خبر و تعليق كَشَفَ النقاب عن حقيقة العلمانية
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
في وقت سابق من هذا الشهر ألقي القبض على امرأة محجبة في مركز تجاري في ليه مورو [قرب باريس] وتم تغريمها 150 € يورو، وقد ألقي القبض على امرأة أخرى محجبة في سان دوني (ضواحي باريس)، واقتيدت إلى مخفر الشرطة بعد أن رفضت خلع النقاب. فمن الآن وصاعدا فإنّ ارتداء النقاب في الأماكن العامة في فرنسا أصبح جريمة جنائية، ومن تتجرأ من النساء المسلمات اللواتي يخترن ارتداء النقاب تتعرض لخطر الغرامة أو إلى الحجز لعدة ساعات.
التعليق:
إنّ النفاق الفرنسي واضح في تطبيق الحرية في الداخل والخارج فيما يتعلق بالمسلمين. ففي الداخل، فإنّ فرنسا ترفض تطبيق الحرية الدينية للمرأة المسلمة من الذين يختارون ارتداء النقاب، أما في الخارج فهي تتقلب وتراوغ حول التزامها بتحرير الجماهير المسلمة من الحكام المستبدين الذين ظلوا تحت رعايتها لعقود، وعلاوة على ذلك، فإنّ غزو ليبيا كشف بكل وضوح للغالبية العظمى من المسلمين أنّ فرنسا حريصة على التضحية بأيديولوجيتها العلمانية من أجل مصالحها المادية المجردة.
فرنسا ليست البلد الغربي الوحيد الذي يعاني من التناقضات الأيديولوجية بمثل هذا الحجم، وهي تنفي باستمرار خرقها لقيمها الليبرالية بحق السكان المسلمين فيها، ومنذ 11 سبتمبر، وتحت ذريعة الحرب على الإرهاب، قامت الدول الغربية بمجموعة من التدابير التي استهدفت المسلمين الذين يعيشون في الغرب، وتشمل هذه التدابير الاعتقالات التعسفية والتعذيب الجسدي والسجن دون محاكمة، وحظر المآذن، وحظر النقاب، وتكميم أفواه الأئمة، وحالات وفاة في حجز الشرطة، وقد شهد المسلمون أيضا هجوما لاذعا على الإسلام من خلال عدسة وسائل الإعلام الغربية.
وقد ترك هذا كله انطباعا لا يُمحى من أذهان المسلمين بأنّ الديمقراطيات العلمانية في الغرب غير قادرة على ضمان سلامة المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية، كما أنّ محنة المسلمين الذين يعيشون في ظل الديكتاتوريات العلمانية التي يدعمها الغرب هي أسوأ من ذلك بكثير، ففي دول مثل أوزبكستان وسوريا وغيرها، يتم القبض بشكل روتيني على المسلمين الملتحين أو من يترددون على المساجد، وفي تركيا، يجبرن النساء الذين يختارون التعليم الجامعي على التخلي عن الحجاب.
ولكن أشرس أنواع العقاب تكون من نصيب من يسعون إلى انتقاد هذه الأنظمة المستبدة لعدم تطبيق الإسلام، فالسجن والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء هي القاعدة المتبعة ضدهم، والمحافظة المستمرة من قبل الغرب على الأنظمة العلمانية في الجزائر وتونس ومصر، وغيرها من الأنظمة المتضررة من الثورات العربية تحول الجماهير العربية أكثر عداء يوما بعد يوم، ومن هنا اقتنع العالم الإسلامي أكثر من أي وقت مضى أنّ العلمانية غير قادرة على توفير الحقوق والقيم التي تتوافق مع عقيدتهم الإسلامية.
وحتى غير المسلمين الذين يعيشون تحت العلمانية يشعرون بأنّ دينهم هو عرضة للخطر، حيث أنّ كثيرا من المسيحيين في الغرب يعتقدون بأنّ المثلية الجنسية للأساقفة، والكهنة من النساء، والأطفال غير الشرعيين، وتحويل عيد الميلاد لأسواق تجارية، هي محاولات خبيثة من قبل الأصولية العلمانية لتخريب القيم المسيحية واستبدالها بأخرى علمانية.
وبالمثل، فقد فشلت العلمانية في حماية الطوائف المسيحية في ايرلندا الشمالية وفي الحفاظ على حياة الشعب المسيحي واليهودي والمسلم، أما الهند، وهي أكبر دولة علمانية في العالم يتعرض الهندوس والمسيحيون والمسلمون والسيخ فيها للعنف الديني، وجميعهم ضحايا للعلمانية، وهكذا فإنّ المسلمين وغير المسلمين أيضا يبحثون عن نظام بديل يمكن أن يوفر لهم الفرصة لممارسة شعائرهم الدينية بسلام.
الإسلام هي الأيديولوجية الوحيدة في العالم التي يعيش الناس في ظلها من مختلف الأديان ويتمكنوا من أداء عبادتهم وواجباتهم الدينية من دون انتقام أو معاناة من انعدام الأمن، فهذا أمر مضمون من قبل دولة الخلافة، ففي الماضي حمى الخليفة حقوق غير المسلمين والمسلمين على حد سواء، دون تمييز بينهما، ففي فلسطين مثلا، عاش المسلمون واليهود والمسيحيين تحت ظلال الخلافة في أمان لا مثيل له في تاريخ البشرية.
عابد مصطفى