الخلافة وحدها هي التي ستحاكم المجرمين وستغلق الجهاز الذي ينهب الناس تحت مسمى 'سوق الأوراق المالية'
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
في السابع من أبريل/ نيسان 2011 سلم السيد إبراهيم خالد رئيس البورصة تقريرا رسميا عن قضايا احتيال في فضيحة سوق الأوراق المالية الحكومية. وكان السيد خالد، الذي كان نائبا سابقا لحاكم مصرف بنغلادش والرئيس الحالي لبنك بنغلادش الزراعي، قد كُلف من حكومة الشيخة حسينة للتحقيق في حادثة انهيار أكبر سوق للأوراق المالية في تاريخ البلاد خلال الفترة الممتدة ما بين ديسمبر 2010 إلى يناير 2011، حيث كانت الكارثة في سوق الأسهم شديدة، بحيث أثرت مباشرة على أكثر من 3.3 مليون شخص (من صغار المستثمرين) وخسروا جميع استثماراتهم تقريبا، وكان ما يقرب من 12 إلى 15 مليونا متضررا بشكل غير مباشر من هذه العملية، وتشير معظم التقديرات غير الرسمية إلى أنّ مجموع الخسائر خلال هذه الفترة 120 مليار تكا والتي تعادل 1.7 مليار دولار أمريكي.
وقد شعر جميع المستثمرين الصغار من الذين يحصلون على قوت يومهم بشق الأنفس بالانهيار، وفجأة تبخرت مدخراتهم وذابت كذوبان الجليد على الطريق، خصوصا في التاسع من يناير 2011، حيث انخفض مؤشر البورصة في دكا انخفاضا شديدا في يوم واحد لم يمر مثله منذ 55 عاما، حيث انخفض مؤشر السوق العام بمقدار 600 نقطة، وانخفضت جميع المؤشرات إلى ما يقرب من 8 في المائة في أعقاب المبيعات من حالة الذعر، وتحطم الرقم القياسي في اليوم السابق، في 10 يناير، 660 نقطة أو 9.25 في المائة بين 11:00 والساعة 11:50. فأغلق السوق المالي، وأصيب صغار المستثمرين بالصدمة، وتحولت المنطقة التجارية إلى ساحة معركة بين المتظاهرين ورجال الأمن.
ظل وزراء الحكومة والمنظمون صامتين خلال الجزء الأكبر من هذا الدمار الاقتصادي الشامل في سوق الأوراق المالية، ما ساعد في عملية سقوط مزيد من الأسواق لضمان بيع المتلاعبين خلف الكواليس لتحقيق مكاسب من المستثمرين الصغار، وخلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2010 عندما كان تقدير قيمة السوق مبالغا فيه، حاولت الحكومة أن تسخر من الناس من خلال تصوير هذا الاتجاه الصعودي للسوق أنه نجاح لها، حيث قال المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الرحمن مشهور ووزير المالية "أنّ الزيادة في السوق ترجع إلى السياسة الاقتصادية المختصة التي تضطلع بها حكومة الشيخة حسينة وأنها تساعد الكثير من الشباب على إيجاد وظائف لهم وبالتالي حل مشكلة البطالة" ولكن كان كل ذلك خدعة! لأن السوق بدأ بالانهيار بسبب تحقيق المضاربين للأرباح، وقد أجبر الضغط المفرط على السوق إلى لجوء المستثمرين إلى البيع ما حطم السوق وأذابه كجبل من جليد، ما تسبب بإفقار الناس أكثر فأكثر، في تلك المرحلة تغيرت لهجة المستشار الاقتصادي، وزير المالية ورئيس مجلس الوزراء، فقد فقد معظم المستثمرين الصغار (3,3 مليون) في النصف الأول من يناير 2011 ، كل شيء تقريبا، حيث قال المستشار الاقتصادي حينها أنّ "سوق الأسهم هو مقامرة وبالتالي فإنّ المسئولية تقع على عاتق أولئك الذين استثمروا فيه، ولا علاقة للحكومة في ذلك، كما ذهب رئيس الوزراء أبعد من ذلك بإلقاء اللوم على الأطراف المعارضة، والمؤيدة للشريعة الإسلامية والقوميين، مما يكشف الطبيعة الحقيقية للسياسة الديمقراطية، فتحولت شوارع العاصمة المالية إلى ساحات معركة بشكل يومي، والسلطات التنظيمية بما في ذلك البورصات والأمن ولجنة البورصة وبنك بنغلادش، ووزارة المالية والشركات المساهمة جميعا تبنوا سياسات مختلفة، وتغيرت تلك السياسات بشكل يومي، ما ساعد ذلك المتلاعبين في الاحتيال من وراء الكواليس للخروج من السوق مع ربح تخطى ال 120 مليار تكا، وكل هذه الأرباح تم تحقيقها من مدخرات المجموعات ذات الدخل المتوسط في بنغلادش التي وقعت فريسة لسحر الرأسمالية، سوق الأسهم.
والضغط على الحكومة زاد خلال الفترة ما بين فبراير ومارس 2011، حيث أعلنت الحكومة أخيرا عن السيد خالد إبراهيم رئيسا لفريق التحقيق، وحتى بعد تسليمه لنتائج التحقيق في تقرير من 300 صفحة إلى الحكومة في 7 أبريل 2011 ، فإنّ الحكومة لم تنشر بعد هذا التقرير علنا لاحتوائه على أسماء عدد من كبار الوزراء وأعضاء البرلمان ورجال الأعمال من هذه الحكومة، بمن فيهم سيء السمعة سلمان رحمان، إلى جانب السياسيين من المعارضة، وعلاوة على ذلك، ففي يوم تسليم التقرير، المح السيد خالد إبراهيم إلى أنّ "الجناة أقوياء بحيث لا يمكن محاكمتهم تحت ظل الديمقراطية "، واقترح محاكمتهم أمام محاكم عسكرية!
عرف عن بنغلادش في جميع أنحاء العالم بأنها واحدة من أفقر البلدان في العالم، وأنّ لديها سجل تاريخي من السياسيين الذين ينهبون المال العام، ففي عهد الحكومة السابقة، حكومة خالدة ضياء، نهب طارق عبد الرحمن، نجل ضياء بيغوم مائة مليون دولار، والآن نهب أحد أبناء الشيخة حسينة، شاجب واجد 1.7 مليار دولار!
في الواقع فإنّه تحت هذا النموذج الرأسمالي الديمقراطي العلماني الاقتصادي، فإنّ السياسيين ينهبون ثروات الناس، وأسواق الأوراق المالية تعمل كأداة مثالية لمساعدتهم على ذلك، حيث تترك الأمة في فقر شديد، لذلك فإنّ الحل لمشكلة البطالة ليست في سوق الأوراق المالية وهذا النموذج الرأسمالي في الاقتصاد، وأيضا فإنّ الحل يكمن في تقديم المسئولين عن نهب المال العام إلى العدالة وليس بالديمقراطية ولا أي أنظمة أخرى من صنع الإنسان، بل بالنظام الاقتصادي الإسلامي تحت ظل الخلافة، فهي الضمان الوحيد لتحقيق الرخاء الاقتصادي للأمة، كما أنّ محاكمة الجناة من الذين ينهبون ثروات الأمة تكفلها الخلافة.
جعفر محمد أبو عبد الله
دكا ، بنغلادش