الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

كيف تعامل المسلمون مع بشارات رسول الله ﷺ؟

 

لقد بشر رسول الله ﷺ المسلمين بالعديد من البشارات التي تحفزهم على العمل والاطمئنان بتحقق النصر، منها ما قد تحققت ومنها لم تتحقق بعد، ومن البشارات التي تحققت؛ عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال «لَمَّا كَانَ حِينُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ عَرَضَتْ لَنَا فِي بَعْضِ الْخَنْدَقِ صَخْرَةٌ لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، فَاشْتَكَيْنَا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَجَاءَ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ. فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَهَا، وَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ السَّاعَةَ. ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ فَقَطَعَ الثُّلُثَ الْآخَرَ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسٍ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قَصْرَ الْمَدَائِنِ أَبْيَضَ. ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ وَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، فَقَطَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا السَّاعَةَ» (فتح الباري لابن حجر).

 

وقد تحققت هذه البشارة التي أخبرت عن اتساع الفتوحات الإسلامية وكان ذلك في عصر الخلافة الراشدة الأولى على منهاج النبوة، والإخبار عنها في وقت كان المسلمون فيه محصورين في المدينة يواجهون المشاق والخوف والجوع والبرد القارس. فما إن انتقل النبي ﷺ إلى الرفيق الأعلى حتى واصل المسلمون بالطريقة التي رسمها لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام. فكان خليفة المسلمين إمامهم، يحكمهم بشرع الله، ويجاهد بهم في سبيل الله، فتجوب جيوشهم فيافي القفار وتخوض مراكبهم عباب البحار لإعلاء كلمة الله ونشر العدل في ربوع العالم. فتحققت البشرى تلوى الأخرى...

 

وفي هذه الأيام تمر بنا ذكرى فتح القسطنطينية، فقد جاء في الحديث عن عَبْد اللَّهِ بن عمرو بن العاص قال: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلاً قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلاً، يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ»، رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال عنه "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، وعلق عليه الذهبي في التلخيص قائلاً: "على شرط البخاري ومسلم". وكذلك في الحديث الشريف عن عَبْد اللَّهِ بْن بِشْرٍ الْخَثْعَمِيّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ  يَقُولُ: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ» رواه أحمد والبزار.

 

ولنا وقفة مع بشرى فتح القسطنطينية وكيف تسابق المسلمون لتحقيقها، فكانت أولى المحاولات لِفتح القسطنطينيَّة سنة 49هـ، المُوافقة لِسنة 669م، وذلك في عهد مُعاوية بن أبي سُفيان، إذ أرسل حملةً عسكريَّةً بريَّةً ضخمة لِحصار المدينة بقيادة فضالة بن عُبيد الله الأنصاري الذي توغَّل في عُمق الأراضي البيزنطيَّة حتّى وصل إلى خلقدونيَّة القريبة من العاصمة الروميَّة. وقد أمضى فضالة شتاء تلك السنة في أملاك الإمبراطوريَّة وكان مُعاوية يمُدُّه بالإمدادات والمؤن. وقد قامت هذه الإمدادات، بقيادة سُفيان بن عوف، بتنفيذ الحصار على العاصمة البيزنطيَّة. [ابن الأثير الجزري، أبو الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني. الكامل في التاريخ (الطبعة الثانية). بيروت - لبنان: دار الكتاب اللبناني. صفحة 227.] إلَّا أنَّ المسلمين لم يُحرزوا انتصاراتٍ حاسمة، فاضطرّوا إلى فك الحصار والعودة إلى دمشق. وتوفي في هذه الغزوة الصحابي أبو أيّوب الأنصاريّ الذي رافق جيش فضالة ودُفن عند أسوار القسطنطينيَة. [ابن خيَّاط الليثي، أبو عمرو بن أبي هُريرة خليفة. تحقيق أكرم ضياء العُمري، الناشر. تاريخ خليفة بن خيَّاط (الطبعة الأولى). النجف الأشرف - العراق. صفحة 197].

 

ثم عاود المسلمون الكرَّة على القسطنطينيَّة في خِلافة سُليمان بن عبد الملك، سنة 98هـ المُوافقة لسنة 717م...

 

وإلى جانب المحاولات سالِفة الذِكر، جرت بضع مُحاولات أُخرى لم تبلغ المدينة نفسها بل وصلت ضواحيها ثُمَّ ارتدَّت عنها، وقد وضعها بعض المؤرخين من جُملة محاولات المسلمين لفتح القسطنطينيَّة، ومنها حملة الخليفة العبَّاسي هارون الرشيد لمعاقبة قيصر الروم الإمبراطور نقفور الأوَّل، والتي تمكَّن خلالها من فتح مدينة هرقلة إحدى ضواحي القسطنطينيَّة. ثم تلتها محاولات من الدولة العثمانية قبل عهد محمد الفاتح ولكن لم تتحقق هذه البشرى في تلك المحاولات.

 

وفي مثل هذه الأيام بدأ الفاتح غزو القسطنطينية ومحاصرتها اعتباراً من السادس والعشرين من ربيع الأول حتى تم فتحها فجر الثلاثاء العشرين من مثل هذا الشهر جمادى الأولى 857هـ، أي أن الحصار استمر نحو شهرين، ولما دخل محمد الفاتح المدينة ظافراً ترجل عن فرسه، وسجد لله شكراً على هذا الظفر والنجاح، وبذلك تحققت هذه البشرى على يدي هذا الشاب محمدٍ الفاتح الذي لم يتجاوز الحادية والعشرين، ولكنه كان قد أُعِدَّ إعداداً مستقيماً منذ طفولته، فقد اهتم والده السلطان مراد الثاني به، فجعله يتتلمذ على يد خيرة أساتذة عصره، ومنهم أحمد بن إسماعيل الكوراني الذي ذكر السيوطي أنه كان أول معلمي الفاتح، وقال عنه: إنه "كان عالماً فقيهاً، شهد له علماء عصره بالتفوق والإتقان، بل إنهم كانوا يسمونه: أبا حنيفة زمانه"، كذلك الشيخ آق شمس الدين سنقر الذي كان أول من زرع في ذهنه منذ صغره حديث رسول الله ﷺ عن "فتح القسطنطينية"، وكبر الفتى وهو يصبو إلى تحقيق ذلك الفتح على يديه...

 

هكذا كان المسلمون الأوائل بخلفائهم وجيوشهم يتسابقون جادين مجدين لتحقيق بشارات رسول الله ﷺ، وهكذا هي عظمة الإسلام والمسلمين عندما يوضع الإسلام موضع التطبيق في الدولة والمجتمع. واليوم فمن يحوز شرف الانضمام إلى هذه القائمة الشريفة وتحقيق بقية بشارات رسول الله ﷺ؛ إقامة خلافة الإسلام وقتال يهود وفتح روما؟ هل يحوزه حاكم يطلب الرضا والمودة من أمريكا؟ أو حاكم يسارع لكسب مودة يهود؟ أو حاكم مستبد ظالم فاسق لا يحكم بشرع الله؟ أو حاكم يفضل أحكام الطاغوت والجاهلية على حكم رب العالمين؟ أو حاكم عميل مسلط على رعيته لا يرقب فيهم إلاً ولا ذمة؟!

 

لقد خلا الجو في بلاد المسلمين للغرب الكافر المستعمر بعد هدم الخلافة العثمانية في 3 آذار/مارس 1924م فعاث في الأرض فساداً، وأهلك الحرث والنسل، فقسم بلاد المسلمين إلى دويلات ضرار، وكيانات كرتونية، ونصب على كل كيان عصابة من أبناء جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، فطوَّبوا البلاد لحساب أسيادهم، وضربوا وجوه الناس بسياط كأذناب البقر، وجندوا جيوشا لحماية كراسيهم، وقتلوا نفوساً كثيرة، وفتحوا سجوناً كبيرة وكثيرة، وخربوا عقول الناس بأفكارهم النتنة المتخلفة، وأوجدوا أجيالاً لا تعرف إلا الولاء للعائلة الحاكمة أو الحزب الحاكم أو الرجل الحاكم.

 

هذا هو حال الحكام في بلاد المسلمين اليوم، وأصبحنا والله نشك في رجولة قواتنا المسلحة، وأصبحنا والله نشك في إيمانهم وتقواهم، وأصبحنا والله نشك في مروءتهم وشهامتهم، فما الذي يقعدهم بعد كل ما سمعوا ورأوا؟ وما الذي يشغلهم ويمنعهم من أداء واجباتهم التي أنيطت بهم، ويأخذون عليها الرزق من دماء المسلمين وأموالهم؟ ويحهم، حرقوا أعصاب المسلمين وهم ينتظرون تدخلهم في الأحداث لتصويبها، وأصابوهم بالجلطات الدموية والسكتات الدماغية والانهيارات العصبية والانتكاسات النفسية وجميع أمراض الكآبة والحزن بانتظار انتفاضتهم التي تطيح بعروش الحكام الخونة الأنذال! ويحكم، ما الذي دهاكم أيها الضباط والجنود؟ ماذا أصابكم يا أحفاد عمرَ وصلاحِ الدين؟ ادحضوا شكوكَنا في رجولتكم وتقواكم وكونوا عند حسن الظن بكم، وانفضوا عن أنفسكم غبار الذل والمهانة، وامسحوا عن أمتكم عار الهوان والاستضعاف والاستكانة، وسارعوا بتحقيق بشرى رسول الله ﷺ بنصرة حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة وقتال يهود وفتح روما.

 

إن إقامة الخلافة وتحرير بيت المقدس يجعلنا في صف عباده المصطفين، الذين خصّهم الله قبلنا بهذه الفضيلة التي لا يجارينا فيها مُجارٍ، ولا يبارينا في شرفها مُبار، فطوبى لذلك الجيش، طوبى له من جيش ستظهر على أيديهم المعجزات النبوية، والوقعات البدرية، والعزمات الصدّيقية، والفتوحات العُمرية، والجيوش العثمانية، والفتكات العلوية، طوبى له من جيش يجدد للإسلام أيام القادسية، والملاحم اليرموكية، والمنازلات الخيبرية، والهجمات الخالدية، والفتوحات الصلاحية. طوبى لهم أن أنعم الله عليهم ليكونوا الجيشَ الذي يُفتح على يديه بيت المقدس في آخر الزمان مرة ثانية، والجندَ الذي تقوم بمدافعهم وطائراتهم ودباباتهم بعد انقطاع الخلافة أعلامُ الإيمان وراية العُقاب، فيوشك أن يفتح الله على أيديهم المزيد من العواصم والبلدان كروما ولندن وواشنطن، وأن تكون التهاني لأهل الخضراء أكثر من التهاني لأهل الغبراء. طوبى لهم بتحقق بشرى الحبيب المصطفى بفتح روما، لما رواه أحمد وغيره عن أبي قبيل قال: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي وَسُئِلَ أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللَّهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ، قَالَ: فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَكْتُبُ إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا - يَعْنِي قُسْطَنْطِينِيَّةَ».

 

طوبى لهم عندما تتحقق نبوءة رسول الله بانتشار الإسلام في كل ركن من أركان الأرض فلا يبقى بيت وبر ولا مدر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل، فعن تميم الداري قال: سمعت رسول الله يقول: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزّاً يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلّاً يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ». وطوبى لهم ثم طوبى عندما يخضع العالم أجمع لحكم الإسلام، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ قال: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا». فما أعظمها من بشارة، وما أصدقها من نبوءة، وما أروع أن يتلبس المسلمون اليوم بعمل يحقق على أيديهم تلك البشارة. فاللهم اجعلنا من هؤلاء القوم الذين يقيمون الخلافة، ويحررون بيت المقدس، ويفتحون روما وجميع عواصم الكفر، اللهم اقطع دابر القوم الذين ظلموا من الأمريكيين ويهود ومن والاهم من حكام المسلمين.

 

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ سليمان المهاجري – ولاية اليمن

 

#فتح_القسطنطينية
#
القسطنطينية

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الخميس، 16 كانون الثاني/يناير 2020م 14:29 تعليق

    بوركتم وبوركت جهودكم الطيبة
    #فتح_القسطنطينية
    #القسطنطينية
    #İstanbulunFethi
    #istanbul
    #ConquestofIstanbul
    #Constantinople

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع