الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

واجبنا كمسلمين تجاه جراح أمـّتنا الدامية

 

أصبح واضحا جلياً حجم المآسي والكوارث التي يحياها المسلمون بسبب غياب دولة الخلافة التي تحمي بيضة الإسلام وتردّ كيد الأعادي عن المسلمين. فالحروب التي يشنّها الأعداء هي على كل الجبهات، وهي قد جعلت دم المسلم مستباحا فلا نصير له ولا مغيث.

 

لا تكاد تمر الأيام إلا وتنزل بالمسلمين نوازل ومصائب جديدة تضاف إلى سابقاتها تحرق القلوب ويسيل لها الدمع، تزيد الألم والحرقة وتنكأ الجراح لتتجدد معها الأوجاع وتشتدّ، فماذا يجب علينا كمسلمين حيال ذلك؟!

 

كثير من المسلمين يتأثرون جدا عند مشاهدة أحوال إخوانهم في البرامج الإخبارية؛ فمنهم من يبكي لصور أشلاء المسلمين في الهند، ومنهم من يدعو للاجئين من سوريا، ومنهم من يتصدّق عن أهل فلسطين، وغير ذلك من ردود الأفعال الرحيمة التي تلي النكبات، فهل يا ترى كل ذلك يكفي عند الله؟ وهل يبرئ من فعل ذلك ذمته أمام الله، خاصة وأنّ حال الأمة من سيئ إلى أسوأ؟!

 

إنّ الويلات التي نحياها كمسلمين يجب أن توقظ مشاعرنا وتشحذ هممنا للعمل لتغيير الواقع الأليم والعودة إلى المكان الطبيعي لأمة الخيريّة التي اصطفاها الله.

إنّ ردود الأفعال الوقتية لا تحقق المطلوب ولا توصل إلى المبتغى ولا ترضي الله وحدها إذا كانت بمعزل عن التفكير الجاد والعمل المنتج.

 

إنّ التفكير الجاد بوصفنا مسلمين في حالنا وما آل إليه، يوصلنا إلى نتائج صريحة وحقائق ملموسة بأننّا أمّة بلا راع؛ تكالبت عليها الأمم، وأنّ حكامنا نواطير أعدائنا يراعون مصالحهم لا مصالحنا، وأنّ صلاح حالنا هو باتباع هدي رسولنا الأكرم والعضّ بالنواجذ على ديننا الذي كان في الماضي مصدر قوتنا وأساس دولتنا، وبالتالي فإنّه لن يصلح حالنا إلا بما صلح به حال المسلمين الأوائل الذين كانوا بدورهم في جاهلية تخنقهم فقاموا وثاروا عليها وحملوا عقيدة الإسلام بقوة حتى أكرمهم الله وأقاموا دولة في المدينة دستورها منبثق من شريعة الله.

 

إنّ ذلك التفكير الجاد يجب أن يكون منصبّا حول الحلّ والدواء، أي المنهج والطريقة والأساليب التي تؤدي بنا للنتيجة التي نرجوها وهي تغير حالنا وإيجاد كيان يذود عنّا ويحقق لنا العيش الكريم والرفاهية.

 

وينتج عن ذلك التفكير الصادق المنتج اتخاذ قرارات مصيرية حول واجبنا كمسلمين تجاه أمتنا وضرورة العمل الجاد المجدّ لانتشالها ممّا هي فيه.

إنّه لا بدّ لنا من استغلال النوازل التي نمّر بها لإشعال جذوة في قلوبنا تكون وقودا يحركنا ويشحذ هممنا، وإنّها أي النوازل أفضل الأوقات للعمل الجاد لإعادة تشكيل وعي المسلمين وتوعيتهم على دربهم التي يجب أن يسيروا فيها وبث ثقافة البذل والعطاء للدين فيهم، وأنهم أصحاب رسالة النبيّ من بعده.

 

يجب تحميل جميع المسلمين مسؤوليتهم، فحتّى الشيخ الكبير والغلام الصغير والمرأة العجوز يجب عليهم حمل هموم أمتهم، والسعي جاهدين لنصرة دينهم.

وكيف يهنأ لمسلم عيش وفلسطين تنزف ومسرى رسول الله مستباح ليهود؟! آلاف المسلمين يقتلون وينكل بهم، مسلمات الهند وأفغانستان والعراق وسوريا يستصرخن بلا مجيب! قرآننا يدنّس! وغير ذلك من الأمور التي أنبتت الشيب في رؤوسنا وجعلتنا أيتاما على مأدبة اللئام.

 

 إنّه يجب أن لا تغيب عن أذهاننا مآسي أمتنا لأنّ انطباع الألم في نفوسنا سيدفعنا إلى تجديد العهد مع الله كلما ضعفنا أو أصابنا الوهن واليأس، إذ سيكون حاضرا في مخيلتنا ذلك المشهد المهيب لإخواننا المكلومين وهم بين يدي الله يوم القيامة يشكون تقاعسنا وخذلاننا، فمن ذا الذي سينجينا حينها من غضب الله؟!!

 

لقد أوضح الله لنا التجارة التي ستنجينا من عذابه يومئذ في هذه الدنيا إذ قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون﴾.

 

فالمطلوب منا هو جهاد النفس والمجاهدة بالغالي والنفيس في سبيل دين الله حتّى ننجو، ولا مناص لنا إلا بذل أموالنا وأنفسنا في درب الحقّ والسعي جاهدين في ذلك الدرب رغم وعورته ومشقته لتتوفر فينا صفات المؤمنين حقا الذين يستوفون شروط نصر الله والوعد بالاستخلاف والتمكين بعد الضعف والهوان. قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾.

 

يجب على كل مسلم أن يستشعر أنّه فرد من أمَّة اصطفاها الله، لها تاريخ عريق يحمل أروع صفحات المجد والعزة، أمة القرآن والإسلام العظيم، أمّة لا يليق بها ما وصلت إليه من تشرذم وذل وهوان، وأنّ مفتاح النهضة ما زال بفضل الله بأيدينا، وأنّنا قادرون على إعادة هذا التاريخ المشرف ليرى رأي العين، وأننّا قادرون على وضع حدّ لمآسي المسلمين إذا قمنا قومة رجل واحد بإقامة الخلافة حافظة الإسلام والمسلمين والتي ستردّ كيد المعتدين.

 

فيا إخواننا هلمّ إلى ما فيه عزّ الدنيا والآخرة.

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلاميّ المركزيّ لحزب التّحرير

هاجر اليعقوبي

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع