الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

حان الوقت لجعل الاحتجاجات مهمّة

 

(مترجم)

 

 

أكثر من 6 أشهر مرت على أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. استجاب العالم؛ ومع اندلاع احتجاجات في جميع أنحاء العالم تدعو إلى وقف القصف ووقف إطلاق النار أو إنهاء احتلال كيان يهود في غزة، إلا أن شيئا لم يتغير. ومع مرور الوقت، أصبحت قوات يهود أكثر غطرسة وأكثر وضوحاً في كراهيتها للفلسطينيين. ولماذا لا يفعلون؟ فمن الواضح أنهم يحظون بدعم المجتمع الدولي، والحكومات في جميع أنحاء العالم، ليس فقط لمساعدة كيان يهود في هجماته على أهل فلسطين، ولكن أيضاً في توجيه اللّوم على مواطنيها واستخدام القوة لوقف الاحتجاجات التي تحدث في جميع أنحاء العالم.

 

في الآونة الأخيرة، غمرت الأخبار بتقارير عن الاعتقالات الوحشية للمتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين على أرض جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة. ووقعت أحداث مماثلة في حرم جامعة إنديانا وفيرجينيا للتكنولوجيا، حيث تمّ القبض على المتظاهرين بتهمة التعدّي الإجرامي على ممتلكات الغير ومقاومة الاعتقال. كما تمّ تفريق الاحتجاجات على أراضي جامعة جنوب كاليفورنيا وجامعة ولاية أريزونا وجامعة واشنطن في سانت لويس. واستخدم ضباط الشرطة المواد الكيميائية المهيجة والصعق الكهربائي لتفريق الطلاب في بعض الحالات.

 

تمّ حظر الاحتجاجات التضامنية مع الشعب الفلسطيني في 12 دولة أوروبية على الأقل؛ بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا وسويسرا وألمانيا وجمهورية التشيك والنمسا. وفي مصر، عندما تجمّع مئات الأشخاص في وسط مدينة القاهرة للتظاهر تضامناً مع غزة، قام ضباط الأمن المصريون باعتقال بعضهم. واعتقلت الحكومة الأردنية ما لا يقلّ عن 1500 شخص منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر. ويحاكم المغرب أيضا عشرات الأشخاص الذين اعتقلوا خلال احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين. هذه مجرد أمثلة قليلة - وهناك الكثير غيرها...

 

يخرج المتظاهرون بناء على حقيقة أنّ لديهم الحقّ في الاحتجاج عندما يكونون ضدّ سياسة الحكومة، ففي نهاية المطاف، أليس هذا هو حجر الأساس للديمقراطية، وجود حكومة تستمع إلى الشعب؟ ويتم تعليم المواطنين أنّ من حقهم أن يصبحوا ناشطين؛ من أجل ضمان خضوع الحكومات للمساءلة، لأنه من الواضح أن تلك المساءلة، وصوت الشعب، هو ما يفترض أن يميّز الدول الديمقراطية عن الدول الاستبدادية.

 

نعلم جميعاً أنها كذبة، ويمكننا رؤية ذلك. حيث تحظر الشرطة الاحتجاجات أو تفرّقها بالقوّة، ويتعرّض منظمو الاحتجاجات للمضايقة والاعتقال، ويتمّ فصل بعض الطلاب من الجامعة.

 

الحقّ في الاحتجاج هو كذبة. إنها كذبة يتمّ تغذية عامة الناس بها حتى يستمروا في التطلع إلى النظام لإيجاد حل. لكن هذا "الحل" لا ينجح إلاّ عندما يكون السياسيون على استعداد للاستماع، وهم على استعداد للاستماع فقط عندما يناسب أجندتهم القيام بذلك. فلم يحصل الأمريكيون من أصل أفريقي على حقّ التصويت في أمريكا إلاّ بعد أن احتاج الرئيس كينيدي إلى أصواتهم للفوز بالانتخابات. ولم تحصل النساء في الغرب على حقوقهن إلاّ عندما احتاجتهنّ الحكومات لدخول سوق العمل. هذا على الرّغم من حقيقة أن كل مجموعة من الناس كانت تحتج لعقود من الزّمن للحصول على ما يعتبر حقوقاً أساسية بشكل أساسي في ظلّ نظام ديمقراطي!

 

فلماذا نتوقّع من الجهاز السياسي نفسه أن يهتم بالنساء والأطفال في غزة، في حين إنهم لا يهتمون بالنساء والأطفال داخل بلدانهم؟ انظر إلى العنف المسلّح في أمريكا، أو مستوى العنف ضدّ المرأة في جميع أنحاء العالم الغربي.

 

ولنتأمل هنا تاريخ هذه البلدان، وما خلفه من موت ودمار في أعقابها. لقد بُنيت الولايات المتحدة على موت الأمريكيين الأصليين، وازدهر العالم الغربي على ظهور العبيد السّود. وخاضت الدول الأوروبية حروباً لا حصر لها ضدّ بعضها بعضا في محاولة للهيمنة. الألمان قتلوا اليهود.

 

ثم ضع في اعتبارك أنّ هذه ليست المرة الأولى التي تأمر فيها الحكومات الشرطة بتفريق الاحتجاجات؛ انظر إلى ردود فعلها على الحركات المطالبة بحقّ المرأة في التصويت في الغرب. انظر إلى معاملتهم للأمريكيين من أصل أفريقي عندما احتجّوا من أجل الحقوق التي كان ينبغي أن تكون لهم طوال الوقت.

 

في الأنظمة الديمقراطية، لا يتمّ التعامل معك باحترام إلاّ إذا قررت الحكومة أن تمنحك هذا الاحترام! وبالتأكيد لا يتمّ منحك حقك في الاحتجاج، إلاّ إذا كان السماح بذلك في مصلحة تلك الحكومات نفسها. وفي الحالات التي لا تقبل فيها ذلك، يتمّ تصنيفك على أنك مخرب أو إرهابي!

 

يخبروننا أنهم يلتزمون بقوانينهم ويتوقعون من الآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه. من الواضح أنها كذبة. لقد واصلوا دعم دولة تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي.

 

"إن ضمّ الأراضي أو الاستيلاء عليها باستخدام القوة أو التهديد، محظور بشكل قاطع بموجب القانون الدولي. وهو يشكل عملاً عدوانياً، وجريمة تدخل في نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ويشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين. وتسعى (إسرائيل) باستمرار إلى ضمّ أجزاء كثيرة من الأرض الفلسطينية المحتلة. على مدى العقود الخمسة الماضية، صادرت (إسرائيل) أو أيدت مصادرة الأراضي والموارد الفلسطينية، ما أدى إلى إنشاء أكثر من 270 مستوطنة تؤوي 750 ألف مستوطن (إسرائيلي)". (المصدر)

 

حتى إنهم ذهبوا إلى حدّ خرق قوانينهم الخاصّة من أجل مساعدة كيان يهود في الإبادة الجماعية الصارخة.

 

"إن إرسال الأسلحة لـ(إسرائيل) لاستخدامها في مذبحة الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة يعد انتهاكاً لستة قوانين أمريكية على الأقل فيما يتعلق بالمساعدات الأجنبية والأسلحة والأنشطة العسكرية... وقد وجدت عمليات نقل الأسلحة الأمريكية إلى (إسرائيل) أن المسؤولين ينتهكون قوانين مثل قانون ليهي (الذي يحظر على وزارتي الخارجية والدفاع تقديم الأموال أو المساعدة أو التدريب لوحدات قوات الأمن الأجنبية حيث توجد معلومات موثوقة عن انتهاكات حقوق الإنسان) وقانون تنفيذ اتفاقية الإبادة الجماعية من خلال دعم جهود (إسرائيل) لارتكاب الإبادة الجماعية في غزة" (المصدر)

 

"على المستوى الدولي، تلك الدول التي تدعم (إسرائيل) بالدعم السياسي أو المالي أو العسكري قد تواجه مسؤولية الدولة إما عن الفشل في منع (المادة الأولى من الاتفاق العام) أو التواطؤ في الإبادة الجماعية (المادة الثالثة (هـ) من الاتفاق العام)" (المصدر)

 

ثم هناك حقيقة مفادها أنّ الدول الغربية تستهدف بشكل صارخ الحقّ في الاحتجاج، وتسنّ قوانين تتحايل على هذا الحق عندما تحتاج إلى قمع الحركات السياسية.

 

في الولايات المتحدة، رفضت المحكمة العليا الاستماع إلى التماس لإلغاء حكم الدائرة الخامسة في قضية مكيسون ضدّ دو. على الرغم من أن حكم المحكمة الابتدائية وضع معياراً للمسؤولية ينتهك التعديل الأول للدستور، ما يشكل عبئاً غير دستوري على حقنا في الاحتجاج. ويعني حكم المحكمة في الأساس أنّ منظم الاحتجاج يمكن أن يتحمل المسؤولية عما يفعله شخص غريب حاضر في الاحتجاج بشخص آخر، ليس لأنّ المنظم طلب منه أو قصد أن يفعل ذلك، ولكن فقط لأنه كان من المتوقع أن يفعلوا ذلك. وهذا يعني أنه لم يعد من الآمن تنظيم احتجاج في لويزيانا أو ميسيسيبي أو تكساس. (المصدر)

 

وفي عام 2022، أقرّت المملكة المتحدة قانون الشرطة والجريمة وإصدار الأحكام والمحاكم. وهذا يمكّن الشرطة من فرض شروط جديدة على الاحتجاج خارج نطاق موقعه وتوقيته وأعداده، على النحو المنصوص عليه في قانون النظام العام لعام 1986. تمّ رفع الحدّ الأقصى لعقوبة السجن لمن أتلف تمثالاً إلى 10 سنوات. واقترح أيضاً خفض الحدّ الأدنى الذي يمكن عنده لوزير الداخلية حظر المسيرات والاحتجاجات بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، ويقال إنه سيتم تشديد قانون تمجيد الجماعات الإرهابية المحظورة، مثل حماس. (المصدر)

 

ورغم أن هذه القوانين سبقت الأحداث الأخيرة في غزة، إلاّ أنها تعطينا نظرة ثاقبة لما يسمى بالدول الديمقراطية. فهم على استعداد لتجاهل القوانين والحقوق القائمة، التي زعموا ذات يوم أنهم يقدسونها، في حين يسنون القوانين التي تسمح لهم بالحدّ من رأي شعوبهم في اختياراتها السياسية.

 

إذن، لماذا لا نزال نعتقد أنّ الاحتجاجات التي تدعو هذه الحكومات ستغير أي شيء؟

 

الاحتجاجات ليست وسيلة للتغيير، إنها أداة يمكن أنّ تؤدي إلى التغيير، ولكن فقط عندما تُستخدم بشكل صحيح. وإذا حكمنا من خلال ما رأيناه من هؤلاء السياسيين، والنخبة السياسية بشكل عام، لماذا نعتقد أنّ استخدام السبل الديمقراطية للتغيير سيساعد الفلسطينيين؟

 

لقد تعلمنا كشعب أن نعتمد على هذه السبل. لقد قيل لنا إذا كنت تريد صوتاً، فاخرج إلى الشوارع وطالب بأن يُسمع صوتك. وهذا ليس خطأ في حدّ ذاته، لكنها ليست طريقة للتغيير.

 

سيقول الأشخاص الذين يدعمون العملية الديمقراطية نعم، هذا صحيح، إنها ليست طريقة للتغيير؛ إنها خطوة نحو التغيير لأنها وسيلة لزيادة الوعي. وهذا عادل بما فيه الكفاية، ولكن عندما ترفع مستوى الوعي داخل دولة ديمقراطية، فإنك تهدف إلى أن يسمعك السياسيون، وأعضاء المجتمع الدولي.

 

وقد أظهروا لنا جميعاً ألوانهم الحقيقية. وكان الناس يأملون في أن تستجيب الأمم المتحدة، لكنها لم تفعل. كان الناس يتطلعون إلى محكمة العدل الدولية لدعم القانون الدولي، لكنها لم تفعل. كان الناس يأملون أن تقوم الحكومات في جميع أنحاء العالم بفرض عقوبات على كيان يهود، لكنها لم تفعل.

 

ومع ذلك، ما زلنا نرى الاحتجاجات داخل دولة ديمقراطية كوسيلة لتحقيق تغيير حقيقي. لماذا؟ لا يمكنك أن تقول إننا بحاجة إلى الوقت، فالديمقراطية لديها الوقت. لقد مرّ أكثر من قرن منذ أن اجتاحت جميع أنحاء العالم وطالبتنا جميعاً بالتشبث بها على أمل مستقبل أفضل. لقد مضى أكثر من 75 عاماً على قيام كيان يهود على الأرض الفلسطينية، وحصلت النكبة الأولى.

 

 

إذن ما الذي ننتظره بالضبط، وقد أوضح كيان يهود أنه غير مستعد للتوقف، وقد أوضحت الولايات المتحدة أنها ستواصل مساعدته، وقد أوضح العالم أنه سيدعم هذا الموقف؟

والآن، مع الانتخابات المقبلة في بلدان حول العالم، هناك الكثير من النقاش حول من سيكون في الحكومة التالية. ولكن يتعين علينا هنا أن نتبنى نهج "من يهتم"، لأننا في حاجة إلى أن ندرك أنه ليس من المهم من يتولى السلطة، فإن السياسة الخارجية لن تتغير. وسيبقى كيان يهود موجوداً، وسيواصل إيجاد طرق لمضايقة الفلسطينيين وتعذيبهم وقتلهم.

كل هذا الاحتجاج تحت راية الديمقراطية، والاعتماد على الانتخابات لسياسة أفضل، والتطلّع إلى المنظمات الدولية بحثاً عن بصيص من الأمل، يحصر حلولنا في الخيارات التي تضعها الديمقراطية أمامنا على المدى القصير؛ "وقف إطلاق النار"، إذا كان الأمر كذلك، يسمح للحكام بمواصلة اتخاذ الخيارات التي يرغبون في اتخاذها.

 

إذن ماذا نفعل؟

 

عندما شنّ جيش كيان يهود هجماته على سكان غزة، ناشد الفلسطينيون العالم طلباً للمساعدة، ووجهوا رسائل تطالب جيوش المسلمين بالتدخل وردّ المعتدين.

 

ألا ينبغي أن يكون هذا نداءً نردّده؟ ألا ينبغي أن نطالب جيوش المسلمين بالردّ على هجوم قوات كيان يهود؟ يخبرنا المنطق السليم أنّ هذا ليس خيارا، بل إنه هو الخيار الوحيد المعروض علينا. عندما تهاجم قوة عسكرية سكاناً مدنيين، فإن الردّ العسكري هو الحلّ الوحيد. وعندما يعجز جيشهم عن حمايتهم، يتدخّل حلفاؤهم. وهذا أمر منطقي، وقد حدث مراراً وتكراراً، ليس فقط في الماضي، بل في الحاضر أيضا.

 

فلماذا نعتقد أنّ الوضع الفلسطيني مختلف؟ لأنّ هذا ما قاله لنا الحكام الخونة والمجتمع الدولي المنافق؟ لأن كيان يهود، الدولة التي يخدم فيها ما يقرب من 50% إلى 60% من مواطنيها في الجيش، لها الحق في الدفاع عن نفسها؟ لقد سمعنا جميعاً الحجج التي تفسّر لماذا يمتلك كيان يهود "الحقّ في الدفاع" عن نفسه، لذلك ليست هناك حاجة للخوض في التفاصيل هنا.

 

لكن فكر في نفاق الموقف للحظة، ثم فكر لماذا، مع كل ما نعرفه، ومع كل ما قرأناه، نعتقد أنه ليس لدينا أي خيار آخر إلاّ الردّ العسكري من جيوش الأمة الإسلامية.

 

أليس الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيون حلفاءنا؟ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا نركض لحمايتهم؟ لماذا نسمح للحكام والمجتمع الدولي بإملاء تصرفاتنا؟ ألا نفهم لماذا من المهم دعوة جيوش المسلمين للرد، وكيف أنّ عدم القيام بذلك يجعلنا بيادق داخل النظام الديمقراطي؟

 

هل نحن خائفون من العواقب؟ لن يتحسن الوضع، بل سيزداد سوءاً، إذا كان الحكام في جميع أنحاء العالم على استعداد لأن يكونوا صارخين في تجاهلهم لقوانينهم، فأين سينتهي هذا؟

 

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فاطمة مصعب

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع