الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الإحسان من موجبات التغيير

 

 

التغيير من أكثر المفاهيم التي لازمت الحياة الإنسانية من فجر نشأتها إلى وقتنا الحاضر، وهو المصطلح الأكثر تناولا في الحوارات والنقاشات والجلسات بين الناس خصوصا بعد اندلاع الثورات في البلاد الإسلامية، حتّى أصبح مفهوم التغيير قانونا أساسيّا في الحياة وضمن نواميسها.

 

والتغيير مفهوم أصيل مستمدّ من القرآن الكريم ومن سنّة رسول الله ﷺ بصفتها النموذج التطبيقي لمفهوم التغيير الجذري للإنسان وللأفكار وللأمم.

 

لكن ما علاقة التغيير بالإحسان؟

 

إنّ التغيير في حياة الفرد المسلم أمر ملازم له نفسيّا وفكريّا، فالعبد المؤمن يخطئ ويذنب ثم يستغفر ويتوب ويتحوّل من مرحلة الضّلال والتّيه إلى الاستقامة والرّشد، فيُغيّر موقفه وينتبه لمصيره ويُقبل على نفسه يُغيّر ما بها ثم يُقبل على أهله وأقربائه، ويتحوّل ذلك الانتقال الفكريّ والنفسيّ والسلوكيّ إلى المجتمع ليُغيّر مفاهيم الناس وسلوكيّاتهم، وصولا إلى الدولة وقوانينها لإحداث نقلة نوعيّة في طريقة عيش الناس وأنظمتهم وأفكارهم وأعرافهم.

 

والتغيير الصحيح الذي تنهض به أمتنا يقوم على إرادة جماعيّة وقيادة واعية وسيادة الشرع لتوجيه مسار التغيير حتى لا ينحرف أو يفشل، وهذا ما جعل الثورات في بلادنا الإسلاميّة غير ناجحة رغم الهبّات الجماهيريّة في مختلف الأقطار ورغم إرادة الأمّة، لكن حينما اختُطفت هذه الإرادة من قيادات فاشلة تابعة، وحينما كانت الطريقة في التغيير بعيدة عن الطريقة الشرعيّة وليس لها ميزان شرعيّ، سقطت هذه الثورات رغم ما أحدثته من تحوّلات في الأفراد والمجتمعات.

 

ذلك أنّه حينما تُبذل الجهود وتُقدّم التضحيات وتُستَنزف الطّاقات دون إتقان ودون إتيان بما هو مطلوب شرعا بالطريقة التي حدّدها الشرع وبالكيفيّة التي فرضها الله سبحانه وتعالى، تبوء هذه المحاولات في التغيير بالفشل والانهيار.

 

فهل يمكن مثلا أن نرشد عبدا مؤمنا أراد أن يقلع عن معصية ويتوب إلى الله ويتغيّر ويُحدث في نفسه نقلة، أن نُرشده لغير كتاب الله وسنّة رسوله ﷺ؟ هل يُمكن أن يتوب عن ذنبه بارتكاب ذنب أكبر منه فيبحث عن الاستقامة في الضلال؟!

 

كذا الأمر نفسه في تغيير الأمّة الإسلاميّة، هل يُمكن أن تُحدث تغييرا وتُحقّق نهضتها وتُحيي قَومتها من جديد بالديمقراطيّة والليبراليّة أو العلمانيّة وهي أمّة إسلاميّة وخيريّتها وصلاحها بالإسلام؟!

 

فمفهوم الإحسان ببساطة هو إتقان الطاعة والإتيان بما هو مطلوب شرعا وفق طريقة الشرع دون زيادة أو نقصان، وحينما يتحقّق مفهوم الإحسان لدى الفرد والأمّة يحدُث التغيير الصحيح، فتكون إرادة الأمة قويّة ثابتة ويكون اختيارها للقيادة التي تتبنّى قضيّتها قيادة حكيمة واعية مستندة للشرع، ويكون مطلبها في التغيير على أساس الإسلام، وهنا فقط نتحدّث عن الإحسان في صنع التغيير.

 

جاء في صحيح مسلم عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ».

 

فهل يُعقل أن نُحسن في الذّبح كما أمرنا الله ورسوله ولا نُحسن في نهضة أمتنا وتغييرها وتنظيم علاقاتنا وقوانينا ومصالحنا كما أمرنا الله ورسوله؟

 

فالإسلام يُلزمنا بتطبيق الطريقة الشرعيّة في كلّ عمل، ويدعو إلى حسن تطبيقها ليضمن نجاحها، فليس المطلوب في الإسلام مجرَّدَ القيام بالعمل، بل لا بُدَّ من الإحسان والإجادة فيه وأدائه بمهارة وإحكام، وهذه الأعمال منها ما هو مُتعلّق بالفرد ومنها ما هو مُتعلّق بالجماعة ومنها ما هو مُتعلّق بالدولة.

 

فهل ستسقط ثورة أمّة أحسنت في مطالبها للتغيير وطريقتها في النهوض؟

 

هل ستسقط دولة أحسنت لرعيّتها في تطبيق الإسلام فبلغت به أعلى مراتب العزّ والمجد؟

 

يقول الله سبحانه: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: 26]

 

فمن أحسنوا لدينهم بالعمل لإعزازه وإعلائه أحسن الله لهم وزيادة.

 

ومن أحسنوا لأمتهم بالعمل على نهضتها وإقامة الخلافة الراشدة مكّن الله لهم ونصرهم وزيادة.

 

فاللهم اجعلنا من المحسنين، واكتب لنا أجر المحسنين، وجازنا بجزاء المحسنين، واجعلنا يا رب من عبادك الصالحين.

 

 

#رمضان_والإحسان

#Ramadan_And_Ihsan

#Ramazan_ve_İhsan

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نسرين بوظافري

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع