إن ما تعيش على وقعه تونس هذه الأيام من أجواء الانتخابات ليس سوى "جينيريك" لفيلم قبل بدايته؛ فيلم من إنتاج شركات أجنبية... بدعاية ودعم أجنبي... لتنفيذ أجندات وبرامج أجنبية... بشخصيات محلية ذات دعم أجنبي... هو فيلم من أفلام الخيال العلمي يجلب الجماهير بالخدع والمغالطات.

انتخابات أقصت شرع الله ونازعت الله سبحانه وتعالى في الحكم والتشريع.. فلا حكمت بما أمر ولا استنبطت أحكاما على أساسه... ومن ثم يقولون لكم الخيار.. بين ماذا وماذا؟؟؟.. بين باطل وباطل؟؟.. بين ديمقراطية بريطانية وأخرى أمريكية وأخرى فرنسية؟؟ بين نظام رأسمالي ونظام رأسمالي؟؟.. إن هذه الانتخابات في الحقيقة ليست سوى خيار واحد أُجبر عليه شعب هذا البلد الطيب.. فيظن أنه اختار في حين أنه أُجبر على أن يبتعد عن شرع الرحمن... فتصبح الوضعية الصحيحة؛ أن تنتخب فتختار تكريس هذه المنظومة الجشعة البشعة بكل ما فيها وتقضي على كل نفس ثوري وعلى كل إمكانية للتغيير واستمرار ثورة أُخرجت عن مسارها.. أو أن تقاطع هذه المسرحيات المستوردة النص والإخراج والوجوه فلا تكون مجرد رقم في ملفات شهادات الزور لتأتي من بعد، سياسة التوافقات والتحالفات بين وجهات نظر في ظاهرها تضادد وتناقض وفي باطنها تنازلات وتبرؤات من أصلها الفكري، تأتي لترمي بكل الأصوات عرض الحائط وكأنها لم تكن... فيتحكم من أُريد له ذلك ويصل من استوفى الشروط ونال رضا كل الأطراف الخارجية...

على أهل تونس أن يعلموا أن في مقاطعة الانتخابات بديلاً سياسياً.. عليهم أن يعوا أن المشاركة في هذه الانتخابات هو قمة الخذلان لله ولعباد الله... وكما يقول جل في علاه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا﴾. [النساء: 60-63]

فيا أهل تونس استجيبوا لله ولرسوله وقوا أنفسكم لدغة من نفس الجحر ولا تكونوا ممن يئد ثورة انطلقت عفوية وغمرتها الأنفاس الإسلامية، وأتموها بخلافة على منهاج النبوة.. نعم على منهاج النبوة لا على منهاج انتخابات غربية الصنع والمطامح...

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مريم أم حمزة - تونس