الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نفائس الثمرات    يا إخواني، لمثل هذا فأعدوا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

يا هذا أين الذي جمعته من الأموال، وأعددته للشدائد والأهوال، لقد أصبحت كفك منه عند الموت خالية صفراً، وبدلت من بعد غناك وعزك ذلاً وفقراً، فكيف أصبحت يا رهين أوزاره ويا من سلب من أهله ودياره؟ ما كان أخفى عليك سبيل الرشاد، و أقل اهتمامك لحمل الزاد، إلى سفرك البعيد، وموقفك الصعب الشديد، أو ما علمت يا مغرور: أن لا بد من الارتحال، إلى يوم شديد الأهوال، وليس ينفعك ثم قيل ولا قال ،بل يعد عليك بين يدي الملك الديان، ما بطشت اليدان، ومشت القدمان ونطق به اللسان، وعملت الجوارح والأركان، فإن رحمك فإلى الجنان، وإن كانت الأخرى فإلى النيران، يا غافلاً عن هذه الأحوال. إلى كم هذه الغفلة والتوان، أتحسب أن الأمر صغير. وتزعم أن الخطب يسير؟ وتظن أن سينفعك حالك، إذا آن ارتحالك، أو ينقذك مالك، حين توبقك أعمالك، أو يغني عنك ندمك، إذا زلت بك قدمك، أو يعطف عليك معشرك، حين يضمك محشرك، كلا والله ساء ما تتوهم ولا بد لك أن ستعلم. لا بالكفاف تقنع، ولا من الحرام تشبع، ولا للعظاة تستمع، ولا بالوعيد ترتدع، دأبك أن تنقلب مع الأهواء، وتخبط خبط العشواء، يعجبك التكاثر بما لديك، ولا تذكر ما بين يديك، يا نائماً في غفلة وفي خبطة يقظان، إلى كم هذه الغفلة والتوان ،أتزعم أن سترك سدى، وأن لا تحاسب غداً، أم تحسب أن الموت يقبل الرشا، أم تميز بين الأسد والرشا، كلا والله لن يدفع عنك الموت مال ولا بنون، ولا ينفع أهل القبور إلا العمل المبرور، فطوبى لمن سمع ووعى ،وحقق ما ادعى، ونهى النفس عن الهوى، وعلم أن الفائز من ارعوى، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى* وأن سعيه سوف يرى فانتبه من هذه الرقدة ، واجعل العمل الصالح لك عدة، ولا تتمن منازل الأبرار، وأنت مقيم على الأوزار عامل بعمل الفجار، بل أكثر من الأعمال الصالحات، وراقب الله في الخلوات. رب الأرض والسموات، ولا يغرنك الأمل، فتزهد عن العمل، أو ماسمعت الرسول حيث يقول، لما جلس على القبور: يا إخواني، لمثل هذا فأعدوا، أو ما سمعت الذي خلقك فسواك، يقول: { وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } .
التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة،

الإمام القرطبي

وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع