الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

التوافق الوحيد المقبول هو الذي يكون أساسه عقيدة الإسلام

 

من يبصر واقع مصر والأمة بعمومها يدرك حتمية التغيير حتى وإن لم يدرك كيف يكون ولا بمن يكون هذا التغيير، إلا أنه يدرك أن هذا الظلم يستحيل أن يبقى ويستمر، وهذا يدفع للبحث عن أسباب الأزمات وواقعها وكيفية علاجها، لأن كثيرا من الأمور والمؤامرات صارت واضحة لا تحتاج لبحث ولا تفصيل فقد كثر من يبحثون في الواقع، ويسهبون في تفصيل وبيان ما فيه، وأسبابه ومعالجاته وإن كان تفكيرهم من داخل الصندوق وينطلق من الواقع في فهم الأسباب ووضع المعالجات، فكان التركيز على العرَض دون المرض الحقيقي، وقطعا لن تكون هناك جدوى لمعالجات تطمح لعلاج عرَض مرضُه يأكل الأمة؛ جسدها وأطرافها وكل ما فيها، والغرب يريد مصر والأمة هكذا بعيدا عن أصل الأزمة التي تجلب لها كل الكوارث والنكبات فتبقى بعيدا عن الحل الجذري الذي يعالج كل مشكلاتها بلا استثناء.

 

إن الغرب يريد أن يحصر نظر الناس في الأزمة الاقتصادية وفشل رأس النظام في إدارتها مركّزا على اعتبار أن النظام هو رأسه وحاصرا الصراع في إطار الديمقراطية، مطلقا أبواقه من سحرة فرعون لصياغة رأي عام يفكر على أساس الواقع ولا يفكر في تغييره فيصبح خيار الناس بين سيئ وأسوأ، ويكون اعتراضهم على فشل رأس النظام في تطبيق الديمقراطية والانصياع لقوانينها التي بزعمهم ملزمة، وتناسوا أنها قوانين توافقية من وضع البشر تخضع لأهوائهم وتستجيب لغرائزهم، فهي قوانين يصنعها الرأسماليون والحكام الأقوياء لاستعباد الشعوب ونهب ثرواتها، وهي قاصرة في نظرتها لحاجات الناس وغرائزهم فضلا عن كيفية إشباعها على الوجه الصحيح.

 

إن الصراع الحقيقي ليس مع رأس النظام، ولا يعنينا نجاحه أو فشله في إدارة البلاد بل يعنينا لصالح من يحكمها وبماذا يحكم، فالصراع على حقيقته مع من هم خلفه ويمسكون بحباله ويطوقون عنقه والنظام الذي يحكم البلاد به ويجبر الناس على الخضوع له، هؤلاء من يجب أن يكون صراعنا معهم ومع النظام الديمقراطي الرأسمالي الذي يحملون.

 

إن من يريد التغيير حقا يجب أن يخرج من الصندوق وأن يكون تفكيره من أجل تغيير الواقع لا على أساسه، وأن لا يخضع لخيارات الغرب فيختار بين سيئين وإنما يختار الأفضل والأصلح والصواب، فأي محاولات للتغيير من داخل النظام تبقي عليه وتمنحه قبلة الحياة، فمشكلة مصر ليست مع شخص رئيس النظام ولا إساءته تطبيق الديمقراطية عليهم، فالمشكلة في الديمقراطية نفسها وفي قوانينها الرأسمالية التي لم تعد تملك أي حلول.

 

إن من يعمل لتغيير النظام من خلال الديمقراطية يدور في حلقة مفرغة ويخرج من فشل إلى فشل، فالأزمة هي في الديمقراطية نفسها وليست فيمن يحكم بها ويطبقها على الناس، ولا في تداول السلطة من خلالها أو نزع صلاحيات حاكم أو منعه من الترشح، فالأزمة في كون النظام من نتاج عقل بشري يخضع للهوى والرأي وتؤثر فيه المصالح العقلية القاصرة، ولا ضمانة فيه لعدل الحاكم بل تضعه فوق المساءلة وفوق القانون وخاصة في بلادنا التي لا قوانين فيها أصلا، والغرب نفسه يعاني في ظل الديمقراطية ويبحث عما ورائها.

 

من يعمل للتغيير دون أن يحمل في يده وقلبه مشروعا بديلا، بل نجزم أنه إن لم يحمل الإسلام بنظامه ودولته ومشروعه الحضاري كبديل حقيقي، فعليه أن يلزم بيته ويوفر جهده فهو جزء من النظام وجزء من المؤامرة التي تحاك لمصر والأمة، والتي تهدف لبقائها في ربقة التبعية والاستعباد إلى ما شاء الله، فلن يُخرج مصر مما هي فيه إلا الإسلام بنظامه ودولته، فما الذي يميز الإسلام عن غيره ويجعله السبيل الوحيد لتغيير حقيقي ناجح لحال مصر والأمة بعمومها بل وللعالم أجمع.

 

 من يريد إنقاذ مصر حقا عليه أن يفكر خارج الإطار وأن يخرج بعقله خارج الصندوق الذي وضعه الغرب وينظر للأمور من زاوية أخرى غير وجهة نظر الغرب وحلوله ومعالجاته، فمعالجات الغرب وقوانينه الدولية التي استند إليها محمد علي في وثيقته لم توضع لبلادنا بل وضعت لدول معينة لضمان مصالحها فقط، وهي نفسها لا تلتزم بتلك القوانين التي وضعتها إذا تعارضت مع مصالحها والأمثلة على ذلك كثيرة.

 

من يريد لمصر خيرا يجب أن يحمل الإسلام كمشروع حضاري بديل يواجه به هذا النظام الرأسمالي ويتحدى فساده بمعالجات حقيقية لمشكلات الناس التي تعدت الأشخاص، فاقتلاع الأشخاص وإن كان مهماً إلا أنه يجب أن يكون مصحوبا باقتلاع النظام بكل سياساته وأدواته ورموزه وثقافته، وأن يُستبدل به نظام حقيقي في مصدره، ومعالجاته لا تخضع لهوى البشر ولا تفرق بينهم بل تنظر لهم جميعا على حد سواء حكاما ومحكومين، فقراء وأغنياء، بلا امتيازات دينية ولا طائفية ولا عرقية، ولا يملك هذا إلا مشروع الإسلام الحضاري بما فيه من أحكام تضمن العدل والكرامة والحرية والمساواة للناس جميعا مسلمين وغير مسلمين، ومشروع الإسلام الحضاري هو دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وهو ما ندعوكم في حزب التحرير للتوافق حوله، دعوة كالتي دعاها رسول الله ﷺ لوفد نجران؛ تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن يكون الله ورسوله مرجعيتنا، وأن يكون الشرع بيننا هو الحكم، وأن ننظر فيما يصلح مصر وأهلها والأمة بعمومها كيف كان وكيف يكون، ويقيناً لا صلاح لمصر بغير الإسلام بنظامه وشرعه وأحكامه وقوانينه التي أخرجت مصر قديما من ظلم الرومان وضمنت لهم كرامتهم وحريتهم وأعادت لهم ثرواتهم التي كانت نهبا للروم حينها، والآن لن يخرج مصر من ظلم الغرب ورأسماليته ويحررهم من عبودية قروضه غير الإسلام، وهذا ما ندعوكم في حزب التحرير للتوافق عليه وهو وحده طريق الخير لمصر وأهلها ولا خير بغيره ولا توافق من دونه، وأي تحييد له هو سير في طريق الفشل والتفاف على رغبة الناس واستنساخ للنظام الذي أذاقهم الويلات.

 

يجب أن ننوه إلى أن أمريكا صاحبة النفوذ في مصر تعلم حب أهل مصر للإسلام وتخشى أنّ تململهم جراء سياسات عميلها على رأس السلطة قد يتحول إلى ثورة ربما تأتي للحكم بحكام يطبقون الإسلام حقا، ولهذا فهي تستبق الأحداث وتحاول تغيير دفة الصراع بجعله يصطبغ بعلمانية خالصة فتطمئن حينها على مصالحها، التي تعلم يقينا أنها لن تحصّلها ولن تنال من ثروات مصر شيئا لو تغير النظام بغير إرادتها وتحولت مصر لدولة تطبق الإسلام ونقطة ارتكاز لدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فصراعهم الحقيقي هو مع الإسلام الذي يقطع أيديهم التي تنهب ثروات بلادنا وليس مصر وحدها.

 

وأخيرا فالقرار في يد المخلصين من جيش الكنانة وهم وحدهم من بيدهم القدرة على تغيير المعادلة لو توقفوا عن خذلان أمتهم ونصروا دينهم والمشروع الحضاري المنبثق عنه والضامن الوحيد لخير مصر وأهلها بل والأمة بعمومها بل والعالم أجمع وقد اكتوى بنار الرأسمالية وتوحشها، فضعوا أيديكم أيها المخلصون في أيدي إخوانكم القادرين على تطبيق الإسلام في دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، نصرةً كنصرة الأنصار تعيد العدل للأرض وتعادل القوى وتعيد أمة الإسلام سيدة الدنيا كما كانت تنشر الخير والعدل وتخرج الناس من ظلم الرأسمالية وظلماتها وتظلهم بعدل الإسلام ورحمته التي أرسى دعائمها رسولنا ﷺ وتبعه الصحب الكرام، فكونوا على نهجهم عسى الله أن يجمعنا وإياكم بهم كرامة في الدنيا والآخرة، اللهم عاجلا غير آجل.

 

﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سعيد فضل

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع