إن لم تكن الخلافة نهجا إسلاميا فماذا تكون؟!
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
هو عنوان مستفز لمشاعر المسلمين في كل مكان، ذلك العنوان الذي صدره موقع يسمى 24 عندما عنون للقاءٍ مع عضو مجمع البحوث الإسلامية ووكيل الأزهر الأسبق الشيخ محمود عاشور بهذا العنوان المستفز "الخلافة ليست نهجا إسلاميا". ثم يعود الشيخ ليكرر في حواره استفزازات أخرى، فيقول أن "الخلافة ليست فكرة إسلامية"، وأنها "ليس منصوصا عليها في الشريعة الإسلامية في الأساس"، وأنها "ليست فرضا إسلاميا"، وأنها "ليست نصا إسلاميا"، وأنها "ليست أصلا في حد ذاته نظاما يوحد الشعوب الإسلامية" ، وأنها "لم تكن النظام الوحيد في الدولة الإسلامية"، وهكذا يظل الشيخ سادرا في غيه، لا يردعه شيء، فلا تاريخ الأمة العظيم في ظل خلافتها لأكثر من ثلاثة عشر قرنا يكفيه، ولا إجماع الصحابة على وجوب تنصيب خليفة للمسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يلجمه عن وصف الخلافة بأنها ليست نهجا إسلاميا، ونحن بدورنا نسأل؛ هل كانت إذا نهجا من الجاهلية الأولى؟! فهي إن لم تكن نهجا إسلاميا فهي بمفهوم المخالفة نهجا كفريا، وهل كانت كما قال أحدهم اختراع الصحابة، فهل يقبل عاقل هذا الكلام فضلا عن أن يكون وكيلا للأزهر وعضوا في مجمع البحوث الإسلامية؟! وهل يا ترى يكفيه ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن طريق نافع قال: قال لي ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية». أو ما قاله صلى الله عليه وسلم:«إنما الإمام جُنة يُقاتَل من ورائه ويُتّقى به»، أو ما رواه مسلم عن أبي حازم قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر»، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: «فوا ببيعة الأول فالأول، وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم». أو ما رواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كره من أميره شيئاً فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبراً فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية».
وإن لم يكفه كل ذلك فليعتبر بسلفه الشيخ علي عبد الرازق الذي أخرجه الأزهر من زمرة العلماء لأنه جدف كما يجدف هو في أمر عظيم كأمر الخلافة يتوقف عليه إقامة الدين وتنفيذ أحكام الشرع في جميع شؤون الحياة الدنيا والأخرى، ولا يتصور أن الشيخ عاشور لا يعرف القاعدة الأصولية الشهيرة: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب). لقد قامت هيئة كبار العلماء في الأزهر بمحاكمة علي عبد الرازق وأخرجته من زمرة العلماء وفصلته من العمل كقاضٍ شرعي، وقد وجهت الهيئة ست تهم، تتهم فيها كتاب "الإسلام وأصول الحكم"، وكاتبه بالضلال، حيث قالت إن الكتاب تسبب في:
1- جعل الدين لا يمنع من أن جهاد النبي كان في سبيل الملك لا في سبيل الدين ولا لإبلاغ الدعوة للعالمين.
2- اعتبار نظام الحكم في عهد النبي موضع غموضٍ أو إبهام أو اضطراب أو نقص وموجبًا للحيرة.
3- اعتبار أن مهمة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بلاغًا للشريعة مجردة عن الحكم والتنفيذ.
4- إنكار إجماع الصحابة على وجوب نصب الإمام وأنه لا بد للأمة ممن يقوم بأمورها في الدين والدنيا.
5- إنكار أن القضاء وظيفة شرعية.
6- اعتبار حكومة أبي بكر والخلفاء الراشدين من بعده حكومةً لادينية.
فهل خرج ما قالة الشيخ عاشور عما وقع فيه الشيخ عبد الرازق، ولو كان الأزهر اليوم كما كان بالأمس لما كان من الشيخ عاشور وأمثاله ما كان، ولما قال ما قال، ولو خافوا الله واتقوه حق تقاته لما اتهموا دينه بأنه أهمل أمرا عظيما كأمر الحكم، فتركه ولم يبينه للأمة، وكأنه أمر هامشي لا يتوقف عليه وجود الإسلام في الحياة.
لقد تجاوزت الأمة مسألة فرضية الخلافة وكونها هي فقط نظام الحكم في الإسلام، فهي وعد الله وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم، والأمة الآن تتوق لليوم الذي تقوم فيه هذه الخلافة على منهاج النبوة، نعم لقد تجاوزت الأمة تلك المسألة بينما لا يزال هناك فئة من المشايخ والعلماء ومدعي الفكر يرددون هذا الكلام المملول المكرر الذي عفى عليه الزمن وتجاوزته الأمة.
كان الأجدر بالشيخ عاشور أن ينضم للأمة في سعيها لإعادة خلافتها مرة ثانية ليعز فيها الإسلام وأهله ويذل بها الشرك والكفر وأهله، ليكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر