الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الكلمة الخامسة

تركيا

أهمية تعليم الفتيات والنساء في ظل الحكم الإسلامي

(مترجم)

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...

 

تتهم وسائل الإعلام العلمانية والسياسيون العلمانيون والمنظمات والحركات النسائية العلمانية الإسلام بأنه يبغض النساء، ويزعمون بأن أحكام الشريعة الإسلامية تحرم النساء والفتيات وتمنعهن من الحصول على التعليم الجيد. وهذه الأحكام، كما يدَّعون، قد فُسّرت بطريقة "تصب في صالح الرجال" من خلال "عقليات وأنظمة ذكورية" ادعت أنها أحكام إسلامية. وبشكل خاص، فإن الأكاديميات المسلمات اللواتي يدعمن الحركات النسائية يطالبن بتفسير جديد للإسلام "من خلال عيون النساء". وقد وجد الغرب فيهن ضالته كأداة فعالة في قلب وتشويه الأسباب الحقيقية لاضطهاد النساء المسلمات. وكذلك، زواج الفتيات قبل سن 18 سنة؛ واختيار تعليم البنين على البنات؛ وأحكام اللباس الإسلامي والأحكام الخاصة بالنظام الاجتماعي؛ فضلًا عن الوحشية التي تمارسها جماعة بوكو حرام في نيجيريا، والإجراءات التي اتخذتها حركة طالبان والحركات الإسلامية الأخرى في أفغانستان وباكستان مثل إطلاق النار على الفتاة المراهقة ملالا يوسفزاي في عام 2012، فتعتبر هذه المواضيع المواد المفضلة في وسائل الإعلام العلماني وعند السياسيين والحركات النسائية في فرض التصور بأن الإسلام هو التهديد والعقبة الرئيسية أمام تعليم المرأة وتقدمها.

 

ومع ذلك، فإن الإسلام لا يمنع الفتيات والنساء المسلمات من الحصول على حقهن في التعليم بصورة كريمة ومن لعب دور فعّال في المجتمع! بل على العكس من ذلك؛ إنها القوى الكافرة الاستعمارية التي تبذل جهودها لحماية عقائدها وثقافاتها والقضاء على ثقافة الإسلام، وتحافظ بكل ما أوتيت من قوة على وجودها في بلادنا، وهي القوى التي أوجدت الظروف والأجواء التي تصنع العقبات الصعبة أمام تعليم النساء المسلمات وحياتهن بشكل عام في جميع أنحاء العالم. إن حروبهم الاستعمارية واحتلالهم لبلاد المسلمين ليس كافيًا لتحقيق هذا الهدف؛ وبالتالي فإن هذه القوى تسعى أيضًا لتدمير وإضعاف وشيطنة الثقافة الإسلامية والتاريخ الإسلامي. وهم يقومون بذلك من خلال الحكام العملاء وأنظمة الكفر التي أوجدوها في بلادنا والتي تروج لنمط الحياة والثقافة الغربية العلمانية الاستعمارية الفاسدة، والتي أدت إلى الحط من قيمة المرأة وبالتالي إلى وصول حجم الهجمات والاعتداءات الجنسية إلى مستويات وبائية وذلك في الشوارع والمدارس وأماكن العمل في جميع بلاد المسلمين وهو أيضًا ما يعيق التحاق الفتيات بالمدارس والمعاهد التعليمية الأخرى. وقد طبقوا الاقتصاد الرأسمالي الفاسد في بلادنا الذي أدى إلى الفقر الشامل، وغلاء التعليم واستغلاله تجاريًا، وانتشار الرشوة. إن هذا هو السبب في اضطرار الأسر إلى اختيار من يتعلم من أبنائها، فالأسرة تفضل تعليم الذكر كونه سيكون المعيل الرئيسي لها في المستقبل. ويرجع السبب أيضًا إلى الحكومات الأنانية التي لا تستثمر في بناء عدد كاف من المدارس التي تقدم تعليمًا جيدًا مما يدفع الأطفال إلى السفر لمسافات بعيدة للحصول عليه وهو الأمر الذي يمنع أيضًا بعض الآباء من إرسال بناتهم للتّعلم بسبب خوفهم على سلامتهن. وعلاوة على ذلك، وبسبب الأخطار الناجمة عن الثقافة العلمانية التي تدعو إلى التعليم المختلط، فإن العائلات لا ترسل بناتهم إلى المدارس.

 

وهذه الحكومات الغربية، والتي تهدف إلى حماية ثقافاتها، فإنها تقوم أيضًا بتمويل المؤسسات التعليمية، وبناء المدارس، وتقدم منحًا دراسية للطلاب الموهوبين والفقراء، وتدعم تنمية المدارس الحكومية في بلادنا من خلال منظمات غير حكومية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية واليونيسيف واليونسكو وغيرها من المؤسسات. ووفقًا لهذه المؤسسات، فإن المفاهيم الغربية مثل "المساواة بين الجنسين، وتمكين النساء والفتيات، وحقوق الإنسان والحريات" هي "بالغة الأهمية لبناء مجتمعات ديمقراطية مستقرة" على النحو الذي حدده قانونها الأساسي. ومن خلال هذه البرامج المختلفة، يدَّعون، بكل خداع وتضليل، أنهم يريدون تحسين تعليم الفتيات والنساء المسلمات. غير أنه من الواضح أن الغرض الحقيقي لهذا التمويل والدعم ليس كما يدَّعون؛ وإنما هو من أجل تحويل نسائنا وبناتنا إلى شخصيات علمانية ليبرالية تتبنى أنماط الحياة والقيم الغربية كالمساواة بين الجنسين كطريقة للحصول على حياة متحضرة ومتقدمة ومزدهرة؛ وفي الوقت نفسه يحتقرن شخصياتهن وواجباتهن الإسلامية.

 

أخواتي العزيزات؛

في الواقع، عندما أوحي لرسول الله r أول مرة، قام بإخبار زوجته خديجة رضي الله عنها، فأعلنت إسلامها على الفور. وعندما أمر الإسلام بطلب العلم، لم يفرق في ذلك بين الرجال والنساء ولم يعتبرهن كائنًا ثانويًا، فقد قال رسول الله r : «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» [رواه ابن ماجه].

 

وعلاوة على ذلك، فقد علم رسول الله r الرجال والنساء على حد سواء في المساجد وغيرها من الأماكن، حتى إنه قد حدد يومًا واحدًا في الأسبوع لتعليم النساء في مسجد المدينة المنورة، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ r غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ «فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ» [رواه البخاري]

 

وتسمية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها "بفقيهة الأمة" هو أكبر مثال يدل على أهمية تعليم المرأة في الإسلام. فقد كانت عالمة فقيهة ينشد رأيها الجميع حتى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه والخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وذلك بسبب حفظها للحديث وقدرتها على الفقه وغيرها من الأمور. وقد روت 2200 حديث، وبالتالي تعتبر من أكثر الذين رووا عن رسول الله r بعد أبي هريرة وابن عمر وأنس بن مالك رضي الله عنهم. وقد قال الصحابي والفقيه الإسلامي الكبير أبو موسى الأشعري رضي الله: "ما أشكل علينا أصحاب رسول الله r حديث قط، فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علمًا". وعلاوة على ذلك، فإن عائشة رضي الله عنه كانت على دراية أيضًا في الطب والشعر والتاريخ العربي وغيرها من مجالات العلوم. فقد قال عنها عروة بن الزبير رضي الله عنه: "ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم، والشعر، والطب من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها".

 

وقد كانت كل زوجات رسول الله r وبناته وعدد كبير من الصحابيات من ذوات الشخصيات الموثوقة وكن على قدر كبير من العلم في العلم الشرعي والأدب والطب وغيرها، وقد علَّمْن هذه العلوم لكل النساء والفتيات اللواتي سعين إليه، وقد كان هذا كله بتشجيع من رسول الله r الذي على سبيل المثال طلب من الشفاء بنت عبد الله تعليم زوجاته وغيرهن من النساء الكتابة والمعارف الطبية. وقد تولت الصحابيات الجليلات في عهد عمر بن الخطاب القضاء والحسبة. وعلاوة على ذلك، فقد بشر رسول الله r من يهتم بتعليم بناته بالجنة: «مَنِ ابْتُلِيَ مِنَ الْبَنَاتِ بِشَىْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ» [رواه مسلم]

 

أخواتي العزيزات؛

إن الحكام في دولة الخلافة، بعد رسول الله r ، قد اعتبروا أن توفير القدرة للأمة على اكتساب المعرفة إحدى المسؤوليات التي وضعها الإسلام في أعناقهم. ولا يوجد أيّ دليل على أنه قد تمت معاملة النساء "كأفراد من الدرجة الثانية"، أو أنه قد جرى حرمانهن من حقهن في التعليم، أو أنه قد تم استغلالهن أو امتهانهن لتقديم خدمات للمجتمع. إلا أن هناك آلاف الأدلة التي تثبت العكس! فتطبيق الأحكام الإسلامية قد شجع وفتح الطرق لاكتساب المعرفة وتنمية المهارات المختلفة، وقد ساهمت النساء في تحقيق هذا الهدف. فقد كان للنساء دور كبير في دفع عجلة العلم، وإنشاء المؤسسات التعليمية والدينية، مثل المساجد والمدارس والجامعات. فمسجد وجامعة القرويين، التي أسستها فاطمة بنت محمد الفهري في عام 859م، تعتبر مثالًا رائعًا على ذلك، وقد كانت أول مؤسسة "تمنح درجة علمية" في العالم. كما أن الدولة قد شجعت على إنشاء المدارس الإسلامية الخاصة بالفتيات فقط، وقد مولت النساء عددًا كبيرًا منها. وقد كان نصف الرعاة والمتبرعين لهذه المؤسسات أيضًا من النساء. ولم يبلغ عدد المحاضرات في هذه المؤسسات عدد المحاضرات في الجامعات الغربية اليوم. وبالإضافة إلى ذلك، فقد سافرت النساء بشكل مكثف إلى أطراف العالم الإسلامي من أجل التعلم والتعليم، فلم تكن هناك أية حدود تعرقل مسعاهنّ هذا، ولم تكن هناك أيضًا أية ظروف تهدد سلامتهن أو كرامتهن.

 

وقد لعبت المرأة دورًا أساسيًا في تطوير أساليب دراسة الحديث والفقه والحفاظ عليها؛ وكن يمنحن الإجازات؛ وكن يتمتعن بنفس قوة الرجال في الاجتهاد؛ وعلاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن هناك مدارس خاصة بالنساء والفتيات فقط؛ فقد درّسن العلم الشرعي حتى للرجال في المساجد الكبيرة والجامعات وغيرها من الأماكن. فأم الدرداء الصغرى الدمشقية، عالمة وفقيهة، كانت تُدَرّس الفقه والحديث في قسم الرجال في الجوامع الكبيرة في القدس والشام، وقد كان الخليفة عبد الملك بن مروان أحد طلابها. وكانت عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، وهي فقيهة وعالمة، إحدى معلمات الإمام مالك. وابنة الحسن رضي الله عنه، نفيسة بنت الحسن، كانت إحدى معلمات الإمام الشافعي. وقد أشاد ابن حجر وابن تيمية بمن علموهما من النساء لعلمهن وذكائهن وصبرهن وسلوكهن الفاضل ونزاهتهن وتقواهن. وقد تلقى عالم الحديث المشهور ابن حجر العسقلاني إجازته من خلال أخذ العلم من 53 معلمة، وأما الصحاوي فقد تلقى إجازته من خلال أخذ العلم من 68 معلمة. وكانت فاطمة بنت محمد السمرقندي مجتهدة؛ حتى إنها كانت تقدم المشورة لزوجها المجتهد المشهور في مسائل الاجتهاد والقضاء. فقد كانت تتمتع النساء العالمات بتأثير كبير في المجتمع، ولم يكن ذلك استثناء، بل كان ذلك هو الوضع الطبيعي. وقد كن يقمن بذلك بالتأكيد وبشكل طبيعي مع الالتزام بكل أحكام النظام الاجتماعي في الإسلام؛ وهذا يعني، الفصل بين الجنسين، والالتزام بالزي الاسلامي، وفي واقع يلتزم فيه الرجال والنساء بدقة بكل أحكام النظام الاجتماعي في الإسلام.

 

ولم تبرع النساء فقط في العلوم الإسلامية، ولكن أيضًا في الخط، والأدب، وغيرها من المجالات العلمية مثل الرياضيات وعلم الفلك، والهندسة، وبالتالي شاركن في بناء الثقافة والحضارة الإسلامية التي حسدتهم عليها الأمم الأخرى. وخلال القرن العاشر على سبيل المثال، كانت لبانة من قرطبة عالمة رياضيات، وشاعرة ومترجمة، ومديرة أكبر مكتبة في العالم في ذلك الوقت، والمساعدة الخاصة للخليفة الأموي الحكم الثاني. وأيضًا في القرن العاشر، طورت امرأة ميزات متطورة معقدة جديدة للجهاز الفلكي الاسطرلاب، وعلى أثر ذلك دخلت التاريخ باسم مريم الاسطرلابي. وبفضل مساهمتها في الاسطرلاب كانت موظفة عند حاكم حلب سيف الدولة الحمداني. ونحن نعلم أيضًا عن الجرّاحات في الأناضول وقيامهنّ بالعمليات الجراحية في القرن الـ 15 من خلال الجراح التركي شرف الدّين صابونجی أوغلي. وبالإضافة إلى ذلك، فقد تم إصدار أجمل نسخ القرآن الكريم من قبل الماهرات في فنون الخط من الأندلس إلى سوريا ومن العراق إلى الهند. وخلال فترة واحدة، في شرق قرطبة وحدها، كان هناك 170 خطاطة كن قد كتبن القرآن بالخط الكوفي.

وعلى الرغم من التراجع الفكري بشكل متزايد وانتشار الاضطرابات السياسية خلال السنوات الـ 100-150 الأخيرة لدولة الخلافة، إلا أن الخلفاء قد واصلوا القيام باستثمارات ووضع اللوائح لتنظيم التعليم وأولوا تعليم البنات أهمية خاصة. وبشكل خاص، فإن جهود الخليفة محمود الثاني والخليفة عبد الحميد الأول تستحق الإعجاب بخصوص هذه المسألة. وقد أقر الخليفة محمود الثاني التعليم المنظم والإلزامي لكل من الفتيان والفتيات في عام 1830. وقد كانت آخر جهود الدولة العثمانية بخصوص التعليم هي مدرسة القابلات في عام 1842، وقد أسست بعد ذلك "إيناس روشتياس" (التعليم الثانوي للفتيات)، و"مدارس ساناي" (المدارس المهنية للفتيات) وكذلك المؤسسات التعليمية التي تخرج المعلمات لهذه المدارس. وقد كانت تقوم الدولة أيضًا بتوظيف الخريجين من هذه الدراسات في مختلف المجالات فتساعد الناس بما يتناسب مع مهاراتهم، بما في ذلك العمل كمترجمين في مختلف اللغات الأجنبية. وتظهر السجلات أيضًا أن النساء كن يتلقين المنح أثناء تعليمهن. كما أن المدارس كانت تضم غير المسلمات بين طلابها. وقد كان أول فوج تخرج من مدرسة القابلات وحدها يضم 10 مسلمات و26 امرأة غير مسلمة.

 

ولذلك فمن الواضح أن المرأة تحت الحكم الإسلامي قد تولت أدوارًا مهمة في نهضة المجتمع وقد حظيت بأعلى تقدير واحترام. فالنظام الإسلامي يعتبر طلب العلم مثل العبادة؛ وبالتالي فإنه قد كان قادرًا على تشجيع النساء على المساهمة الحيوية الفعالة في المعرفة والعلوم.

 

ولكن في الغرب، هناك ظاهرة تسمى "تأثير ماتيلدا"، وهي تصف ظاهرة الإهمال المتكرر بشكل كبير لمساهمة المرأة العالمة في البحوث، والتقدير المتكرر لعمل زملائها من الرجال. وعلاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن العديد من النساء قد منحن جائزة نوبل، إلا أنهن قد نلنها بسبب زملائهن من الرجال أو أزواجهن. ولذلك، فإن هؤلاء النساء اللواتي تعرضن للتهميش بسبب "كراهية النساء"؛ وقد تعرضن لحصار "هيمنة الرجال"، هن في الحقيقة النساء اللواتي يعشن في مجتمعات محرومة من الإسلام! وعبارة "لأنها امرأة!" قد وجدت واستعلمت في الفكر غير الإسلامي الرأسمالي العلماني نفسه وهذه العبارة تتعلق به فقط.

 

غير أن المرأة المسلمة عبر التاريخ الإسلامي الطويل لم يجر وصفها بمثل هذه العبارة أو هذا الشعار. وقد حققن النجاح كعالمات وسيدات أعمال، وفي الوقت نفسه قمن بواجباتهن الإسلامية كزوجات وأمهات. وقد تمتعت تلك النساء المسلمات بالحياة الإسلامية إلى أقصى حد، وتمكنّ من إدارة شؤون أسرهن، وربين أطفالهن، وفزن بالمنح الدراسية، وساهمن في اكتشاف العلوم، وشاركن في شؤون المجتمع، ودافعن عن العدل من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحاسبن الحكام. وقد لاحظ المفكر الهندي، محمد الندوي أكرم، الذي جمع السير الذاتية لأكثر من 8000 امرأة من رواة الحديث، ما يلي: فقد قال: "لم يرو عن إحداهن أنها قصرت في واجباتها البيتية أو اعتبرتها غير مهمة، أو أنها شعرت بدنو المرتبة كونها امرأة أو أنها أقل شأنًا من الرجل، أو أنها اعتبرت، نظرًا للقدرات والفرص، أنه ليس عليها واجبات تجاه المجتمع الأوسع، خارج نطاق الحياة الأسرية".

 

أخواتي العزيزات؛

إن عودة دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة ستوفر حقوق التعليم وستحقق تطلعات الفتيات والنساء في المستقبل تمامًا كما فعلت ذلك دولة الخلافة فيما سبق. وستقضي على كل المفاهيم والعادات أو الحواجز الثقافية التي تقلل من قيمة تعليم النساء والفتيات أو تمنعهن من التعلم. وستقوم دولة الخلافة بإيجاد الأجواء الآمنة من خلال أحكام النظام الاجتماعي في الإسلام والتي ستمكنهن من السفر بأمان إلى المدارس والجامعات. وستقوم أيضًا بالفصل بين تعليم الرجال والنساء في كل مدارس الدولة العامة أو الخاصة، وهو ما سيمكن النساء والفتيات المسلمات من مواصلة تطلعاتهن التعليمية وفي الوقت نفسه يلتزمن بكل أحكام الإسلام التي ستضمن لهن الكرامة والأمان. فتنص المادة 177 من مشروع دستور دولة الخلافة الذي أعده حزب التحرير على: "... على ألاّ يكون التعليم فيها مختلطاً بين الذكور والإناث لا في التلاميذ ولا في المعلمين...".

 

وعلاوة على ذلك، ترى دولة الخلافة أن توفير التعليم لكل فرد في دولة الخلافة - سواء أكان ذكرًا أم أنثى - حقًا أساسيًا وواجبًا على الدولة. فعلى سبيل المثال، تنص المادة 178 من مشروع دستور دولة الخلافة الذي أعده حزب التحرير على: "تعليم ما يلزم للإنسان في معترك الحياة فرض على كل فرد ذكرًا كان أو أنثى...". وبالتالي فإنها ستضمن تحقيق التطلعات التعليمية للفتيات والنساء كجزء من واجبها الإسلامي. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يجب على دولة الخلافة توفير الخدمات التعليمية والطبية بأقصى ما تيسر من إمكانيات لكل من يحمل تابعيتها. ولذلك فمن الضروري أن تكون أعداد الطبيبات والممرضات والمعلمات كافية تمامًا لأداء هذا الواجب. وستشجع أيضًا النساء على التخصص في مختلف المجالات الأخرى، بما يشمل التخصصات في الدراسات الإسلامية والعلوم واللغات والهندسة، وتسخير تفكيرهن ومهاراتهن لنهضة وفائدة المجتمع بأسره.

 

أخواتي العزيزات، إن دولة الخلافة ستصبح دولة رائدة على مستوى العالم في مجال توفير التعليم للإناث وتحقيق طموحاتهن التعليمية. إنها لن تقوم فقط بإنشاء المؤسسات لتسهيل هذا الأمر، ولكنها ستضمن أيضًا وجود أجواء آمنة ومحترمة في المدارس والكليات والجامعات والمجتمع بأسره. وستكون دولة بحيث تكون فيها النساء والفتيات قادرات على الالتحاق بتعليم يتمتع بجودة من الطراز الأول، وفي أجواء آمنة خالية من التحرش أو العنف.

 

ونجاحهن الذي ستوفره مثل هذه الأجواء سيجعلهن فخر الأمة كلها. وكما هو الحال في العصور السابقة؛ فإن الأمم الأخرى ستحسد النساء على الهيبة والاحترام الذي ستتمتع به النساء في ظل دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [الصف: 8]

 

زهرة مالك

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

1 تعليق

  •  Mouna belhaj
    Mouna belhaj الجمعة، 08 أيلول/سبتمبر 2017م 00:27 تعليق

    بارك الله فيكم وفي جهودكم الطيبة

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع