الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

إن هي إلاّ استجابة لدعوة مظلوم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إنّ حكّامنا وسيّاسيّينا وغيرهم من المضبوعين الذين يُولّون وجوههم قبل الغرب وعواصمه لم يُدركوا بعد ما أدركه أربابهم وأسيادهم أو قل لم يفهموا بعد أو ربّما لم يأذن لهم أسيادهم أن يفهموا أنّ هذا الزّمن هو "زمن الأمّة الإسلاميّة" وأنّ هذه المرحلة هي مخاض عسير تعقبه ولادة حضارة عالمية فيها يتصالح الإنسان مع الكون والحياة وفيها يتناغم الأمر الكوني مع الشّرعي - حضارة تتواضع لله ربّ العالمين وشريعته وتجعلها تاجا بعد إساءة حضارتي البشر من اشتراكيّة شاذّة ورأسماليّة مقيتة لم تجد لنفسها عزمًا ولا لبنيانها أساسًا...


حكّام رويبضاتٌ وسياسيّون تُفّه - باستثناء المخلصين من السياسيين - تسكنهم تناقضات عجيبة تبعًا لتناقضات حضارةٍ غربيّة تؤمن بالشّيء ونقيضه، هذه النّخبة التي تدّعي وتزعم تحريرًا للفكر تجدها لا تجعل من تفكيرها إلاّ اجترارًا وتبريرًا ممنوعاً عليه اجتياز حدودٍ لم يكونوا طرفًا في خطّها ولا رسمها بل يتعاملون معها وكأنّها قضاءٌ ملزم وقدر محتم، يصرحون بالدّيمقراطيّة - ذاك الأفيون - ثم لا تلبث أن تكون دكتاتوريّة إذ "الدّيمقراطيّة بلا الحديد والنّار إن هي إلاّ أسماكٌ بلا بحار" عليها رجل كالسّيسي جبّار وآخر فرعون الشام بشّار تجري من تحته الدّماء كالأنهار.. نعم تنتحر الدّيمقراطية وتذبح نفسها من الوريد إلى الوريد كي لا تسمح لعدوّها مشروع الأمّة العملاق أن يأخذ أشواطًا ويملأ مساحات فهي حمقاء إذ تُلزم نفسها بأن تسمع دعوة الخلافة تقرع آذان أصحابها، فلو أفرز صندوقها من لا يرتضيه حيتان المال والأعمال قتلت نفسها بغير حقّ وراحت تولول "لا لدكتاتوريّة الأغلبيّة" وتنقلب على صندوقها...


ستسحب الأمّة الإسلاميّة بقيادة حزب التّحرير ذاك الطّود الأشمّ والرّائد الذي لا يكذب أهله البساط من تحت أرجل الدّيمقراطية التي تزداد غوصا في الأرض يومًا بعد يوم ولكنْ لا ثباتا ومتانةً بل غرقًا لأنّ الأرض التي من تحتها هي رمال متحرّكة تبتلع من فوقها، فالدّيمقراطية كذبة وسراب خادع لا يتّبعه إلا الأغبياء والغبي لا يدرك الحقائق دون مسّ ٍ وجسّ ٍ بعدما أعيانا معه الاستدلال بالفكر والفقه والتنزيل على الوقائع.


أيها الدّيمقراطيّون ها هي ثورة الأمّة تمتدّ يومًا بعد يوم ويزيدها الله مدًّا بعد مدّ، فيها يتخلّق الوعي على أساس الوحي وها هي قلوب المسلمين وأفئدتهم تهوي لعودٍ حميد إلى السّيرة الأولى من كوننا - نحن أمّة الإسلام - خير أمّة أُخرجت للنّاس.


هذه الثورة جعلت من المستحيل ممكنا عريضا بل واقعا كائنا ولو بعد حين ناهيك أنّ نداء الواجب لإقامة الدّين وإعلاء كلمة الله لتكون هي العليا زادت الإصرار درجات والكفاح صلابة والهدف على مرمى حجر نراه بالبصيرة في انتظار أن يمنّ الله علينا فيكحّل بالنّصر المبين أبصارنا، نعم ثورة جعلت من الممكن مستحيلا كأن تعود الدّكتاتورية ويعود السكوت القهري يوم كان النّاس يهمسون بالحقّ همسا خشية أن تكون للجدران آذان تحمل أخبارهم إلى دهاليز وظلمات بعضها فوق بعض تحت أقبية الدّاخليّة، أصبح مستحيلاً أن نعود إلى زمنٍ جعل فيه الحكّام وزبانيّتهم وراء الشّمس مكانًا لكلّ من تسوّل له نفسه أن يتعرّض للنّظام الجبري أو القائمين عليه ولو بالتلميح بل ولو بالإيماء بل جعلوا من التّفكير بالتّغيير جريمة يعاقب عليها القانون... زمن أقاموا فيه على الأنفاس عدّادًا.


لقد جاءت ثورة الأمّة بالحقّ لتذهب عنا الرجس والخوف والوهن لتنبّئنا بأنّ الحكّام زبدٌ زائل بدأ يذهب جفاءً وأن الإسلام حقّ وأمّته باقية وحزب التّحرير أهل للقيادة والحكم عن اقتدار وجدارة، وأن التاريخ قد انعرج وأنّ سنّة الله لن تجد لها تبديلا ولا تحويلا فحقّ عليه سبحانه نصر المؤمنين وأنّه منتقم جبار يملي للظّالم حتى إذا أخذه لم يفلته... باختصار الثّورة هي استجابة الله - لا أمريكا - لدعوة مظلومٍ هي الشّعوب التي قهرتها الديمقراطية العلمانيّة الرّأسمالية من أمة الإسلام بل حتّى من غيرهم وهي - أي الثّورة - قد تكون ترجمة عمليّة لـ "لأنصرنّكم ولو بعد حين، وإجابة دعوة المظلوم لن تكون بإذن الله إلا أن ترسو سفينة الثّورة في ميناء "الخلافة الرّاشدة الثانية على منهاج النبوّة".


﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾
[غافر: 51]

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد بن حسين - تونس

 

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع