أمريكا تؤيد استمرار الاستبداد في مصر بتأييدها للسيسي، ولكن هل ستتمكن من تحدّي إرادة الشعب؟
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الرئيس السيسي هو آخر رؤساء مصر وأكثرهم وحشية وطغياناً حتى الآن، همّه الوحيد هو إنجاح الحملة الصليبية على مصر، والقضاء على أيّة معارضة ضد حكومته. وقد برّر السيسي الانقلاب ضد مرسي وسياساته الصارمة التي تهدف إلى "تطهير" مصر من الإسلاميين، بأنها تدابير ضرورية للحكم بالديمقراطية في مصر.
ليس السيسي الشخص الوحيد الذي يسعى إلى تمكين الطغيان في مصر، فقد جدّد وزير الخارجية الأمريكي (جون كيري) في زيارته الأخيرة التي قام بها إلى القاهرة دعمَه للتدابير التي بدأها السيسي، حيث قال: "يجري في مصر تنفيذ خريطة الطريق لإخراجها من أزمتها كما نعلم، وأعتقد أنه من المهم لنا جميعا - حتى يثبت العكس - القبول بهذا المسار، والعمل على مساعدة مصر حتى تكون قادرة على تحقيق ذلك". كما ثمّن كيري قدرة مصر على مكافحة الإرهاب بالقول أن الولايات المتحدة أفرجت مؤخرا عن 575 مليون دولار من المساعدة العسكرية المخصّصة لمصر؛ وأنه واثق من أن مصر ستستلم 10 طائرات أباتشي قريبا، والتي سيستخدمها السيسي مع باقي المعدّات العسكرية الجديدة لحماية حدود دولة يهود، وضد ارتكاب أعمال عنف في الجبهة الداخلية.
لقد دعمت أمريكا قبل ثلاث سنوات فقط جهودَ الشعب المصري للإطاحة بمبارك من السلطة. وقال وقتها الرئيس أوباما للشعب المصري، في حديث له في شباط 2011م: "لقد حسم الشعب المصري أمره بأنه ليس هناك عودة إلى ما كانت عليه الأمور سابقاً، لقد تغيرت مصر، ومستقبلها بين يدي شعبها، وهم قد حسموا أمرهم بأن يغيروا أوضاعهم إلى ما يلبي تطلعاتهم، ويحققوا أعلى طموحاتهم، ويستفيدوا من إمكاناتهم التي لا حدود لها".
لم يكن مستغرباً تغير موقف أمريكا الموافق لرغبة المصريين في تحرير أنفسهم من حكم الاستبداد وعزوفهم عن تأييد الطغاة، فأمريكا في النهاية أكثر اهتماماً بالحفاظ على مصالحها الوطنية، حتى لو كان ذلك من خلال تبنّي الديكتاتورية بدلاً من الديمقراطية. وقد لخّصت كيرون سكينر (الباحثة في جامعة كارنيغي ميلون لشئون العلاقات الدولية والسياسة) موقفَ إدارة أوباما تجاه الثورات العربية، بقولها: "لقد شهدنا أثناء الربيع العربي سقوط الطغاة، وشهدنا أشكالا جديدة من الحكم الاستبدادي، وتحوُّل الشرق الأوسط لم يكن باتجاه الديمقراطية في إدارة أوباما كما كان يسعى إليه".
هناك ثلاثة دروس قيمة من هذه التحوّلات:
1. إن مجرد الرغبة في تحرير مصر من الاستبداد وإقامة الإسلام ليست كافية لنجاح الثورة، وقد كان هذا واضحا في الأيام الأولى للثورة، فدخول الناصريين إلى الثورة لإزالة مبارك كان للتأكد من بقاء النظام على حاله وقد كانت مسألة وقت فقط، وبعد حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة أدرك المصريون مدى السيطرة الكاملة للناصريين، ولكن لا يزال معظم المصريين غافلين عن هذا أو أنهم يتجاهلون ذلك.
ما يحتاج إليه المصريون هو الفهم الواضح لما يريدونه لثورتهم، حكم الإسلام في ظل دولة الخلافة، أم العيش في دولة ديمقراطية زائفة يكون فيها حفنة صغيرة من المقربين إلى الغرب يسنّون قوانين عيش الناس؟ لقد كانت رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته في مكة المكرمة في العيش في ظل الإسلام واضحة وضوح الشمس، وقد أصبحت تلك الرغبة السبب الوحيد لكفاحهم، والقوة الدافعة الرئيسية التي من خلالها تمكّنوا من تحرير كامل الجزيرة العربية من حكم الاستبداد والجاهلية.
2. لقد اعتمد المصريون خلال ثورتهم على زعماء كانوا جزءا لا يتجزأ من المشهد السياسي الحالي، وكانوا محرومين من الرؤية الواضحة، وغير قادرين على التعبير عن سياسات متماسكة، وكانوا حبيسي التفكير الواقعي، وشمل ذلك التفكير العلمانيين والإسلاميين على حد سواء. وبالتالي، فإنه لم تكن مفاجأة رؤية الشعب المصري يعيش البؤس في عهد مرسي، وهو المصير نفسه الذي ينتظر المصريين الذي يعيشون تحت حكم السيسي، ذلك لأن كلّا من مرسي والسيسي قد اختارا الحكم بغير الإسلام.
ما يحتاج إليه المصريون هو قيادة تفهم الإسلام وتفكر بعمق، وعندها القدرة على الحكم، ورؤيتها واضحة، فيمكنها رؤية هدف إعادة إقامة الخلافة واضحاً.
3. لقد أصبح واضحاً تماما أن الإسلام لا يمكن أن يصل إلى الحكم عن طريق صناديق الاقتراع، بل إن السبيل العملي الوحيد لإحداث تغيير شامل في مصر، حيث تكون الشريعة الإسلامية هي العليا، هو أن يكون الجيش داعماً للتحول في المجتمع المصري. لكن جيش مصر اليوم يقف ضد الشعب، وهو معارض لكل خطوة لتطبيق الإسلام.
حتى يُحكم بالإسلام يجب أن تكون القوة المادية (أي الجيش) بيد المسلمين وليس بيد الغرب، فقد سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل إقامة الدولة الإسلامية الأولى في المدينة إلى أخذ النصرة من الأوس الخزرج، وعندما تمكن عليه الصلاة والسلام من القوة أخذ السلطة وطبق الإسلام.
آمل أن يتأمل المصريون هذه النقاط بعمق، حتى يعملوا على ما يطالبهم الإسلام به، في إقامة دولة الخلافة الإسلامية وتطبيق الإسلام، قال الله تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو هاشم