الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

تطبيق النظام الاقتصادي في الإسلام

هو وحده الذي يرفع عن كاهل المرأة معاناة الخروج للعمل

 

استخدمت قوات الشرطة السودانية يوم الأحد 3 أيار/مايو 2020م، الغاز المسيل للدموع في تفريق مظاهرة نسائية بولاية القضارف طالبت بتحسين الأوضاع المعيشية وعدم التفرقة في توزيع سلة رمضان بين أنحاء الولاية خصوصاً بعد أن أعلنت حكومة القضارف حظر التجوال الكامل والذي تسبب في توقف أصحاب الدخل المحدود عن العمل (صحيفة السوداني) الأحد 3 أيار/مايو 2020م.

 

وأعلن مجلس الوزراء السوداني مساء الأحد 3 أيار/مايو 2020م بأن السلطات السودانية لن تتهاون في تطبيق القانون بالتعامل الصارم والحاسم مع كل من يخرق حالة الطوارئ الصحية المعلنة وأوامر حظر التجوال ولن تسمح بأي تجاوز للقوانين والإجراءات المعلنة، وسيتم مواجهة المخالفين بالحزم والقوة اللازمين.

 

وحسب متابعة أخبار الأزمة، يواجه السكان وتحديدا "محدودو الدخل" صعوبات كبيرة في الحصول على احتياجاتهم الضرورية في ظل موجة الغلاء التي تجتاح الأسواق، بما في ذلك التي خصصتها الحكومة للبيع المخفض للناس ما يعني أن معاناة أهل السودان لم تراوح مكانها.

 

ظلت المرأة ترزح منذ الاستقلال المزعوم تحت حكم نظام رأسمالي يعقّد الأزمات ويزيد المعاناة يوماً بعد يوم رغم الثروات الهائلة، لكن يظل حلمها هو حياة كريمة ولو بأدنى المقومات، تزيل أسباب القلق والإزعاج والحِرْمان الذي تعاني منه.

 

وفي ظل الرأسمالية المطبقة على حياة المرأة في السودان فإن الأمر خرج من "حق المرأة" في العمل إلى إرغامها على العمل في ظل ظروف معيشية لا تحتمل مكوثها في البيت بحيث تعمل لساعات طويلة في ظل ظروف عمل تخلو من أي حقوق وبغض النظر عن الضغط الناجم عن ذلك أو الضرر الذي سيلحق بالمرأة وبالأطفال وتماسك الأسرة بحيث أصبح ارتباطها بالعمل والمادة أكثر وثوقا من ارتباطها بالبيت ليس حباً في العناء ولكن تعففاً من مد اليد للغير، وبذلك يكون النظام الرأسمالي قلل من قيمة الأمومة والحياة الأسرية حيث دفع المرأة للعمل حتى لم يتبق لها وقت للعناية بأطفالها كما هو واجب عليها!

 

إن طريق الخلاص هو تطبيق نظام عادل مستقيم يخلّص المرأة من كل هذه الآفات ويرعى شؤونها على أساس الإسلام بتبني نظام الإسلام كاملاً ومنه الاقتصاد الإسلامي والذي نعرضه هنا للأمة ومنها النساء لتعي عليه وتطالب به نظاماً يحقق لها العبودية لله عز وجل ويجعلها تحيا حياة كريمة.

 

إن سياسة الاقتصاد هي الهدف الذي ترمي إليه الأحكام التي تعالج تدبير أمور الإنسان، وسياسة الاقتصاد في الإسلام هي ضمان تحقيق الإشباع لجميع الحاجات الأساسية لكل فرد إشباعاً كلياً، وتمكينه من إشباع الحاجات الكمالية بقدر ما يستطيع، باعتباره يعيش في مجتمع معين، له طراز خاص من العيش، فهو ينظر إلى كل فرد بعينه، لا إلى مجموع الأفراد الذين يعيشون في البلاد. وينظر إليه باعتباره إنساناً أولاً لا بد من إشباع جميع حاجاته الأساسية إشباعاً كلياً، ثمّ باعتبار فرديته المشخصة ثانياً بتمكينه من إشباع حاجاته الكمالية بقدر ما يستطيع. وينظر إليه في الوقت نفسه باعتباره مرتبطاً مع غيره بعلاقات معينة، تُسَيَّر تَسييراً معيناً حسب طراز خاص. وعلى هذا فإن سياسة الاقتصاد في الإسلام ليست لرفع مستوى المعيشة في البلاد فحسب، دون النظر إلى ضمان انتفاع كل فرد من هذا العيش، ولا هي لجلب الرفاهية للناس وتركهم أحراراً في الأخذ منها بقدر ما يتمكنون، دون النظر إلى ضمان حق العيش لكل فرد منهم أياً كان، وإنما هي معالجة المشاكل الأساسية لكل فرد باعتباره إنساناً يعيش طبق علاقات معينة، وتمكينه من رفع مستوى عيشه، وتحقيق الرفاهية لنفسه في طراز خاص من العيش. وبهذا تختلف عن غيرها من السياسات الاقتصادية.

 

والإسلام في الوقت الذي يُشرِّع أحكام الاقتصاد للإنسان يجعل التشريع موجهاً للفرد، وفي الوقت الذي يعمل لضمان حق العيش، والتمكين من الرفاهية، يجعل ذلك يتحقق في مجتمع معين، له طراز خاص من العيش. فهو ينظر إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع، في الوقت الذي ينظر فيه إلى ضمان العيش والتمكين من الرفاهية، ويجعل نظرته إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع أساساً في نظرته إلى العيش والرفاهية، ولذلك تجد الأحكام الشرعية قد ضمنت توفير إشباع جميع الحاجات الأساسية إشباعاً كلياً لكل فرد من أفراد رعية الدولة الإسلامية؛ من مأكل وملبس ومسكن، وذلك بفرض العمل على الرجل القادر، حتى يوفر لنفسه الحاجات الأساسية له ولمن تجب عليه نفقتهم، وفرضها على المولود له، وعلى الوارث إن لم يكن قادراً على العمل؛ أو على بيت المال إن لم يوجد من تجب عليهم نفقته، وبهذا ضمن الإسلام لكل فرد بعينه أن يشبع الحاجات التي لا بد للإنسان من حيث هو إنسان من أن يشبعها، وهي المأكل والملبس والمسكن. ثمّ حثّ هذا الفرد على التمتع بالطيبات، والأخذ من زينة الحياة الدنيا ما يستطيع، ومنع الدولة أن تأخذ من ماله ضرائب، مما هو فرض على جميع المسلمين، إلاّ مما يزيد على كفاية حاجاته، التي يشبعها فعلاً في حياته العادية، ولو كانت حاجات كمالية، وبذلك ضمن توفير حق العيش لكل فرد بعينه، وأتاح له الرفاهية في الحياة.

 

ومن أجل إشباع جميع الحاجات الأساسية إشباعاً كلياً والتمكين من إشباع الحاجات الكمالية، لا بد من أن تتوفر المادة الاقتصادية لدى النّاس، حتى يتمكنوا من إشباع الحاجات، ولا يتأتى أن تتوفر لديهم إلاّ إذا سعوا لكسبها، ولهذا حث الإسلام على الكسب، وعلى طلب الرزق، وعلى السعي، وجعل السعي لكسب الرزق فرضاً على الرجل، القادر على العمل، المحتاج للنفقة على نفسه، وعلى من تجب عليه إعالته. قال تعالى: ﴿فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾.

 

أما لو عجز الرجل عن النفقة على من يعول فتجب النفقة على الدولة، عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَعَلَيْنَا قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ». وفي رواية: «وَمَنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضَيَاعاً فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلَاهُ»، وفي رواية: «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلّاً فَإِلَيْنَا». متفق عليه

 

هكذا هي سياسة الاقتصاد في الإسلام؛ مبنيّة على أساس إشباع الحاجات لكل فرد، باعتباره إنساناً يعيش في مجتمع معين، وعلى كسب الثروة لتوفير ما يشبع الحاجات وقائمة على فكرة واحدة هي تسيير الأعمال بحسب الأحكام الشرعية ومنفذة من كل فرد بدافع تقوى الله، ومن الدولة، بالتوجيه والتشريع.

بتطبيق هذه السياسة الاقتصادية في بلد غني بالثروات مثل السودان لن تحتاج المرأة للخروج إلى العمل إلا من باب ممارسة المباح لأن نفقتها واجبة على الرجل وتنتقل إلى الدولة إذا أصبح الرجل عاجزاً عن النفقة عليها.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار (أم أواب)

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع