أنظمة تنهب الخيرات وتمن على الناس أرزاقهم بقلم المهندس أحمد الخطيب
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد قام الحطيئة بهجاء الزبرقان بن بدر في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلا "دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي".
هذا الزبرقان لم يسرق ولم ينهب أموال الناس ولم يدع أنه يرزق الناس وهجاه الحطيئة بشنيع بيت الشعر مما دعا عمر رضي الله عنه لحبسه، فماذا سيقول الحطيئة للقذافي؟ الذي يمن على الناس الكهرباء والبترول، وكأنه نفط أبيه وأمه، وماذا سيقول الحطيئة لسيف الشيطان ابن القذافي؟ الذي يهدد الناس بأنهم لن يجدوا كسرة خبز ولا نفط ولا مدارس..، وماذا سيقول لحكام الكويت والبحرين؟ الذين يقدمون الرشى للناس بإعطاء كل عائلة ألف دينار وكأنهم يعطون الناس من جيوبهم الخاصة، وماذا سيقول لحسني مبارك المخلوع؟ الذي من على أهل مصر بأنه يوفر لهم الخبز.
إن الناس يتسمرون أمام التلفاز وهم يشاهدون حكامهم الرويبضات الذين نهبوا أموالهم وأسلموهم لأعدائهم وأذلوهم وأذاقوهم الويلات يمنون عليهم أن تركوا لهم فتات الموائد، وكأن هذه الأموال والبترول والخيرات وجدت لهم ولأبنائهم ولأزلامهم وأوباشهم.
والحقيقة أن حال حكام المسلمين جميعا كحال القذافي، وفي مقدمتهم رجالات السلطة الفلسطينية، فقد تواتر عن الذين حققت معهم أجهزة السلطة الأمنية قولهم أن الأجهزة استهجنت عليهم إنكار منكرات السلطة وهم يقبضون معاشاتهم من السلطة فيقولون للموظف "كيف تنتقد السلطة وراتبك منها"، فحسب هرطقات السلطة لا يحق للموظف أن يستنكر فعال السلطة أو يأمرها بمعروف أو ينهاها عن المنكرات وما أكثرها، وكأن الأموال هي ملك رجالات السلطة تدفع للأتباع والمقربين والمنافقين والمنتفعين الذين يسكتون عن تفريطها بمعظم فلسطين لليهود، وعن تنسيق أجهزتها الأمنية مع الاحتلال لحماية أمن يهود.
والحقيقة أن الحكام ومنهم السلطة والأجهزة الأمنية في فلسطين تنظر إلى الناس "المواطن" ، كأن السلطة هي التي صنعتهم أو خلقتهم أو ترزقهم، وكأن العمل الذي يكد الإنسان ويعرق ويكابد في سبيل إنجازه وأدائه على وجهه، مِنة من السلطة، كأن الناس كانوا قبل السلطة ليس فيهم مدرس ولا موظف أوقاف ولا موظف دائرة زراعة ولا صناعة ولا أي منشط من مناشط الحياة، بل كانوا يعيشون قبل التاريخ وقبل ظهور النوع الإنساني على الكرة الأرضية، وفقط عندما جاءت السلطة أنعمت على الناس بالوظائف فأصبح فيهم مدرسون وأئمة مساجد وموظفو زراعة وصناعة وغيرها، فالسلطة ترى أنها بابا لتجميع الأتباع من خلال التوظيف والوظائف وأداة لمحاربة المخالفين في الفكر من خلال التمييز "العنصري" بالإبعاد من الوظائف.
ومن أعجب ما صدر عن السلطة أن التربية والتعليم أرسلت للمدرسين مؤخرا كتابا طلبت منهم التوقيع على أنهم أبلغوا به ومضمونه منعهم من التدريس في المساجد، فالسلطة تمارس الاستعباد الفكري للموظفين الحكوميين بالحد من تعبيرهم عن أفكارهم وآرائهم، علما أنهم نخبة مثقفة، فإذا كان المدرس في المدرسة يمنع من الحديث في المسجد، فهل يشترط أن يكون المتحدث في المساجد من الأميين أو ذوي التعليم المدرسي على الأكثر ساء ما يصنعون.
إن الأمة الكريمة التي تثور في وجه الطغيان والطغاة والظلمة تستحق حاكما عادلا يشبع الناس قبل أن يشبع هو ويعيد لها كرامتها وعزتها ويحرر بلادها المحتلة ويستحق أن يقال له ما قاله الحطيئة لعمر أمير المؤمنين رضي الله عنه.
أنت الإمام الذي من بعد صاحبه ألقت إليك مقاليد النهى البشر
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين