الباكستانيون المشرّدون داخلياً ضحية للدعم الباكستاني غير المحدود لحرب أمريكا الصليبية ضد الإسلام والمسلمين (مترجم)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد مرور أسبوعين على الهجوم الذي شنّه الجيش الباكستاني في شمال وزيرستان، وجدت الأمة نفسها على شفا أزمة جديدة، ولكنها هذه المرة ذات أبعاد ضخمة. ففي 25 حزيران/ يونيو 2014م، أعلنت الحكومة الباكستانية رسمياً أن أكثر من (450.681) مشرّداً داخلياً تم تسجيلهم حتى الآن، وأن العدد قد يصل إلى (600.000) مع استمرار العمليات العسكرية. وقال الوزير الاتحادي لشؤون الولايات والمناطق الحدودية في باكستان (الجنرال المتقاعد عبد القادر البلوشي) أن الحكومة على استعداد تام لرعاية هؤلاء النازحين، ولكنه ناقض كلامه في وقت لاحق، عندما ناشد الشعب الباكستاني بالتبرع بالمال، وقال: "إنه واجبٌ وطني على كل الباكستانيين أن يفتحوا جيوبهم لمساعدة إخوانهم المحتاجين".
إنّ هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها حكومة باكستان أزمة اللاجئين الضخمة، التي هي أصلا ثمرة أفعالها، ففي آب/ أغسطس 2009م، وتحت وصاية أمريكية، بدأ الجيش بعملية "العاصفة الرعدية السوداء" ضد طالبان في إقليم خيبر بختون خوا، وتشرّد على إثرها أكثر من 1.2 مليون باكستاني. وإذا حكمنا من خلال الاستجابة المعدومة لكل من الحكومة الباكستانية والجيش في التعامل مع النازحين في عام 2009م، فإنه ليس مستبعداً أن لا يجد اللاجئون الحاليون في باكستان أيّة عناية في هذه المحنة. وقد تمكّن العديد من الباكستانيين في ذلك الوقت من سدّ العجز الهائل للحكومة وقيادة الجيش في رعاية النازحين، لكن حجم الكارثة الآن ضخمٌ جدا، فهي نتيجة العلاقات غير المتوازنة بين باكستان وأمريكا.
منذ وقوف باكستان مع حرب أمريكا الصليبية ضد الإسلام والمسلمين في عام 2001م، وحالة التشرّد بين الباكستانيين سمة دائمة من سمات المشهد الباكستاني. فما كان يعدّ جدولا منسابا في عام 2001م، أصبح في عام 2014م شلالا منهمرا، ما جعل باكستان أحد أكبر البلدان التي تعاني من أسوأ مستويات النزوح الداخلي في العالم. ومن المتوقع أن تصبح الأمور أسوأ من ذلك ما دام نظام رحيل/ نواز لا يدّخر جهدا في إرضاء أمريكا عن طريق إجراء العمليات في جميع أنحاء باكستان؛ للتخلص من المجاهدين ومن أي شخص يعارض الهيمنة الأمريكية على باكستان.
يجب أن لا ننسى أنه عندما انحازت باكستان إلى أمريكا في عام 1980م لاحتواء تقدم الاتحاد السوفيتي، كان يعيش في باكستان نحو 3 ملايين لاجئ أفغاني غير قادرين على العودة. وعلى باكستان الآن التعامل مع حوالي 4.5 مليون لاجئ كنتيجة مباشرة للعمليات التي حرّضت عليها أمريكا في الحزام القبلي في باكستان. وإضافة إلى كارثة اللاجئين هذه فإن هناك مئات الآلاف من الباكستانيين المشرّدين داخليا لا يزالون يعانون من زلزال باكستان في عام 2005م، ومن أسوأ فيضانات باكستان في عام 2010م. فهؤلاء الناس قد تخلّت عنهم الحكومة والجيش بكل بساطة، حيث تم إنفاق ما في خزينة الدولة على العمليات العسكرية التي تريدها أمريكا.
وبوقوف النظام مع أمريكا على مدى العقد الماضي، فقد خسر القادة المدنيون والعسكريون العمقَ الاستراتيجي لباكستان في أفغانستان، وقُوِّض موقف باكستان بشأن كشمير وأمن الأسلحة النووية الباكستانية بشكل خطير، كما تراجع اقتصاد البلاد إلى هاوية الديون، وتعزّزت قدرة العدو اللدود (الهند)، وشُرّد الملايين من المواطنين الباكستانيين.
ولكن لسبب غريب لا يزال هناك بعض الباكستانيين يتشبثون بأمل أن يخرجهم القادة المدنيون والعسكريون من المأزق الحالي، ويؤمنوا لهم ولأطفالهم مستقبلاً أفضل، ويا لها من سذاجة! قال تعالى:
﴿...إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير
أبو هاشم