الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ

 

لقد اشترط الله عزّ وجلّ لتحقق النصر أن ننصره فقال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.

 

أي أنّ الله تعالى قد أمر المؤمنين أن ينصروه بنصرة دينه، ووعدهم أنّهم إذا فعلوا ذلك نصرهم وثبت أقدامهم. قد يقال هنا إنّ كلمة النصر وتثبيت الأقدام تعني الفوز في الحرب وهذا صحيح، ولكن ذلك لا ينفي اشتمالها على غير ذلك لأنّ العبرة هنا بعموم اللفظ؛

جاء في التفسير: "﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ﴾ أي دين الله ورسوله ﴿يَنْصُرْكُمْ﴾ على عدوكم ويفتح لكم ﴿وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ في مواطن الحرب أو على محجة الإسلام". فالتثبيت يكون في الحرب ويكون في الدعوة إلى الإسلام.

 

وقال قطرب: "إن تنصروا نبي الله ينصركم الله، والمعنى واحد. ﴿وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ أي عند القتال. وقيل على الإسلام. وقيل على الصراط. وقيل: المراد تثبيت القلوب بالأمن...".

 

واليوم ونحن نفتقد وليّ أمر المسلمين ونعاني غياب الخلافة الإسلامية وتعطل الجهاد يجب أن لا نقول إنّ هذه الآية لا تعنينا أو أن واقعنا ليس مناط حكمها بل الأمر بالعكس تماما فهي تعنينا بل نحن الأحوج من غيرنا لتحقيق شروط النصر حتّى ينصرنا الله ويغيّر حالنا ويفرّج عنّا مصابنا، فنصرة الدين ابتداء تكون باتباعه والخضوع له وتقديمه على كل ما سواه، وثانيا بالدعوة إليه امتثالا لأمر الله، وثالثا بالسعي الجاد لإعادة أحكامه إلى معترك الحياة كما كانت حين أقام رسولنا الأكرم صلوات ربي وسلامه عليه دولة دستورها القرآن وأنظمتها أحكام الشرع.

 

إنّ الآية المذكورة ونظيراتها في القرآن كقوله تعالى ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ وقوله ﴿وكَان حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ وقوله ﴿إِنْ يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ﴾ لهي مبشرّات وتطمين من اللّه عزّ وجلّ لنا أنّنا إذا ما حققنا ما يقع على عاتقنا فهو حتما سيستجيب ويحقق ما وعدنا به، فالواجب إذاً الاشتغال بما يقع في الدائرة التي نسيطر عليها!!

 

لا بدّ لنا ونحن نرى حال إخواننا في غزّة وعظم مصابهم بل وحال أغلب إخواننا في سوريا والسودان والهند وباقي بلاد المسلمين، أن ندرك جيدا ما جاء في تلك الآيات الكريمة وصدق الوعد بالنصر فنعمل جاهدين لتحقق شروطه فيعجل الله بفرجه على أمة الإسلام جمعاء، فالجزاء في آيات النصر جاء من جنس العمل، ولذلك وجب علينا التلبس بالامتثال بما طلبه الله حتّى يأذن الله بأمره وعدم الانشغال بغير ذلك.

 

قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

 

فالمطلوب إذن هو الإيمان والعمل الصالح، والإيمان المقصود طبعا ليس مجرد التصديق والاعتقاد بل هو التصديق الجازم الذي لا يخالطه شك وهو الإيمان الذي يحدث ثورة في النفس فيغيّرها ويجعلها من العاملين. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾.

 

فالإيمان الجازم نعم محله القلب ولكن يصدقه العمل فيكون العمل الصالح نتيجة طبيعية له!

 

ومن ثمّ يأتي الشقّ الثاني من الشرط، يأتي الواجب لامتثال أوامر الله ونواهيه والسعي لنيل رضوان الله بأن يجدنا حيث أمرنا ولا يجدنا حيث نهانا، بل أكثر من ذلك؛ أن نسارع في الخيرات والمندوبات وأن نترك حتّى المباحات إذا خشينا أن نقع في الحرام، كلّ ذلك من أجل أن ننال رضوان الله ونكون من عباده الصالحين.

 

ووجب التأكيد هنا أنّ العمل الصالح لا يعني مطلقا الاكتفاء بالعبادات وإصلاح النفس واعتزال الناس بل كما أكدنا آنفا أن نلتزم بكل الأحكام ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسعي لتغيير الأنظمة الوضعية...إلخ.

 

إنّ حال أمتّنا لا يتحمل أكثر خذلاننا وعدم الإتيان بما أوجبه الله علينا، فمقدساتنا تدنّس وإخواننا في غزّة يبادون، وأهلنا في السودان يجوّعون، وإخواننا في سوريا يعانون، ومآسي أمتنا تطول وتطول، فهلمّ نجعل من رمضان هذا موسما للتوبة والتغيير الجذري الذي يليق بنا كمسلمين فنستعين بالله ونترك عنّا الوهن وحبّ الدنيا، وننشغل بقلع الحكام الخونة وتصدح حناجرنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتعود أمتنا لخيريتها.

 

يا إخواني ويا أخواتي: ماذا علينا أن ننتظر أكثر ليقع لنصحو من غفوتنا ونعود إلى الله؟ أفلا تكفينا الأخبار والمناظر التي تصلنا من غزّة كل يوم؟!! اللهمّ ردّ أمة الإسلام لدينها ردّا جميلا، اللهمّ اجعلنا أهلا لوعدك، اللهمّ اجعلنا أهلا لوعدك، اللهمّ اجعلنا أهلا لوعدك، يا أرحم الراحمين.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

منة طاهر

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع