الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

غزة تتوق لقائد وضابط بطل كسعد بن معاذ رضي الله عنه

 

الجميع يعلم من هو سعد بن معاذ رضي الله عنه، فدائما ما يذكره المسلمون في كل وقت فهو من أبطال الإسلام رضي الله عنه، ويزداد تذكرنا لهذا البطل خصوصا في هذا الوقت الذي تحدث المجازر في غزة، تلك المجازر اليومية المستمرة منذ خمسة أشهر، فهو من بين أبطال المسلمين القادة والعسكريين كخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وأبي عبيدة عامر بن الجراح وغيرهم من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، ثم من أتى بعدهم كقطز وبيبرس وصلاح الدين وقتيبة بن مسلم وغيرهم، فيحن المسلمون ويتوقون إلى مثل هؤلاء القادة.

 

إلا أن الذي استوقفني في سيرة سعد بن معاذ رضي الله عنه أنه دخل الإسلام وعمره 31 سنة وقد توفاه الله فاستشهد وعمره 37 بعد غزوة الأحزاب. فكل البطولات التي قام بها منذ إسلامه رضي الله عنه وحتى استشهاده كانت في مدة 6 سنوات فقط. وفي هذه السنوات الست قام بما يلي:

 

أولا: باع نفسه لدين الهدى على عمر 31 عاما.

 

ثانيا: نصر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وتنازل له عن الحكم في المدينة وبايعه على إقامة أول دولة إسلامية في المدينة وبايعه على حمايته والدعوة ما كان حيا، وبايعه على قتال الأحمر والأسود من الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله محمد رسول الله. ولسعدٍ سهمٌ في كل من أسلم بعد الفتوحات التي قامت بها الدولة الإسلامية فيما بعد لأنه كان سببا في تأسيس هذه الدولة الإسلامية، رضوان الله عليه وعلى المهاجرين والأنصار.

 

ثالثا: نال الشهادة بعد انقضاء غزوة الخندق بأيام فقد انفجر جرحه الذي أصيب به يوم الخندق.

 

رابعا: اهتز عرش الرحمن لوفاته وكان عمره لمّا استشهد سبعاً وثلاثين سنة، قال رسول الله ﷺ: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرَّحْمَنِ لِمَوْتِ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ».

 

خامسا: خرج المسك عند حفر قبره وشيعه سبعون ألف ملك.

 

سيد الأنصار سعد بن معاذ هذا الصحابي الجليل في مدة ست سنوات نصر الإسلام ونبيه وأقام دولته وبايع رسول الله ﷺ على الطاعة ووفى ذمته وجاهد معه واستشهد في سبيل الله وقاد الأنصار لبيعة النبي ولتأسيس الدولة ولحمايتها بعد إقامتها، كل ذلك في ست سنوات فقط. فتحت فيما بعد بلاد نجد والحجاز والعراق والشام وأفريقيا والهند والسند وروسيا وأوروبا حتى أسوار فينا. قائد عسكري وشهيد واهتز عرش الرحمن لوفاته وشيعه سبعون ألف ملك، وخرج المسك من قبره وقال ﷺ فيه وهو مسجى في فراشه مصابا قبل استشهاده وكان سعد رضيَ الله عنه مسجّى بثيابٍ بيضاء، لا تغطّي جسده كلّه، فجعل الرسول ﷺ يضع رأسه في حِجر سعد، ويدعو قائلاً: «اللَّهُمَّ إِنَّ سَعْداً قَدْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِكَ، وَصَدَّقَ رَسُولَكَ، وَقَضَى الَّذِي عَلَيْهِ، فَتَقَبَّلْ رُوحَهُ بِخَيْرِ مَا تَقَبَّلْتَ بِهِ رُوحاً»، فخاف أهل بيت سعد من تصرّف النبي ذاك، فأخبرهم أنّه يستأذن من الله تعالى أن تشهد الملائكة وفاة سعد.

 

وفي ذلك عبرة يا جنرالات الجيوش ويا ضباطها ويا جنودها، إن سعدا لم يحتج خمسين عاما ولا عشرين ولا عشرة أعوام حتى يسلم ويقوم بكل هذه البطولات ويحقق أسمى الأمنيات ورضوان الله ورسوله، كل ما احتاجه سعد لكل ذلك 6 سنوات فقط. فما بالكم أنتم الذين ولدتم أصلا مسلمين، وتدربتم وتعلمتم العسكرية وحملتم النياشين وقُدتم المجموعات المتنوعة في الجيوش لعشرات السنين! ما بالكم تنظرون لغزة وهي تمزق إربا، تنظرون لها وكيان يهود يسوم أهلها أصناف العذاب وأشكاله! تنظرون لغزة وقد أصبح من بقي من أهلها في مجاعة وعوز ومرض وسقم وبرد وهوان! تنظرون لغزة وقد استغاثكم كل شيء فيها حتى المساجد والمشافي والمخابز! تنظرون لغزة مدة خمسة أشهر دون أن نسمع منكم حركة جندي أو سرية أو فرقة، وكأن الأمر لا يعنيكم، وكأن المجزرة في كوكب آخر، وكأن أهل غزة ليسوا مسلمين مثلكم، بل تنظرون لغزة وعدد من حكامكم يدعمون كيان يهود بما يلزمه من غذاء وغيره من الأشياء التي يحتاجها ليفتك بأهلنا في غزة!!

 

هل تعلمون أن بطولة سعد بن معاذ يمكنكم محاكاتها اليوم بالتوكل على الله والعزم على التحرك لنصرة غزة ولو بسرية أو فرقة أو مجموعة أو بطيارة أو بمدفعية أو إطلاق صاروخ أو باقتحام حدود أو بعصيان حاكم عميل أو الكثير من الأعمال التي يمكنكم عملها لقيادة الجماهير لنصرة غزة وتغيير حال المسلمين اليوم؟ نعم حركة صادقة مخلصة واحدة اليوم قد تجعلكم غدا عند رب العزة محشورين مع سعد بن معاذ وخالد بن الوليد وغيرهم، فأنتم لستم بحاجة لمزيد من التأمل والتفكر، فالعمل مهما صغر أو كبر فإنه مبارك ومن خلفه توفيق الله عز وجل ورضوانه، فالنصر لمن ينصر الله والجنة لمن يطيعه.

 

هل يرضيكم أن تبقوا كما بقي غيركم في الجيوش حتى سن التقاعد، عشرات السنين، ولا تذكر الشعوب فعالا لكم؟! بل لا تعرفكم الشعوب بالاسم، لأنكم لم تقوموا بغزوة أو معركة أو سرية ضد أعداء الأمة وعبر عقود خدمة، بل كنتم حامين لحدود رسمها لكم الإنجليز والفرنسيون لتعزيز الفرقة والانقسام بين شعوب الإسلام!! بل إنكم قضيتكم أعماركم وأنتم تحمون حاكما يحكم بالكفر ويأتمر بأمر المستعمرين ويبدد ثروات الأمة وينشر الفساد والإفساد في الأرض! فهل هذه هي وظيفتكم التي أمركم الله بها؟! هل هكذا يصان الإسلام والبلاد والعباد؟! هل ستقابلون الله بهذه الصحائف السوداء؟! ألا تتعظون بسيرة هؤلاء الأبطال أمثال سعد وخالد وصلاح الدين؟!

 

إن غزة تنتظركم من خمسة أشهر، وإن عدوها هو كيان يهود، لا يختلف مسلم في عدائهم لله ونبيه ودينه وأمته، وهذه الفرصة قد أتتكم وما زلتم منذ شهور لم تغتنموها، فانظروا أمركم وقرروا لأنفسكم مع من ستحشرون؟ مع سعد وصحبه أم مع فرعون وهامان وجنده والعياذ بالله؟!

 

قال تعالى: ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ وقال: ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. فرج ممدوح

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع