- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الانتخابات التركية وتداعياتها على تونس
لا يخفى على كل متابع سياسي أن اهتمام وسائل الإعلام المحلية والدولية بالانتخابات الرئاسية التركية كان أمرا لافتاً ومثيرا للانتباه، حيث خصصت كبرى القنوات الفضائية التركية والعربية والغربية برامج خاصة بمتابعة سير الانتخابات الديمقراطية لحظة بلحظة، وزاد اشتعال فتيل النقاشات في مواقع التواصل الإلكتروني من شد انتباه المتابعين، في عملية إنعاش واضحة للديمقراطية التي تآكل رصيدها عالميا ورُفع نعشها في أكثر من عاصمة غربية. ثم أصبح مغناطيس العملية الديمقراطية التركية أكثر قدرة على الجذب عند المرور إلى الدور الثاني من الانتخابات لأول مرّة منذ تأسيس تركيا "الحديثة". فإلى أين تسير الأمور في تركيا؟ وما هي تداعيات نتائج الانتخابات على تونس؟ والأهم، إلى أي مدى سينجح الضوء الأخضر الأمريكي في تكريس تمدد النفوذ التركي بنسخته الحالية؟
1- حول الدور الإقليمي لتركيا: تقدم من بوابة رعاية المصالح الأمريكية
بداية، وقبل الخوض في أبعاد الانتخابات الرئاسية التركية ونتائجها المرتقبة وتداعيات ذلك على منطقة شمال أفريقيا ومنها تونس، فإنه لا بد من الإشارة إلى طبيعة الدور الإقليمي المتزايد لتركيا خلال العقد الأخير، وإلى تمدد نفوذها السياسي والعسكري في المنطقة على حساب دول أخرى أُنهكت جيوشُها النظامية على غرار العراق وسوريا، وإلى وجود طموحات توسعيّة تحت غطاء حفظ الأمن القومي تحركها وتغذيها النعرة القوميّة، وتستمد مشروعيتها من السير في فلك أمريكا، الدولة الأولى في العالم.
ولذلك لن نجانب الصواب إذا قلنا إن السياسة التركية تقوم على ركيزة أساسية، هي التعامل مع الأحداث وخدمة مصالحها من زاوية النظر التي تحقق أهداف أمريكا، أي محاولة التأثير في المحيط الإقليمي بما يخدم المصالح الأمريكية، وهذا ما جعلها سبّاقة في تطبيع العلاقات مع كيان يهود.
بهذه النظرة القاصرة، فإن السياسة التركية لا تقوم على الاعتماد على العمق الاستراتيجي الحقيقي والخزان الشعبي للأمة الإسلامية، ولا على محاولة أخذ القيادة الفكرية للبلاد العربية باعتبارها واسطة العقد ضمن المشروع الحضاري الإسلامي كما فعلت الخلافة العثمانية في أوج قوتها، بل أغمضت السياسة التركية عينها عن العديد من مكامن القوّة والأسس الحقيقية للنهضة، وعوّلت بدرجة أساسية على القوى الناعمة وعلى التضليل الإعلامي الذي يدغدغ مشاعر المسلمين من أجل تسويق النموذج التركي المغشوش القائم على مسايرة أمريكا في الخارج وعلى المدنيّة دون الحضارة في الداخل، فغفلت عن الأسس الفكرية للنهضة الراشدة، وعن التأثير المباشر في الموقف الدولي.
فقد عدّلت تركيا بوصلتها على أولويات الإدارة الأمريكية في المنطقة فحملت لواء الديمقراطية وجهرت بعلمانيتها وجعلت من الضوء الأخضر الأمريكي المعيار الأساسي في رسم سياساتها الخارجية، وبالتالي في لعب الأدوار السياسية المطلوبة أمريكيا، وهو ما جعلها تتبوأ مكانة متقدمة في حلف شمال الأطلسي، فكانت عونا لأمريكا في العراق ومن قبله في أفغانستان، فضلا عن تمكنها من تحقيق ما عجزت عنه إيران في سوريا من وضع اليد على القيادات الفصائلية اللاهثة وراء سراب الدعم التركي وجرّها إلى حتفها، كما أن سياسة خلط الأوراق التي اعتمدتها أمريكا لإضعاف الدور الأوروبي في سوريا ثم في ليبيا، جعلها تتقدم مع روسيا على جميع دول أوروبا في إعطاء الحلول، وهو ما يفسر الحملة الإعلامية الأوروبية الأخيرة ضد إمكانية صعود أردوغان مجددا في انتخابات 14 أيار/مايو.
- ففي سوريا، كان لتركيا دور بارز من خلال مشاركتها الفعالة في مؤتمرات جنيف وأستانة وسوتشي وحرصها على الدفع نحو الحل الأمريكي من أجل إعادة تشكيل النظام والتطبيع مع الطاغية أسد.
- أما في الملف الليبي، فقد برز دورها بشكل صارخ بتوقيع الرئيس التركي أردوغان ورئيس الوزراء الليبي فايز السراج على مذكرتي تفاهم في 27/11/2019 للتعاون الأمني والعسكري بين أنقرة وطرابلس، وتحديد مجالات الصلاحية البحرية، فضلا عن الدعم المعلن لحكومة الدبيبة الذي أعلن منذ أسابيع قليلة من إسطنبول أن تركيا هي نموذج الدولة الناجحة.
هذا دون أن ننسى الدور الذي لعبته تركيا في أذربيجان المسلمة، حيث تدخلت لصالح أمريكا على حساب أهل البلد تحت عنوان الدعم المغشوش نفسه والوقوف إلى جانب الشعب الأذري ضد أرمينيا.
ربما فاتنا أن نذكر بطبيعة الدور الذي أسند مبكرا إلى النظام التركي بزعامة أردوغان قبيل تصدع أنظمة المنطقة العربية: حيث إنه نتيجة للهاجس المتصاعد للغرب وعلى رأسه أمريكا بقرب قيام دولة للمسلمين تنهي تحكم الاستعمار في بلاد الإسلام، فقد سارعت أمريكا إلى محاولة صياغة المنطقة الإسلامية بمشاريع هيمنة عليها مثل "الشرق الأوسط الكبير" في 2003، ثم عدّلته إلى "مشروع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" وقدّمته إلى الدول الصناعية الثماني التي انعقدت في حزيران 2004 بمنطقة سي آيلاند. وقد أراد الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الابن لأردوغان رئاسة مشروع الشرق الأوسط الكبير بعد حصوله على ميدالية الشجاعة اليهودية من اللوبي اليهودي في أمريكا، وذلك بحسب اعترافات الراحل نجم الدين أربكان، أستاذ أردوغان - قبل انفصاله عنه - في مؤتمر خاص عقد في 2007 بمركز أبحاث الاقتصاد والاجتماع في تركيا.
ولذلك، صار التطبيع مع كيان يهود حجر الزاوية في هذا المشروع الذي يرعاه النظام التركي منذ عشرين عاما، ولعلّ هذا هو سر تقارب تركيا في الفترة الأخيرة مع بقية الأنظمة المطبعة في المنطقة على غرار مصر والسعودية وقطر والإمارات، وحتى المغرب التي التحقت هي الأخرى بقافلة المطبعين، في انتظار تونس التي يزداد الضغط عليها من أجل جرّها إلى معسكر الدول المطبعة!
ثم أمام موجة الثورات العربية التي انطلقت شرارتها من قلب الشمال الأفريقي تونس أواخر 2010، ازداد الاهتمام الأمريكي بهذه المنطقة، وصارت ضمن أولويّات البيت الأبيض من أجل الحفاظ على التفرد بتسيير دفة السياسة العالمية دون منافس، لتسارع أمريكا بحسم الأمور في مصر لصالح عميلها السيسي، وتجد لنفسها موطئ قدم في ليبيا مستعينة بتركيا، وترغم كلاً من تونس والمغرب على توقيع اتفاقيات تعاون في المجالين الأمني والعسكري، فضلا على إسنادهما صفة "حليف أساسي" من خارج الناتو، وتنشئ قاعدة عسكرية تابعة للأفريكوم جنوب إسبانيا على تخوم شمال أفريقيا، وتعيد ترتيب الأوراق في السودان لصالح رجالاتها من العسكر المتكالبين على السلطة وتحاول فرض الحلول الأمريكية على عملاء بريطانيا مستغلة ضعفهم وعجزهم، وتسعى إلى افتعال الأزمات وزعزعة نفوذ الأوروبيين في المنطقة على غرار ما يفعله زعيم جبهة البوليساريو ضد النظام المغربي وما تشكله منطقة الصحراء الغربية من خطر على الجارة الجزائرية أيضا، وكل ذلك يصب في سياق واحد في علاقة بالصراع على الشمال الأفريقي، هو الوصول إلى الجزائر ذات الثقل الاستراتيجي في المنطقة بعد محاوطة أطرافها وتطويقها بالكامل، حتى إنها اضطرت هي الأخرى إلى تطبيع العلاقات مع نظام أسد.
هنا يأتي بلا شك دور تركيا أردوغان، لتتقدم مجددا من بوابة رعاية المصالح الأمريكية في المنطقة، فلا تكتفي بما حققته من مصالح في ليبيا، ولا بمسارعتها إلى عقد اتفاقيات أوّلية مع الجزائر، وإنما يُراد أن يكون لها دور في تونس أيضا.
2- تداعيات الانتخابات التركية على تونس
إن المتابع للشأن الداخلي التركي وللتحالفات التي أجراها حزب العدالة والتنمية من أجل الفوز بالانتخابات البرلمانية فضلا عن المرور إلى الدور الثاني في الانتخابات الرئاسية ضد كمال كليجدار أوغلو، يدرك أن أردوغان قد خسر شعبيته أكثر من أي وقت مضى، وأن هناك انقساما حقيقيا في الداخل التركي حول أحقيّة أردوغان وفريقه بالحكم، رغم كل الإنجازات التي صنعها رجالات تركيا في عهده، الأمر الذي اضطره إلى تبادل الأدوار مع المعارضة وإلى الإيهام بوجود ديمقراطية حقيقية، حتى يستمر في القيام بالدور الموكول إليه إقليميا في ملفات حارقة على غرار الملف السوري، ولذلك وجدناه يتاجر بقضية اللاجئين السوريين ويشهر هذه الورقة في وجه الدول الأوروبية التي رفضت لجوء أهالي سوريا. ومع ذلك، فالأرجح أن تكون الرئاسة من نصيب أردوغان مجددا، وأن تكون خسارته أمرا مستبعدا ومفاجئا لسببين أساسيين:
أولا: لأنه يمسك بخيوط اللعبة في الداخل مستعملا في ذلك أجهزة الدولة وموهما عامّة الناس بأنه ضحية مؤامرة دولية.
ثانيا: لأنه الطرف المعوّل عليه في استكمال مشروع الهيمنة الأمريكية في المنطقة.
أما تداعيات إعادة انتخاب أردوغان على تونس، فيُفترض أن تكون كما يلي:
لا يخفى على تركيا أن أمريكا تحاول استغلال هشاشة النظام في تونس وضعفه وأنها لا تهنأ حتى تجد ثغرة تنفذ منها إلى بسط نفوذها في تونس وضرب إرادة التغيير على أساس الإسلام، ولذلك فهي ترى أن بإمكانها لعب دور في هذه الخاصرة الرخوة من منطقة شمال أفريقيا، وإلى استغلال موقعها ضمن حلف الناتو، خاصة أمام الضغط الدولي المتزايد على تونس ودفعها نحو الانهيار التام.
فمن جهة لا يبدو أن قيس سعيد الذي ارتمى في أحضان ماكرون قادر على إخراج تونس من عنق الزجاجة بل من قاعها، ومن جهة أخرى، لم تعد بريطانيا هي الأخرى قادرة على رص صفوف أتباعها خاصة داخل حركة النهضة المتشظية، ففي النهضة مخلصون وفيهم من يثقون بتركيا وبرئيسها أردوغان، فشكل كل هذا عائقاً أمام بريطانيا وزادها ضعفا على ضعف، بل وفتح طريقاً لتركيا التابعة لأمريكا للتأثير داخل حزب النهضة وتهديد قيادة الغنوشي للحركة من الداخل، ولذلك فلا غرابة أن يعود احتكار تمثيل "الإسلام السياسي" في تونس، من بوابة تركيا التي تجري اتصالات حثيثة ببعض القيادات (سرّا وعلانية) من أجل إنعاش الديمقراطية في تونس، بعد أن كفر الناس بانتخاباتها، فتفرض على دعاة الإسلام المعتدل شروط العودة إلى الواجهة.
ففيما قام السفير التركي في تونس كاجلار فهري شاكير ألب بلقاء السيد عبد اللطيف المكي في أكثر من مناسبة، باعتباره من أكثر القيادات التي أشادت بالنموذج التركي في مغازلات علنية واضحة، حيث لم يقف الأمر عند الدعوة إلى حسن استغلال الفرص مع تركيا، بل وصل الأمر يوم 29/06/2016 إلى حد تبرير موقف التطبيع مع كيان يهود بأنه تخفيف لحدة التوتر، فقد جاء تعليق المكي على الانتخابات الرئاسية مؤخرا ترجمة للانسجام المتبادل وأكثر تعبيرا عن الموقف التركي الرسمي، حيث صرح بأن الرئيس التركي أردوغان أسّس للنخوة الوطنية في تركيا، وهو ما يجعله الأقرب للفوز، وأنه لن يستطيع أي شخص آخر أن يخرج عن السياسات التي وضعها أردوغان.
في الأثناء، هناك محاولة تركية واضحة لاستدراج المنصف المرزوقي واستقطابه لم تقف عند لقائه بشخصيات تركية مؤثرة وفسح المجال الإعلامي أمامه في الداخل التركي بعد آدائه الصلاة في آيا صوفيا وإعلان تأييده لأردوغان، بل وصلت إلى حد لقائه بالائتلاف السوري المعارض في إسطنبول واستدعائه لـتأثيث محاضرة عن بعد في جامعة إدلب بمشاركة مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي، الذي خصص مقالة نشرت في موقع الجزيرة بتاريخ 01/05/2023 بعنوان "هل تدرك تونس قيمة الغنوشي قبل فوات الأوان؟" لعلها تكفي لاستقطاب البقية المتبقية من أتباع النهضة، خاصة في ظل اعتقال رئيس الحركة، ما يمهد الطريق لتركيا كي تنفذ إلى البلد من بوابة دعم انتقال ديمقراطي جديد...
في الأثناء، تمضي تركيا في المناورة، وفي محاولة المسك بطرفي النزاع. ففي الوقت الذي تؤكد فيه إعلاميا وقوفها مع راشد الغنوشي وتبدي تخوفها على مستقبل الديمقراطية في تونس، نجد أن سفير تركيا في تونس، قد سارع إلى تهنئة رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة بمناسبة انتخابه، مسلّماً إياه رسالة خطية من نظيره رئيس المجلس الوطني الكبير التركي، معربا عن ارتياحه للعلاقات الممتازة القائمة بين تونس وتركيا والعمل المتواصل على مزيد دعمها وتطويرها في مختلف المجالات ولا سيما في المجال البرلماني من خلال تكثيف تبادل التجارب والخبرات وتوفير فرص اللقاء بين البرلمانيين من البلدين.
وهكذا تمضي تركيا في حمل لواء الديمقراطية، وفي تدجين الحركات الإسلامية وفق اجتهادات الإدارة الأمريكية وفقهها الديمقراطي لتتخذ من المشاريع الوطنية العلمانية أساسا لنهضة مغشوشة تنتهي بالارتماء في أحضان كيان يهود، أين يصبح التنسيق الأمني والتعاون العسكري مع أعداء الأمة حكمة سياسيّة، وتصبح الديانة الإبراهيمية عنوان الغزوات التبشيرية، وتصبح الدعوة إلى الخلافة وإلى تحريك الجيوش لنصرة الدين أفكارا تكفيرية تستوجب الاستئصال وشن حرب على أصحابها ودعاتها على غرار ما يفعله الحوثيون في اليمن وهيئة (تحرير) الشام في سوريا. فهلا تجاوز أحفاد محمد الفاتح وعقبة بن نافع هذه الأطروحات البالية وهذه الأفكار العقيمة من ديمقراطية وعلمانية ووطنية وقومية، والتي أثبتت فشلها طوال قرن من الزمان وأقبلوا على إسلامهم بصفائه ونقائه، فأقاموا الخلافة الراشدة الموعودة عقب هذا الملك الجبري المتداعي إلى السقوط والانهيار؟ وهلا تبرؤوا من "الإسلام المعتدل" ودعاته قبل فوات الأوان؟
إنّ ثورة المنطقة العربية من البلاد الإسلامية جاءت في لحظة من لحظات التاريخ النادرة، إذ تزامنت مع تساقط مقوِّمات القوّة والهيمنة التي بها أحكم الغرب - وعلى رأسه الولايات المتحدة - قبضته على العالم، ما أدّى إلى تراخٍ واضح لهذه القبضة رغم بعض الانتصارات الإعلامية الوهمية، فانقسم المجتمع في أمريكا وانشغلت روسيا بأزماتها وضعف الاتحاد الأوروبي وتعددت مظاهر الأزمة الحضارية الغربية. ما يعني أنها اللحظة السانحة للأمّة الإسلامية المرشّحة الوحيدة لوراثة الحضارة الغربية، بما تمتلك من مشروع حضاري متكامل، فضلاً عن مقوِّمات القوّة المادّية التي من شأنها - لو انتظم عقدها في دولة ذات شأن - أن تجعل هذه الأمّة بأقصى سرعة الدولة الأولى في العالم. وإن الأصل في تركيا أن تُعِدَّ نفسها لتلقف هذه اللحظة التاريخية، وأن تكون على موعد مع الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، حيث تلتحم الطاقة العربية بالطاقة التركية وتنصهر شعوب المنطقة في بوتقة الإسلام، فتعيش مستقبلا مشتركا في ظل الخلافة كما عاشت ماضيا مشتركا، ونعتذر جميعا للبشرية عن هذه الحقبة التاريخية التي فرض فيها الاستعمار مفاهيم الرأسمالية والديمقراطية.
قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.
المهندس وسام الأطرش – ولاية تونس
المصدر: جريدة التحرير – العدد 442 – 21/05/2023م