مؤامرة جنيف 2 باب ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع ثورة الشّام المباركة، ما زال الغرب الكافر وعلى رأسه أمريكا في تخبط لم يسبق له مثيل، فرغم أن ثورة الشّام لم تكن الأولى بل جاءت مدادًا لأخواتها في تونس ومصر وليبيا واليمن، إلا أنها فاجأت الغرب بتميُّزها واختلافها. ثورة عرفت أشد أنواع القهر والقتل والتنكيل والتعذيب والتشريد، فقابلته بأروع مواقف الصمود والإباء والصبر؛ فلا أنصاف حلول ولا تغييرَ شكليًّا ولا رضًا بغير ما يرضى به الله سبحانه، فلقد أعلن أهل الشّام منذ بداية ثورتهم عن شعارين هما محور سير هذه الثورة المباركة. لقد نادَوْا بأعلى أصواتهم "هي لله هي لله"، فهي إذنْ ثورة ليست للبيع ولا للمساومة، ليست للانحراف عن شرع الله ونهجه، بل هي خالصة لله ودينه مهما طال البلاء وعظم، ومهما حاول الغرب وواصل دعمه للسفاح المجرم، الذي أمعن في التجويع والتشريد وفي قصف الأبرياء وهدم العمران، ولكن أهل الشّام لا يغيب عن أعينهم ذاك المحور المهم؛ فهي ثورة خالصة لله.
ثم أتَمّوا ووطدوا العهد والميثاق فقالوا "قائدنا للأبد سيدنا محمد"، ستسمعها أينما حللتَ من ديار الشّام؛ في المساجد والمظاهرات والجبهات... نعم، هي بيعة لمحمد صلى الله عليه وسلم أن لا حياد عن طريقته، ولا بديل عن رايته، ولا عزَّ إلا باتباعه؛ وهو الذي أوذي في الله وحوصر ثلاث سنين في شعاب مكة يتجرع وأهله وأصحابه آلام الحرمان، ولكنه لم يَحِدْ عن طريقه قيد أنملة، فأتاه نصر الله، والله غالب على أمره. نعم، هكذا هي ثورة الشام مبدئية تسير بخطى ثابتة رغم كل المحاولات الدنيئة، وقد اجتمع الغرب وجمع أحلافه وأحزابه ليصدوا هذه الثورة وليجعلوا هذا الشعب يندم على طلبه العز والتحرر من ربقة النظام المجرم ومن خلفه نظام عالمي هو السيد في الإجرام، وها هو الغرب اليوم بعد أن حاول زرع بذور الفتنة والتفرقة بين الكتائب المقاتلة تمهيدا لمؤتمره الخياني التآمري على ثورة الشام "جنيف2"، ها هو يبشر بهذا المؤتمر كحلٍّ وحيدٍ أوحدَ لهذه الثورة العصيّة ليخرج علينا أذناب الغرب من بني جلدتنا من ائتلاف وطني لا حول ولا قوة له لمحاورة نظام مجرم جائر أذاق شعبه الويلات بدلا من إسقاطه والقضاء عليه نهائيا.
إن جنيف2 هو خيانة عظمى للشعب السوري، وهو استخفاف بدماء أهل الشام وتضحياتهم، تقوده أمريكا عدوة المسلمين في الشام ومعها ائتلاف وطني لا يقل إجراما عن النظام؛ مستغلين الأوضاع القاسية والظروف القاهرة التي يعيشها الشعب السوري ومروّجين بأن جنيف2 هو الرحمة من عند الغرب، ونحن نقول "ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب"؛ فإن أمريكا ومن معها من دول الغرب الذي شاهد وحشية النظام لمدة ثلاث سنوات فلم يكتف بالصمت بل بالدعم المباشر وغير المباشر لبشار الأسد عساه ينجح في إخماد نَفَس الثوار، هؤلاء هم أنفسهم مَنْ يدّعون اليوم الرحمة والحرص على أهل الشام، كذبوا وخابوا وخسروا.. بل هي ثورة الوعي؛ عدوّها من حادّ الله ورسوله والمؤمنين، وحليفها من صدق الله ورسوله والمؤمنين. وإنه والله لخزي الدارين لمن رضي بجنيف2 حلاًّ ومخرجًا، بل هو عذاب مقيم في الدنيا والآخرة. فانبذوه وارفضوه واجعلوا كل من شارك فيه ويدعو إليه عدوكم كبشار؛ فهو يريد أن يخرج النظام من الباب ليعيده لكم من النافذة متزيّنًا بوجوه المعارضة الكالحة. فالله الله في ثورتكم وفي تضحياتكم ودمائكم وأعراضكم، وإن ثباتكم يا أهل الشام أمام هذه العواصف لأكبر دليل على دنوِّ النصر وقُربِه، فلا تغرنّكم وعودُ الائتلاف الكاذبة ولا مساعيه الخبيثة، بل هي ثورة حتى إسقاط النظام برموزه وقوانينه وكل منظومته، وإرساء نظام الإسلام في دولة الإسلام خلافة على منهاج النبوة في الشّام عقر دار الإسلام. فشتان شتان بين من وجَّه وجهه شطر الغرب والبيت الأبيض، وبين من اتخذ الله وليًّا ومحمدًا صلى الله عليه وسلم قدوة وهاديًا إلى خيريْ الدنيا والآخرة.
أيها الثوار الأحرار في شام الإسلام، إن الغرب يعوّل على خديعة جنيف2 كما لم يعوّل على حلٍّ من قبلُ، فأفشلوا مخططه وأحبطوا مشاريعه وواصلوا ثورتكم واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا، وإنها والله الحسنى لكم والسوءة للكفار والمنافقين.. فتوكلوا على الله هو مولاكم وهو خير الناصرين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حبيب الحطاب - تونس