الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

"مؤسسة تكوين" أداة هجوم على ثوابت العقيدة الإسلامية والأحكام القطعية

 

 

 

شهدت العاصمة المصرية القاهرة يوم السبت 2024/5/4م انطلاق أعمال المؤتمر السنوي الأول لـ"مؤسسة تكوين الفكر العربي"، وجاء المؤتمر تحت عنوان: "خمسون عاما على رحيل طه حسين: أين نحن من التجديد اليوم؟". وقد أقيم المؤتمر في المُتحف المصري الكبير تحت رعاية الدولة المصرية وبمشاركة نخبة من المفكرين والأكاديميين العرب، وبتمويل إماراتي سخي.

 

وقد تناول المؤتمرون مجموعة من الأفكار: كالتجديد الفكري بعد رحيل طه حسين، وضرورة تجديد الخطاب الديني، وتعزيز لغة الحوار والتسامح، والإيمان بالسلام العالمي، وقَبول الآخر، والتشجيع على المراجعات النقدية للتراث، ومحاربة التطرف، والتحفيز على طرح الأسئلة حول المسلمات الفكرية.

 

وقد تشكل مجلس أمناء المؤسسة من الكاتب والروائي يوسف زيدان، والإعلامي إبراهيم عيسى، وإسلام البحيري، وآخرين من سوريا ولبنان وتونس.

 

إن الأهداف من إنشاء تلك المؤسسة لا تحتاج كثير تفسير وتحليل، فيكفي النظر إلى عنوان المؤتمر، وداعميه، ومموله، وأفكاره، والشخصيات القائمة عليها لنعرف أنها مؤسسة أنشئت لمحاربة العقيدة الإسلامية وأحكامها القطعية التي أطلقوا عليها "المسلمات الفكرية"!

 

فعند النظر إلى عنوان مؤتمرهم الأول، نجد أن قدوتهم الفكرية الأديب طه حسين (ت.1973م) المعروف بانفتاحه على الحضارة والثقافة الغربية، فقد نال درجة الدكتوراه من جامعة السوربون الفرنسية، ويمثل أحد رواد الفكر العربي الذي دعا إلى النهضة المصرية أسوة بالنهضة الأوروبية، والبحث عن أسرار تطورها، معتبرا أن مصر جزء لا يتجزأ من أوروبا الجغرافية، والتاريخية، والثقافية. ومن المعلوم أن النهضة في أوروبا قامت بعد فصلها الدين عن الحياة، مقدِّسة العقل لا غير.

 

وإذا عرفنا أن المؤتمر تم تحت رعاية الدولة المصرية وبتمويل إماراتي سخي لإنشاء المؤسسة ومنصاتها الإعلامية، فتكون قد اتضحت الرؤية السياسية من تأسيسها بأنها "أداة" تحارب بها الأنظمة الإسلام والمسلمين، وهذا ليس غريبا على حكام مصر والإمارات الذين والوا كل كافر فاجر أشر. ورعاية الإمارات لتأسيس "الديانة الإبراهيمية" إلى جانب تطبيعها مع كيان يهود إنما ليصبح يهود جزءا من المنطقة بل جزءا أساسيا من (الدين الإبراهيمي) الذي يجمع المعتقدات في بوتقة واحدة!

 

وأما الأفكار التي طرحها المؤتمرون، فهي ليست بالشيء الجديد بل هي أفكار قائمة منذ سنوات كمحاربة الإسلام والجهاد، وتجديد الخطاب الديني بما يوافق العصر، وقَبول الآخر... لكن الجديد هذه المرة والخطير هو تناول مسألة "التحفيز على طرح الأسئلة حول المسلمات الفكرية"! أي تناول الثوابت العقائدية والأحكام الشرعية القطعية المسلم بها عند الأمة بالتشكيك بها، فيشككون في السيرة النبوية، والحديث النبوي، والأحكام الشرعية القطعية كالخمر بطرح سؤال: "هل الخمر حلال؟"! هذا إلى جانب التقليل من قيمة الصحابة الكرام. وهم بذلك يدعون صراحة إلى الإلحاد، ورد الحق بالباطل، وصدق الله تعالى القائل: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.

 

وما يؤكد هدف هؤلاء "التشكيكي" هو عقلية الشخصيات التي شاركت في المؤتمر والتي ترأست مجلس أمناء المؤسسة. فالكاتب والروائي المصري يوسف زيدان يشكك في حادثة الإسراء، مدعيا أن النبي محمداً ﷺ أسري به من مكة إلى الطائف التي فيها المسجد الأقصى ولم تكن الحادثة نحو بيت المقدس. وفيما يتعلق بمحاربة التطرف في فلسطين، فقد دعا عام 2021م إلى أن حل قضية فلسطين لا يكون بالعنف (الجهاد) بل بالعقل، ومدعيا أن من حق يهود بناء هيكلهم. وأما الإعلامي المصري إبراهيم عيسى، فقد شكك بحادثة المعراج قبل عامين، كما شكك بالسيرة النبوية. وفيما يتعلق بفلسطين، فقد صرح مؤخرا حول اقتحام يهود لمعبر رفح قائلاً "واحنا مالنا"! إلى جانب تقليله من قيمة الصحابة الكرام مثل الفاروق عمر رضي الله عنه، فيشكك في عدله قائلا: "لو كان عادلا فلم قُتل؟!" أما إسلام البحيري فهو أحد أمناء مؤسسة تكوين، ويعد رأس حربة في مهاجمة الإمام البخاري والتشكيك بأحاديثه الصحيحة التي صنفها. فهؤلاء وغيرهم من القائمين على تلك المؤسسة يشككون بكل ثابت في عقيدة المسلمين، وفي كل قطعي من أحكام الدين الحنيف.

 

لقد اعتاد الكفار في محاربتهم للإسلام والمسلمين على تأسيس المراكز الثقافية في كل عصر وفي كل مكان. فمسجد ضرار إنما كان مركزاً للكفار والمنافقين لهدم أسس الدين والنيل منه، لذا أمر النبي ﷺ بحرقه وهدمه، وكذلك المراكز التبشيرية التي أقيمت بعد الحروب الصليبية في مالطا، مرورا بالمدارس والكليات الأجنبية التي أقيمت في بلاد المسلمين، ومؤخرا إنشاء مؤسسة تكوين الفكر العربي.

 

إن الحرب الثقافية التي وصلت إلى التشكيك بالمسلمات الفكرية لدى المسلمين والإلحاد تستوجب من الأمة عموما، ومن علمائها ودعاتها خصوصا، التصدي والمواجهة، ليس على صعيد الجانب الفكري الثقافي فحسب، بل على صعيد الصراع السياسي مع الأنظمة الراعية والمموِّلة لتلك المراكز والمؤسسات الهدامة، بالتخلص منها وإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تحمي العقيدة وأحكام الله، وتقطع لسان كل من يتمادى على دين الله أو يقلل من شأن صحابة المصطفى ﷺ.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. حامد شاهين – الأرض المباركة (فلسطين)

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع