الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ما يسمى بمحكمة العدل الدولية! إقرار لهيمنة الغرب وقرار لصالح كيان يهود!

 

أصدرت المحكمة الدولية في لاهاي يوم 2024/1/26 قرارا يتعلق بالدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا بارتكاب كيان يهود إبادة جماعية، ولكنها برأت كيان يهود الغاصب لفلسطين الذي يمارس الإبادة الجماعية منذ 75 عاما من ممارسته للإبادة الجماعية في غزة. فقال القرار: "إن على (إسرائيل) أن تتخذ كل الإجراءات التي في وسعها لمنع ارتكاب جميع الأفعال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية"، وأضاف القرار أنه "يتعين على (إسرائيل) الالتزام بستة تدابير مؤقتة من بينها الامتناع عن القتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة وضمان توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة في القطاع بشكل فوري". حتى إنها لم تطلب من كيان يهود وقف عدوانه، فأقرته على مواصلة عدوانه، بل أقرت ما قام به فلم تدنه على ما قام به من أعمال من أبشع أنواع الإبادة الجماعية في غزة!

 

تقول اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948: "إن الإبادة الجماعية ترتكب بقصد التدمير كليا أو جزئيا لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية"، وتشمل "قتل أعضاء جماعة وإلحاق أذى بدني أو ذهني خطير بأفراد جماعة وتعمد أحوال معيشية يراد بها تدمير جماعة كليا أو جزئيا". وهل هذا الكلام لا ينطبق على ما قام به المجرمون اليهود بكل حقد وضغينة في غزة من قتل لعشرات الآلاف من الأطفال والنساء والرجال وتدمير المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات على من فيها وجرفهم ودفنهم أحياء ومنع الطعام والماء والدواء والكهرباء والوقود عنهم وكل أسباب العيش عنهم على مدى نحو 4 أشهر؟!

 

ومع ذلك فإن كيان يهود لم يعجبه القرار، لأنه يرى نفسه فوق البشر، إذ قال رئيس وزرائه نتنياهو: "إن مجرد النظر في الدعوى أمر مشين وإن مجرد النقاش في موضوع ما يفعله جيشه هو عار لن تمحوه أجيال"! فتلك غطرسة وعنجهية ما بعدها غطرسة وعنجهية! فاليهود يرون أنفسهم أنهم هم البشر، بل هم فوق البشر الآخرين، وغيرهم حيوانات بشرية على حد قول مسؤوليهم المتغطرسين، أو شبه آدمية على حد قول آخرين منهم. هذه النظرة المتعالية واصطفاف العالم الغربي معهم وسكوت الأنظمة في العالم الإسلامي، بل منها من يدعم كيان يهود ولم يقطع علاقاته التجارية والدبلوماسية، كل ذلك جعل يهود يتمادون في ممارسة الإبادة الجماعية.

 

فمصر السيسي تشدد الخناق على غزة، حتى إن رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية ضياء رشوان قال يوم 2024/1/24: "إن مصر أقامت منطقة عازلة بطول 5 كيلومترات من رفح المصرية حتى الحدود مع غزة، ودمرت أكثر من 1500 نفق، وقوّت الجدار الحدودي مع القطاع بجدار خرساني ارتفاعه 6 أمتار فوق الأرض و6 أمتار تحت الأرض، أصبح هناك 3 حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية يستحيل معها أي عملية تهريب لا فوق الأرض ولا تحتها"! فهذا المسؤول الغبي على شاكلة رئيسه السيسي الغبي، يفضح نفسه ورئيسه ونظامه بأنه مشارك فعلي لكيان يهود في الإبادة الجماعية بتشديده الحصار على أهل غزة بإقامة جدار على شاكلة جدار يهود على غزة وإقامة حواجز وتدمير الأنفاق كما يفعل كيان يهود.

 

وتركيا تنطلق منها يوميا 8 سفن لدعم كيان يهود باعتراف وزير المواصلات التركي عبد القادر أورال أوغلو يوم 2024/1/11 أن نحو 701 سفينة انطلقت من موانئ تركيا إلى (إسرائيل) منذ 7 تشرين أول/أكتوبر حتى 31 كانون أول/ديسمبر 2023 أي بمعدل 8 سفن يوميا تقريبا (الجزيرة 2024/1/11). ويدافع وزير خارجيتها حقان فيدان عن موقف تركيا المتخاذل بعذر أقبح من ذنب، فعندما سألته قناة الجزيرة في 2023/11/19: لماذا لا يتم قطع العلاقات مع الاحتلال (الإسرائيلي)؟ قال: "إن قرار قطع العلاقات يجب أن يكون جماعيا ومشتركا في كل العالم الإسلامي ودول أمريكا اللاتينية"، "يجب أن يكون القرار موحدا وجماعيا لكل الدول حتى يكون قويا.. ولهذا عندما تم الحديث عن مثل هذه الأمور وغيرها اتخذنا قرارا بأنها يجب أن تكون جماعيا"، "ولا يجب أن تخطو تركيا خطوة لوحدها دون أن تكون هناك تحركات على مستوى المنطقة والعالم العربي والإسلامي والمهم أن تكون ذات تأثير". وعندما ذكّرته القناة أنه لا يمكن أن يحصل مثل هذا القرار الجماعي! كرر قوله: "إن تركيا لن تقطع علاقاتها مع (إسرائيل) إلا إذا كان هناك قرار جماعي". وهذا يدل على مدى سقوط النظام التركي برئيسه أردوغان ومسؤوليه في الخيانة والنذالة. وهو يدلي بهذه التصريحات وكأنه فهلوي وصاحب دهاء وما هي إلا خزي وعار تفضح حقيقة هذا النظام والقائمين عليه. فالنظام التركي لم ينتظر قرارا جماعيا لدعم أذربيجان ولا قرارا جماعيا للتدخل في سوريا لدعم نظام بشار أسد وكذلك ليبيا... بل كل ذلك كان بأوامر أمريكية، فلو جاء أمر من أمريكا لقطع العلاقات مع كيان يهود لقطعها فورا!

 

والإمارات والأردن تواصلان دعمهما لكيان يهود ولا تقطعان العلاقات معه وكذلك المغرب والبحرين.

 

لقد رحب أردوغان وكافة الأنظمة في العالم العربي والإسلامي بقرار المحكمة الدولية، ليتخلصوا من المسؤولية، وليقولوا كذبا وزورا لقد أنصفت المحكمة أهل غزة وقضي الأمر، وما علينا إلا أن ننتظر تنفيذ قراراتها! وهي قرارات جائرة.

 

فهذه المحكمة محكمة ظلم وليست محكمة عدل، أقامها الغرب للتغطية على جرائمه ولصبغ قراراتها بصبغة شرعية، وكل قراراتها مسيسة تخدم مصالحه، ولجعل الدول تحتكم إليه لتثبيت هيمنته على العالم، وأنه القائد والقاتل والحكم؛ فقد سحبت الدول الغربية باسم قوات الأمم المتحدة السلاح من المقاتلين المسلمين في سربرنيتشا بالبوسنة عام 1995 بدعوى أنها ستؤمن لهم الحماية وسمحت للصرب النصارى أن يقوموا بارتكاب الإبادة الجماعية بنحو 10 آلاف مسلم، عدا دعمهم للمذابح الأخرى والاغتصاب لعشرات الآلاف من النساء المسلمات. ومن ثم جاؤوا بقائد قوات الصرب ميلاديتش ليحاكموه في هذه المحكمة حتى يجعلوه كبش فداء ويغطوا على جريمتهم! ومثل ذلك فعلوا في رواندا عام 1994 بأن بقيت القوات الدولية والفرنسية والأمريكية تتفرج على إبادة قبيلة الهوتو لقبيلة التوتسي فقتلت منهم نحو 800 ألف، أي أبادت الهوتو نحو 75% من التوتسي خلال 100 يوم عدا مئات الآلاف من حالات الاغتصاب. ومن ثم عقدت المحكمة الدولية عام 1998 ضد رئيس قبيلة الهوتو وحاكم رواندا بول أكاسيو ليكون كبش فداء هو الآخر ويغطوا على جريمتهم.

 

وهكذا يصنع الغرب يقتل ويدمر ومن ثم يعقد المحكمة، وربما لا يعقدها إذا كانت الدولة قوية، فلم تعقدها ضد أمريكا التي ارتكبت الإبادة الجماعية في العراق وأفغانستان، أو لا تتهم كيان يهود وقادته المجرمين ولا تحاكمهم.

 

إن مجرد رفع الدعوى إلى ما يسمى بمحكمة العدل الدولية هو إقرار بهيمنة الغرب على العالم، فهو الذي أقامها ويطلب من العالم التحاكم إليه. فهو الذي يجب أن يحاكم أولا على جرائمه تلك، وعلى جرائمه بدعم كيان يهود وعلى جرائمه في حقبة الاستعمار للبلاد الضعيفة وما ارتكبه من ممارسات للإبادة الجماعية كما فعل في الجزائر ومن نهب لثروات تلك البلاد التي يستعمرها، وما فعله بأهل أمريكا الأصليين عندما قتل عشرات الملايين منهم.

 

ولا يوجد عدل إلا في الإسلام الحق دين الله العادل، فحق أن تقام محكمته في الأرض لتنصف المظلوم وتعاقب الظالم، وحق أن تقام دولته؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسعد منصور

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع