الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الأزمات الاقتصادية العالمية ح 5

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

ذكرنا في الحلقات السابقة بعض الأسباب التي جعلت من النظام الإقتصادي الرأسمالي المسبب الرئيس في الأزمات الإقتصادية العالمية، وفي هذه الحلقة سأبحث الأسباب الرابع والخامس والسادس التي جعلت النظام الرأسمالي يخفق في تجنيب البشرية لمثل هذه الأزمات.

رابعا: تعتبر المنفعة هي المقياس في التعاملات المالية   وغيرها، فأي عمل ينتج منفعة فهو مباح، سواء أكان هذا العمل على حساب الآخرين ام لا، وسواء أكان فيه ضرر على الآخرين أم لا، فالغش والخداع من أبرز الأعمال المالية في اقتصاد السوق، ويتجلى ذلك في عمليات البيع الوهمية على الورق للأسهم والسندات والأوراق المالية، وبعض المعادن كالحديد والبترول، وبعض المواد التموينية كالقمح والسمسم، وبيع العملات الصعبة والذهب والفضة، ويتم ذلك من خلال أسواق الأوراق المالية أو البورصات العالمية، وكل عمليات البيع تتم بدون تقابض، وإنما من خلال تسجيل ونقل الأرصدة من حساب إلى آخر، وبرز ذلك في ارتفاع الأسعار الجنوني غير المسبوق نتيجة المضاربات الوهمية، وانخداع أغلب كبيري الدخل ومتوسطيه وصغاره من قبل عمالقة وحيتان الأسواق بل قل قادة النصب والإحتيال ، ولأن المقياس عند جميع المتعاملين في هذه الأسواق هو المنفعة، فإن الحيتان ياتون إلى سوق الأموال ويشترون أغلب الأسهم المعروضة بشكل سريع ورخيص، وهذا يجعل أسعار الأسهم ترتفع نتيجة زيادة الطلب، حتى إذا ما وصل سعرها نتيجة المزايدات عدة أضعاف سعرها الإسمي، قام هؤلاء الحيتان ببيعها للكبار والصغار وقبض ثمنها والخروج من هذا السوق، ويبقى المشترون من الكبار والصغار وحدهم في السوق، يعرضون بيعها بهامش ربح كبير فلا يجدون من يشتريها، فيقومون بتقليل هامش الربح إلى أن يعرضوها بنفس السعر الذي اشتروها بها دون فائدة، ولأن المعروض أكثر بكثير من المطلوب، فإن هذا يضطرهم إلى عرضها بأقل الأسعار، من أجل تسديد الديون والنفقات المترتبة عليهم، لعلهم يعوضون جزءا من الخسارة، وهذا يؤدي الى الركود، وهنا تقع الأزمة المالية الحقيقية، والتي يعجز النظام الإقتصادي الرأسمالي عن حلها، لأنه هو الذي سمح بهذه التعاملات وأقرها وكفلها وحماها بالقوانين، وما حصل في الأزمة الحالية لأكبر دليل على ذلك، فخسارة السوق الخليجية وحدها  بلغ حوالي ترليونين ونصف، حسب ما ذكره وزير خارجية الكويت، أثناء إنعقاد القمة الإقتصادية في الكويت، في كانون ثاني من عام 2009، وكذلك انهيار كبرى الشركات والبنوك في دول الغرب جعل دول الغرب تلجأ إلى الترقيع، عن طريق محاولة التدخل لإنقاذ هذه الشركات أو تأميمها. فقد قدر بنك انجلترا المركزي حجم الخسائر التي ستمنى بها البنوك والمستثمرين على مستوى العالم خلال الأزمة المالية الحالية بترليونين وثمانمئة مليار دولار، وحذر بنك انجلترا أن الأخطار الحقيقية الكبيرة ستبقى في النظام المصرفي الدولي، حتى بعد محاولات العديد من حكومات العالم تقوية أنظمتها المصرفية. ويقول البنك إن العالم يحتاج إلى قواعد جديدة تنظم النظام المصرفي الدولي من أجل ضمان أن تحتاط البنوك ماليا في فترات النمو القوي لخسائر فترات التباطؤ الاقتصادي، من جانبه اعتبر وزير الزراعة الفنزويلي علي رودريغيز في برازيليا، ان الازمة المالية العالمية "جريمة ضد الانسانية" لأن عواقبها ستؤدي الى تفاقم الفقر. وقال رودريغيز ان "من الضروري اتخاذ عقوبات قاسية ضد هؤلاء المضاربين والنصابين. والازمة جريمة ضد الانسانية، وهي ستزيد من الفقر والجوع" واضاف قائلا: "تقول منظمة الامم المتحدة للتغذية والزراعة ان 800مليون شخص في العالم يعانون من الجوع".

خامسا: حرية التملك التي يعتبرها المبدأ الرأسمالي من الحريات التي كفلها للفرد، وعدم العناية بأمر توزيع الثروة على الأفراد، أدى ذلك إلى تملك المال بأي وسيلة كانت، سواء أكانت هذه الوسيلة غشا أو خداعا أو قمارا، أو كانت هذه السلع خمورا أو مخدرات، او كانت هذه الجهود شعوذة أو دجلا أو رقصا، فالمهم عندهم هو حيازة المادة، بغض النظر عن الوسيلة لذلك، فمن يملك الجاه والسلطان يستطيع أن يستخدم وسائل الضغط والتحكم بمعاملات الناس، لابتزازهم وأخذ المال منهم بمسميات مختلفة منها إيجاد التسهيلات، وسرعة إنجاز المعاملات، وإزالة العقبات وغيرها، وجميعها تندرج تحت بند الرشوة، ومن يملك التمثيل يستطيع أن يستخدم الشعوذة والخداع للحصول على أموال الناس، ومن يملك المال والقوة يستطيع المتاجرة بالمخدرات وأخذ بعض الإمتيازات في الاحتكار وغيرها، ومن تملك الجمال يمكن أن تتاجر بجسدها، إلى غير ذلك من الوسائل والأساليب التي أجازها النظام الرأسمالي.

سادسا: جعل الملكيات ملكية واحدة هي الملكية الخاصة أو الفردية، وذلك بتمليك الأموال التي تتفرق الجماعة في طلبها تمليكا خاصا، وهو ما يسمى بالملكية العامة، ويتجلى ذلك بإعطاء حق التنقيب عن المعادن واستغلال الشواطئ والساحات العامة وغيرها للشركات، مقابل ضريبة تدفعها للخزينة كأي مالك عقار أو محل تجاري صغير أو غيره، وهذا يؤدي إلى تكدس الأموال في أيدي أصحاب هذه الشركات، بحيث يصبح ما يسمى بالدخل الأهلي عاليا بالنسبة لهذه الدولة، لكن تسعة أعشاره مع أفراد قلائل من المجتمع، وعشر أو أقل مع باقي أفراد المجتمع، ولكم أن تشبهوا ذلك بما يطلق عليه  الناس نظام الإقطاع، والذي كان سائدا في أوروبا في العصور الوسطى وهي عصور الظلام عندهم، والذي تتحكم فيه طبقة النبلاء أو الإقطاعيين بمصائر الناس، مقابل إعطائهم قوت يومهم أو أقل، وهذا ما يحصل اليوم فعلا في دول الغرب وباقي دول العالم نتيجة أخذهم بالنظام الإقتصادي الرأسمالي.

وهناك بعض الأمور انبثقت عن النظام الاقتصادي الرأسمالي نتابعها معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحمد أبو أسامة

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع