أمريكا تستغل حاجة العالم لها للوقوف ضد الخلافة القادمة إن شاء الله
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما بدأ العالم والذي بات رأسماليا بشرقه وغربه يشعر بخطر الخلافة الإسلامية القادمة والتي بات قيامها حتميا حسب تصريحاتهم هم، كان لا بد من قوة قادرة على تأخير قيامها إن أمكن والوقوف في وجهها في حال قيامها. وقد كانت روسيا هي أول من صرحت بخوفها وقلقها من قيام الخلافة على لسان بوتين في مؤتمر براغ وهي الحلقة الأضعف أمام الخلافة الإسلامية ضمن سلسلة الدول الكبرى لعدة عوامل أهمها: أعداد المسلمين الضخمة التي تحيط بها (جمهوريات المسلمين)، بالإضافة إلى المسلمين الموجودين داخل روسيا الاتحادية نفسها وحالة العداء المتأصلة ورغبة المسلمين للثأر من الروس، لتليها دول أوروبا عدوة الإسلام والمسلمين التقليدية تاريخيا والتي هدمت خلافتهم واستعمرت بلادهم وقسمتها وفعلت بهم ما فعلت، ولا زالت هي الحلقة الثانية من حيث الضعف، هذا بالإضافة إلى الدول الكبرى الأخرى وخصوصا القريبة من البلدان الإسلامية والتي يوجد فيها مسلمون.
ولما كان العالم يدرك أن باستطاعة أمريكا أن تبتعد عن الصراع المباشر مع الخلافة إن هي تخلت عن مصالحها في بلاد المسلمين رغم صعوبة هذا الخيار على أمريكا إلا أنه ممكن وخصوصا أن هنالك دعوات متصاعدة داخل أمريكا يطلقها بعض مفكريها وسياسييها لكنه يبقى خياراً مطروحاً عندما يدرك الرأي العام الأمريكي حجم المخاطرة التي يمكن أن تقع فيها أمريكا من جراء الزج بها في المواجهة وجعلها العدو الرئيس لدولة الخلافة مع بقاء العالم في المواجهة على استحياء خوفا من تأثير المواجهة على دولهم؛ لذلك عمدت أمريكا إلى ابتزاز العالم وبدأت تفرض شروطها عليهم لاستغلال حاجة العالم إليها في هذه المواجهة، وكان من هذا الاستغلال:
1- روسيا:
الطلب إلى روسيا بل وتسخيرها لدعم النظام الإيراني سياسيا وماديا في الملف الإيراني النووي، والوقوف بجانبه دوليا ضد الدول الأوروبية بالإضافة إلى تزويده بما يلزم من المعدات العسكرية ومساعدته في التصنيع العسكري وأمور أخرى، علما أن إيران هي بيضة القبان للسياسة الأمريكية في المنطقة وهي حجر الرحى في السياسة الأمريكية، وكذلك سخرت روسيا لدعم نظام بشار وتزويده بكل ما يلزمه عسكريا والوقوف معه دوليا وفي مجلس الأمن في موقف كان له الأثر السيئ على روسيا دوليا وأخلاقيا، وقد استطاعت أمريكا تحويل الروس إلى حمار تمتطيه للمحافظة على مصالحها والإبقاء على عملائها دون أن يكون للروس مصلحة مباشرة في ذلك.
2- دول أوروبا وخصوصا بريطانيا:
استغلت أمريكا حاجة أوروبا لها في هذه المواجهة لإعادة صياغة المنطقة التي سبق وأن أعدت لها منذ سنين وذلك بإعادة تقسيم المقسم أصلا والذي سبق لبريطانيا وفرنسا أن قسمته، بدءا من العراق ومرورا باليمن مع استحواذ واضح على بعض القوى وخصوصا العسكرية الفاعلة كالحوثيين في اليمن وقوات حفتر في ليبيا بالإضافة إلى بعض القوى السياسية مثل الحراك الجنوبي في اليمن والكثير من أعضاء مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه في ليبيا والضغط على عملاء الإنجليز في لبنان من قوى 14 آذار للوقوف مع الحكومة والرئاسة ضد ثورة الشام واللتين تقعان تحت سيطرة حزب إيران عملاء أمريكا.
ثم تسخير أكثر دول العالم في إقامة تحالفها الدولي تحت قيادتها المباشرة وإخضاعهم للمشاركة ولو الرمزية معها في غاراتها على تنظيم الدولة الذي كان أحد أدوات تقسيم العراق عمليا وحال بين نظام بشار والسقوط السريع قبل أن تُجهز أمريكا بديلها، ثم استخدمته أمريكا حجة تبرر به تدخلها وتحالفها والتي نجحت في تسويقه عالميا لتضيف لنفسها قيادة جديدة وعملية للكثير من دول العالم، مع الإبقاء على بعض الدول العميلة لها والفاعلة في المنطقة مثل إيران وتركيا خارج هذا التحالف لاستخدامها عند الحاجة في أمور أخرى، منها إذكاء نار الفتنة الطائفية وإطالة أمدها وزيادة اشتعال جذوتها فهي أهم أسلحتها لضرب وحدة الأمة والحيلولة دون قيام خلافتها، فإيران تمثل ما يسمى بالشيعة وتدعمهم في حربهم الطائفية، وتركيا تمثل ما يسمى بالسنة ولم يعد يخفى تورطها في دعم تنظيم الدولة.
هذه بعض جوانب استغلال أمريكا لحاجة العالم لها في حربه على دولة الخلافة قبل قيامها، والتي قد تحول الظروف السياسية دون قيامها بهذا الدور المطلوب منها عالميا بعد قيام الخلافة...
وفي الختام أقول: لنتذكر أمرين غاية في الأهمية لا يخطران في أذهان سياسيّي العالم ولن يستطيعوا أن يعدّوا لهما عدتهما وهما...
1- أمر الله ووعده ونصره: فإن إقامة الخلافة هي وعد الله ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾ ولن يخلف الله وعده، وهي بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)، وكذلك بقاؤها وانتصارها ونجاحها في سرعة ضم بلاد المسلمين بعد قيامها هو أيضا بيد الله الذي أمره بين الكاف والنون ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾.
2- إن حزب التحرير وبتوفيق الله أولا، هو الأقدر عمليا على إدارة الصراع الدولي بكل حنكة ودراية فهو الأوعى سياسيا على مستوى سياسيي العالم وهو قادر على القيام برسم الخطط السياسية والإبداع في استخدام الأساليب ووسائل تنفيذها، والقيام بما يلزم من المناورات السياسية بحيث يصارع دولاً، ويحيد دولاً إلى غير ذلك من الأعمال السياسية ولديه حشد من السياسيين الأفذاذ ومن ينطبق عليهم وصف رجال الدولة حقَيقَةً وليس وهْمَاً، هذا عدا عن قيادة الحزب المبدعة في فهمها للسياسة والتي خبرها الصديق والعدو.
وأختم بالتوجه إلى الله بالدعاء... فاللهم إنا نسألك ونتوجه إليك أن تعجل لنا بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، إنك ربي ولِيُّ ذلك والقادر عليه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إسماعيل بن عمير (أبو البراء)