الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

حمل الدعوة بين تحريك الشعور الفكري وخطر اتباع المشاعر - الجزء الأول -

بسم الله الرحمن الرحيم


كثيرة هي الأحداث والوقائع التي تؤثر في الإنسان وتتفاوت درجات التأثّر والتفاعل معها حسب المفهوم الذي يحمله ذلك الإنسان عن واقعها. فالتعبير عن الفرح والحزن والميل والخوف تتفاوت وإن كان طريق الإحساس بها واحداً. فتقبّل خبر النجاح لا يختلف من جهة الإحساس بمظاهر الفرح به لكن الاختلاف يكمن في درجة الشعور بهذا الفرح وبالتالي يتفاوت التعبير عنه حسب ما ينتظره المرء من هذا الأمر وحسب أهميته بالنسبة له.


ومن الوقائع ما يختلف الشعور بها حسب عقلية الإنسان المتبناة (الفكرة أو الأفكار التي على أساسها يبني أحكامه) فيؤثر - هذا الشعور - على نفسيته (الطريقة التي وفقها يصرّف ميوله تجاه واقع معين) فيتكون له بذلك شعور مرتبط بفكره وهذا يسمى الشعور الفكري أي الشعور المنبثق عن فكرٍ وعن مفاهيم. فالشوق لبلد الله الحرام لا يشعر به إلا من ينتمي للمسلمين. وغياب مفهوم المُحْرم والعورة عند غير المسلمين جعل العلاقات شاذة في مجتمعاتهم. بصفة عامة الشعور الفكري يشذ عن الفطرة البشرية إذا كان أساس الفكر والعقيدة المتبعة يخالف هذه الفطرة. والشعور الفكري الوحيد الصحيح هو ذلك الذي يبنى على أساس العقيدة الإسلامية. فالنظرة للإنسان بوصفه مخلوقاً لخالق وتنظيم العلاقات معه تبنى على أساس الأحكام الشرعية الإسلامية فالنظرة للكافر المحارب ليست كالنظرة للكافر المسالم تقيدا بحكم الله: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.


وتختلف درجة تأثر الإنسان بشعوره الفكري حسب قوة اطمئنانه للفكر. فالمسلمون يتفاوتون في شعورهم بقضايا الأمة بحسب درجة وعيهم بخطورتها وعظمها وبحسب تغلغل مفاهيم الإسلام في قلوبهم. فالشّعور بالألم لجراح المسلمين المضطهدين والفرح لفكّ الكرب عن آخرين يكون أشد عند الذي أشغل نفسه بنصرة الأمة من الذي اقتصر اهتمامه بالدنيا وانشغل بنفسه. والشعور فكريا كان أو فطريا جبليّا أثره زائل وسريع الانطفاء بزوال سبب تحركه أو طول الأمد الذي يصيب المرء بالملل والفتور. لهذا كان لزاما على المسلم أن يجعل الفكر أساس حكمه على الأشياء والأحكام الشرعية أساس ميوله وسلوكه مع ما حوله.


إلاّ أن الخطر يكمن في سيطرة الشعور على عملية التفكير ما قد يؤدي لارتكاب خطأ عوض اتخاذ الإجراء الصحيح الصائب. فنجد من المسلمين من يتحمس لعمليات استهداف جيوش المحتل أو لاعتصام ناجح أو عمل جماهيري كبير حتى يكاد يُخيّل له أن هذا العمل سيحقق التغيير المنشود وتقوم دولة الإسلام. فتأثره الكبير بالعمل يجعله يرد الفعل تجاه عمل جزئي وإن كان ذا أهمية فيعتبره عملا من الطريقة عوض أن يبني عليه ويفتح أبوابا في التفاعل مع الأمة، فيخطئ تقدير نتيجة العمل ولا يحسب حساب المرحلة التالية لذلك العمل، فيضّيع الهدف مما يؤدي لزاما لانحراف سيره في طريق تحقيق الغاية المنشودة. وقد يؤدي أيضا للتركيز على جزء من قضايا المسلمين ويُغَضَّ الطرف عن باقي قضايا المسلمين التي ترزح تحت نير عدوان الكفار غربا وشرقا.


على حامل الدعوة أن يعي جيدا أن الشعور لا يجب أن يؤثر على عملية التفكير وأن يتقي بذلك عدة أخطار قد توضع عقبات في دعوته تؤثر سلبا على تفاعل الناس معه وحتى على تفاعله هو مع الواقع المحيط به. سنتعرض في الجزء الثاني إلى ما يجب على حامل الدعوة القيام به وما يحذر الوقوع فيه.

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسامة بن شعيب - تونس

 

 

لقراءة القسم الثاني اضغط هنــــا

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع