الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

لا عُذرَ لكم عند الله إن خَلُص إلى رسول الله أحد وفيكم عين تطرف

 

 

 

بعد غزوة أحد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم أبيّ بن كعب ليتفقد سعد بن الربيع أهو من الأحياء أم الأموات، وقال له: "إن رأيته فقل له: يقول لك رسول الله كيف يجِدُك؟ فلما رآه جريحا يحتضر وقد طُعن اثنتي عشرة طعنة، وأوصل له رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم: كيف يجد نفسه؟ رد سعد قائلا: قل لرسول الله أني أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار: "لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله أحد وفيكم عين تطرف"، ثم فاضت روحه وقلبه عامر بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.


قبل أربعة عشر قرنا وثلث سمع الصحابة رضوان الله عليهم بآذانهم من نبيهم الصادق المصدوق قول الله سبحانه وتعالى أنه رضي عنهم: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ [سورة الفتح: 18-19] علم الله ما في نفوسهم وأنهم سيوفون بالبيعة وسيقومون بتكاليفها عن رضا وقبول منقطع النظير، وقد أثبتوا مدى حبهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم واستماتتهم في الدفاع عنه؛ فها هو أبو بكر الصديق رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة كان يمشي بين يدي الرسول ساعة وخلفه ساعة حماية له وكان يقول له: "ما كانت لتكون من ملمةٍ إلا أحببت أن تكون بي دونك".


وفي غزوة أحد قصص رائعة في حب الصحابة رجالا ونساءً لنبيهم وحبيبهم محمد صلى الله عليه وسلم؛ فأبو طلحة الأنصاري كان يحمي الرسول بحجفة له بعد أن انهزم عنه الناس، وكان يقول له: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا تشرف، يصيبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك"، وهذه أم عمارة المازنية التي وصف الرسول صلى الله عليه وسلم دفاعها عنه: «ما التفتُّ يمينا ولا شمالا إلا أراها تقاتل دوني»، وجرحت اثني عشر جرحا ولم تبالي، كل همها مرافقته عليه الصلاة والسلام في الجنة، فدعا لها ولزوجها وابنيها الذين كانوا ضمن القلة التي لم تنهزم قائلا: «اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة». هنا اطمأنت وقالت: ما أبالي ما أصابني من الدنيا، وبعد رجوع المسلمين إلى المدينة نُعِيَ إلى امرأة من بني دينار أبوها وأخوها وزوجها، لكن فكرها كان مشغولا بالنبي ولم يهدأ بالها إلا عندما اطمأنت عن رسول الله ونظرت إليه ثم قالت قولتها المشهورة: "كل مصيبة بعدك جلل يا رسول الله".


نعم هكذا كانت نفوس الصحابة، فرغم كل ما يلاقونه من صعاب ومصائب، تهون عندما لا تتعلق المصيبة بالرسول صلى الله عليه وسلم، فخبيب بن عديّ الأنصاري عندما جهزوا لقتله سألوه: أتحب أن محمدا مكانك؟ فقال: "والله ما أحب أني في أهلي وأن محمدا يشاك بشوكة".


هؤلاء هم أنصار الرسول الذين نالوا شرف النصرة، وهذه هي صورة مشاعرهم الدائمة، لا يشغل بالهم شاغل دنيوي ولا يتطلعون إلى شيء سوى فضل الله ورضوانه، يقول تعالى في وصفهم: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحشر: 8]


وبهذه القلوب التي علم الله ما فيها ظهر الإسلام، ظهر دين الحق ليس في الجزيرة العربية فقط وإنما في أرجاء معمورة من الأرض واسعة، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [الصف: 9] وما يزال الإسلام ظاهرا على الدين كله في حقيقته. بل إنه هو الدين الوحيد الباقي قادراً على العمل والقيادة، رغم كل ما نراه من تكالب للأمم على المسلمين، وسيمتد ويمتد حتى تتحقق بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم: «زويت لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها».


لقد نال صلى الله عليه وسلم كل هذا الحب - وهو قليل في حقه - لأنه جمع خصالاً وصفاتٍ لم ولن تجتمع في غيره من بني البشر، قال ابن القيم رحمه الله: "اعلم أن في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حيا وميتا، وفعلا وقولا، وجميع أحواله عبرة للناظرين، وتبصرة للمستبصرين، إذ لم يكن أحد أكرم على الله منه، إذ كان خليل الله وحبيبه ونجيّه، وكان صفيّه ورسوله ونبيّه"، والأصل في المحب أن يبادر إلى أن يسير على نهج حبيبه ويتأسى بسنته، فكيف إذا كان المحبوب ليس مجرد شخص عظيم وجد في فترة ما، ودافع عنه أصحابه ثم بعد موته انتهى هذا الأمر وكفى، إنما هو خير البشر، نبي الرحمة، نبي أمة هي خير الأمم، ضمت في أكنافها أمثال عمر بن الخطاب الذي بعد أن قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبَيّ، وردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم: «لن يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه»، لم يتردد بل أجاب لطلبه مباشرة فقال: والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إليّ من نفسي التي بين جنبيّ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «الآن يا عمر».


فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم مكانته في نفس عمر "الفاروق"، إنما أراد تعليمنا نحن معشر المسلمين المؤمنين، كي نحصن بحبه نفوسنا إن أتى علينا زمان التّيه، وقد أتى، زمانٌ غاب عنا هديه عليه الصلاة والسلام وسيرته وضعف مفهوم العقيدة الإسلامية في نفوس الكثيرين منا، وقلّت فينا المروءة والحمية لديننا ولنبينا، فتجرأ علينا من كان في الماضي يرتعب خوفا من هيبة دولتنا، فهيبة الأمة من هيبة حاكمها، وبغياب الحكم بالشرع الإسلامي غابت هيبة الأمة الإسلامية، فتجرأوا على نبينا وحبيبنا وقرآننا ومقدساتنا وأعراضنا وحتى على أرواحنا.


إن الاستهزاء بالرسول الكريم وسبّه والطعن في عرض أهل بيته ليس بالأمر الحديث، وإنما بدأ في حياته وقد كفاه الله المستهزئين، حتى إن اسمه الشريف لم ينطق به الشيطان (أزبُّ العقبة) حين نادى بأعلى صوته على المشركين يريد أن يكشف لهم أمر البيعة التي تمت سراً، قائلا: يا أهل الجباجب هل لكم في مُذَمَّمْ (يريد محمد) والصُّباة معه قد اجتمعوا على حربكم.


وكان الله يقي حبيبه صلى الله عليه وسلم أذى أعدائه، كما حصل يوم عقد أبو جهل العزم على أن يطأ على رقبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد ويعفر وجهه بالتراب، فما أن اقترب منه يريد به الشر حتى تراجع إلى الخلف متقهقرا وهو يتقي نفسه بيديه وأصحابه مستغربون من فعلته، وقال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولاً وأجنحة (ملائكة تدافع عنه) فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا».


وكذلك كان الله سبحانه وتعالى ينتقم لرسوله صلى الله عليه وسلم ممن طعن فيه وسبّه، ويُظهر حقيقته، كما حصل مع كاتبه الذي أسلم ثم ارتد إلى نصرانيته وأخذ يدّعي أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يدري إلا ما كتبه هو له، فأماته الله وكانوا كلما دفنوه لفظته الأرض فتركوه منبوذا، هذا جزاء من يفتري على الرسول، يقصمه الله ويفضحه ويظهر كذبه.


وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يندب من الصحابة من يرغب في الاقتصاص ممن يؤذيه بالسبّ والهجاء والتعريض، فمن الناس من اتصف بالمكر والكيد للإسلام والمسلمين مثل أبي رافع بن أبي الحُقَيْق، حيث كان من أكابر مجرمي اليهود، ممن حزّبوا الأحزاب وأعانوهم بالمؤن والأموال ضد المسلمين، وكان يشتري القِيان ليُغنين في سبّ الرسول عليه الصلاة والسلام وهجائه، وكان لا بد من أن ينال عقابه، فخرج بعض الصحابة وعلى رأسهم عبد الله بن عتيك لتنفيذ المهمة رغم صعوبتها، فقد كان في حصن منيع يستحيل على أي شخص غريب دخوله، إلا أن توفيق الله وتيسيره للأمور جعلت عبد الله بن عتيك يجد الحيلة في الدخول إليه والاقتصاص منه والرجوع سالما إلا من كسرٍ في رجله مسح عليها الرسول الكريم فبرئت.


وقد كان المسلمون رغم امتلاء قلوبهم غيظا من سبّ النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنهم كانوا يستبشرون بهزيمة من يسُبّ، فقد كان المسلمون إذا يئسوا من حصارهم لحصن من الحصون والمدائن في الشام لعدة أشهر أحيانا، حتى إذا ما تعرض أهلُهُ لِسَبِّ رسولِ الله والوقيعةِ في عرضِه، تيَسَّر فتحه، ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يُفتح عَنوة وتكون فيه ملحمة عظيمة.


وعلى نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاقتصاص ممن سبّه، سار قادة المسلمين ومنهم صلاح الدين الأيوبي حيث نذر أن يقتل (أرناط) صاحب الكرك لأنه نقض الصلح وغدر بالمسلمين، ولما ناشدوه الصلح استخف بالنبي وقال فيه قولا، لذلك عندما حضر إليه أرناط انتصر صلاح الدين للرسول منه وقتله.


هكذا كان مصير من يعتدي على خير الأنام، كان يلقى الرد الصارم في حقه ويُطهر المجتمع منه ومن شروره، وإن كان الله قد كفى رسوله عن نصرة الخلق له، قال تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ [الزمر: 36]، ولكن ليبلوَ بعضهم ببعض وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ليحق الجزاء على الأعمال.


واليوم دول الغرب تعيش هاجس عودة مارد الإسلام الذي أفاق في عقول وقلوب المسلمين، فبدأوا بالسير نحو العودة إلى أن يكون الإسلام منهج حياتهم كما كان من قبل، ليخلصهم مما يعانون من ظلم الغرب ونظامه الرأسمالي العفن.


ومنعاً من أن يصل المسلمون إلى مبتغاهم، عمل الغرب على محاولة تشويه صورتهم وإظهارهم أنهم إرهابيون مستخدما أساليب شتى في الهجوم على الأسس التي يقوم عليها الإسلام، منها سبّ الإسلام والتهجم على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى القرآن وتدنيسه بحجة حرية التعبير!، وملاحقة العلماء المخلصين وحملة الدعوة، والاعتداء على المساجد بالهدم والحرق، والتهجم على تعاليم الإسلام وإظهار الإسلام أنه دين شر وعنف وإرهاب، كل ذلك ليجعلوا المسلمين يردون على تلك الإساءات بردود فعل عنيفة يمكن أن تصل إلى القيام بالاغتيالات، فيتخذها الغرب ذريعة أمام شعوبهم لمقاتلة المسلمين والدخول إلى بلادهم بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان بكافة أشكاله مستعينا بالإعلام الخبيث المسيس، والكتّاب الملوثة عقولهم بأفكار العلمانية والليبرالية، ومنهم الأزهر والذي يُحسب على المسلمين منبراً للإسلام أجاز قبل عقد من الزمان كتابا لجد بوش ذكرت الإدارة الأمريكية أنه يشير إلى محمد على أنه دجال ويصف الإسلام بأنه "هرطقة وخرافة رهيبة" ساء ما يقولون.


كل هذا يحدث وحكامنا عملاء الكافر المستعمر، المنفصلون عن شعوبهم فكرا وشعورا، صمّ بكمٌ عميٌ فهم كالأنعام بل هم أضل، يقفون إلى جانب المعتدي ضد من يدافع عن المعتدى عليه، وما رأيناه من استنكارهم للهجوم على صحيفة شارلي إيبدو سيئة الذكر ومسارعتهم للمشاركة في مسيرة التضامن في فرنسا، وإلقائهم لكلمات التنديد بالفعل والفاعلين وتحميل المسلمين والإسلام المسئولية، لَيدلّ على أن أولئك الحكام محسوبون على الأمة الإسلامية والأمة منهم براء، ويل لهم أما رأوا كيف تدافع الحيوانات غريزيا عن نفسها وعن قطيعها، إنهم فعلا أضل منهم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمد: 7-8]


ليست هذه المرة الأولى التي تتطاول فيها ألسنة السوء بالإساءة على نبينا وتاج رؤوسنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم والاعتداء على عقيدتنا، إنما هي حلقة من سلسلة إساءات متعمدة، إلا أن الهجمة أخذت في تزايد ملحوظ في السنوات الأخيرة، فمنذ متى يستطيع بابا الفاتيكان أن يطيل لسانه على الإسلام؟ ومنذ متى تتمادى الصحف الدنماركية في نشر رسوم مسيئة إلى الرسول، ومنذ متى يجرؤ حاكم لبلد إسلامي أن يوجه رسالة لوم للمسلمين على ما حصل للصحيفة، من على أحد منابر الغرب المستعمر ويدعوهم إلى إصلاح أنفسهم ومراجعة ذاتهم، وكان منذ وقت قريب قد دعا إلى تغيير الخطاب الديني معتبرا أن الإسلام سبب للإرهاب، ونسي أنه أرهب شعبه وأراهم كل صنوف البطش والظلم، أليس هو الإرهاب بعينه؟! فحسبنا الله ونعم الوكيل.


ما كان لهؤلاء وأمثالهم أن يتجرؤوا بما قالوه أو فعلوه لو أنهم وجدوا من يقطع هذه الألسن، فإن ما يظهر دائما من ردود فعل غاضبة من الأمة تتمحور إما في النداء لمقاطعة شراء منتجات الدولة المعتدية ومقاطعة التعامل مع مواقعها الإلكترونية لضرب اقتصادها، أو في القيام بمظاهرات ومسيرات منددة، أو المطالبة بطرد السفراء، وهناك من يرى أن الدفاع يكون بالإكثار من الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، والذكر والدعاء على من أساء، فهل حققت هذه الأساليب للمسلمين شيئا؟! وهل أخرست لسانا أو دفعت شرا؟ بالتأكيد لا، فإن الغيرة على الرسول صلى الله عليه وسلم لا تقتصر على الغضب وما يتبعه من تصرفات مشاعرية، إنما يجب التمسك بسنته ونصرة رسالته، والعمل الجاد لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فهي وحدها القادرة على إيقاف مسلسل الاعتداءات تلك، وهي وحدها القادرة على المحافظة على أحكام الإسلام والدفاع عن الأمة الإسلامية، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31]


فإلى كل المسلمين الغيورين على دينهم ورسولهم، إلى كل من يتقلد رتبة من الرتب العسكرية في جيوش البلاد العربية والإسلامية من أعلاها إلى أدناها، إلى أهل القوة والمنعة: "لا عُذرَ لكم عند الله إن خَلُص إلى الاعتداء على رسول الله أحد وفيكم عين تطرف"، إلى متى التكاسل عن نصرة دين الله؟ إلى متى السكوت على التطاول على دين الله ورسوله وكتابه؟ إلى متى ستبقى تبعيتكم لحكامكم وطاعتكم العمياء لهم؟ فوالله لن تنفعكم أموالهم والمناصب التي يغرونكم بها يوم تلقون ربكم، عندها ستقولون قول الله تعالى: ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [الحاقة: 101] ووالله إن عروش حكامكم لأهون وأضعف من بيت العنكبوت لو كنتم تعلمون. فهلا نفضتم أيديكم منهم وسارعتم إلى حجز مقعد صدق عند مليك مقتدر، وحطّمتم كل دعائم مقاعدكم عند أولئك الضالين المضلين، الجبابرة المتغطرسين.


ألا تغضبون لله فتأخذوا للأمة حقها ممن أذاقها صنوف القهر والطغيان، وتعيدوا لها عزتها وقوتها؟ فإذا كان من أوائل من تسعَّر بهم النار يوم القيامة شهيد لم يخلص النية لله بل قاتل من أجل أن يقال أنه جريء، فكيف ستكون محاسبة من يقاتل دفاعا عن أعداء الله وخونة رسوله؟ إنه ليس للإنسان إلا نفس واحدة قضى الله وقتا محددا لانتهاء أجلها، فلينظر كل منكم في أي حال يريد لهذه النفس أن تزهق، أفي مرضاة الله فيفوز برضوانه والجنة بصحبة سيد الشهداء والصالحين، أم في مرضاة عباد نسوا الله وباعوا دينهم بدنيا غيرهم، فتكونوا بجوارهم في نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى؟


إنها لحظات حسم فاحسموا أمركم واحزموا أمتعتكم وعينوا رفقاءكم، وقرروا وجهتكم؛ أإلى فسطاط الكفر وما يتطلبه من تبعية وعمالة للكفار وأعوانهم، أم إلى فسطاط الإيمان وما يستلزمه من همة وغضبة لله ورسوله، ونصرة للعاملين لاستئناف الحياة الإسلامية وإعلان الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وعد الله وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فيا له من شرف عظيم تنالونه، وإنها والله ما هي إلا ساعة من صبر، فإما شهادة وإما خلافة، فسارعوا إلى هذا الشرف قبل أن يستبدل الله بكم رجالا هم أشد منكم منعة، لا يخافون في الله لومة لائم، ينالون شرف مبايعة خليفة يحكم بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ويري الغرب الكافر كيف يكون الرد الرادع.

 

كتبته للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
راضية عبد الله - بيت المقدس

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع