وإن كانت من أعلى الدرجات عند الله. أصبح الهم أكبر من كل ذلك، وأشد خطرا، وأصعب عملا، ولكنه أكبر وأعم أجرا.


حملك ثقيل هذا العام يا رمضان!


فالمطلوب هو إيقاظ النائم وإنهاض أمة غرقت في سبات وتعيش اليوم وكأنها في حلم عميق لا تدري أوله من آخره! والمطلوب هو تقوية أمة مستضعفة وربطها بحبل الله المتين لتسترد قوتها وعزها حتى تنفض الذل ووشائج العبودية لغير الله تعالى. المطلوب يا شهر القرآن أن تشد على أيدينا لنقوى على إقامة شرع الله وتطبيق أحكامه وإحياء سننه التي اجتثت من البلاد التي طالما كنت شهرها ومرتجى النصر في أيامك المباركة. المطلوب أن تعود الأمة فاعلا في العلاقات الدولية والقضايا المحلية والعالمية، وتفعل الخيرات، وتخلص البشر من شرور الفاعلين الحاليين - أمريكا وبريطانيا وروسيا والصين وأوروبا.


المطلوب اليوم أكثر من أي يوم مضى أن تستعيد الأمة خلافتها الراشدة، لتوحد صفوفها، وتعالج قضاياها، وتوحد ما بين حدودها، وتجلعها على أقل تعديل تصوم وتفطر في يوم واحد.


﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ﴾

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد جيلاني

آخر تعديل علىالإثنين, 27 نيسان/ابريل 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع