الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

حرب العملات وأثرها على ثروات المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد الله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا للإسلام ولم يجعلنا من المغضوب عليهم ولم يجعلنا من الضالين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد و على آله وسلم تسليما كثيرا،

اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ،

ثم أما بعد،  

أسباب حرب العملات

          كشفت أزمة الرهونات التي وقعت في عام 2008، ثلاثة أمور :

          1 -  أظهرت الأزمة كذلك وهن هذا النظام الرأسمالي، قال تعالي: ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) العنكبوت. والدليل الواقع واعترافاتهم، فأزمة الرهون ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وقد اعترف الاقتصاديون الرأسماليون وساستهم، أنه أمر طبيعي في النظام الاقتصادي الرأسمالي، ويعللون ذلك بأنها، أي الأزمات الاقتصادية، حركات تصحيحية في السوق. فأي نظام هذا الذي يحتاج إلى أزمات ليصحح مساره.

          2 -    و أظهرت الأزمة ارتباط الاقتصاد العالمي بالاقتصاد الأميركي بشكل جلي. والدليل تضافر الجهود العالمية لإنقاذ الاقتصاد الأميركي لإنقاذ الاقتصاد العالمي،  فقد ضخت اليابان مئات المليارات من الدولارات، وضخت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا كذلك أموالاً طائلة لإنقاذ بنوكها، المرتبطة بالاقتصاد الأميركي، من الإفلاس. أما ما قامت به الإدارة الأميركية من ضخ أموال في بنوكها، فهو طبيعي لأن الأزمة في اقتصادها هي. ولو كانت أزمة الرهون في مكان آخر غير الولايات المتحدة لكان الموقف قد اختلف، والدليل ما حصل في أزمة الديون اليونانية. فأزمة الديون اليونانية شبيهة إلى حد كبير بأزمة الرهون الأميركية، و امتدت إلى دول أوربية أخرى، مثل ايرلندا والبرتغال وغيرهما، إلا أن أميركا و العالم اعتبرها أزمة خاصة في منطقة اليورو، وعلى أوربا وحدها أن تعالجها لإنقاذ اليورو وإنقاذ اقتصادها، فقد صرح الناطق بلسان البيت البيض حول أزمة إيرلندا ما يلي  (نواصل الاعتقاد - مثلما فعلنا في حالة اليونان - بأن أوربا لديها القدرة على التعامل مع الأزمة في ايرلندا، وربما في دول اخرى ).

 

3 -  كما أظهرت كذب وخداع حكام الدول الكبرى لشعوبهم، فبعد أن طلب بوش الأبن مبلغ 770 مليار دولار من الشعب الأميركي لإنقاذ الاقتصاد تحت مبرر الحفاظ على وظائفكم ، ذكر جورج بوش الابن، أثناء زيارة خاصة للكويت في محاضرة بتاريخ 14 / 10 / 2010  ،  " أخذت قرارا بإنفاق مئات المليارات من الدولارات من أموال الشعب، الذي لا دخل له بالأزمة، وذلك لإنقاذ من تسببوا بالأزمة، أي رجال وول ستريت. لكن ذلك كان لمصلحة الاقتصاد ولتفادي ركود عظيم. إنه حقا قرار صعب."

          أما كيف ارتبط الاقتصاد العالمي بالاقتصاد الأميركي؟

فمن خلال ارتباط العملات العالمية بالدولار الأميركي. ومعني ارتباط العملات بالدولار أي أنها تقيم بالدولار.

 

لكن، كيف ارتبطت العملات بالدولار؟!

 

بعد الحرب العالمية الأولى صار الذهب يغطي النقد جزئيا. ولكن بعد الحرب العالمية الثانية، اختلف الأمر. حيث خرجت أميركا منتصرة عسكريا وقوية اقتصاديا، و تهيئة الظروف لتكون لأميركا في مركز الدولة الأولى في العالم، بعد سقوط بريطانيا وفرنسا عن مكانتهما. وكانت أميركا تحتل اليابان وألمانيا وتهيمن على أوربا، في الوقت الذي عزل الاتحاد السوفيتي  نفسه عن الاقتصاد العالمي، وانكفأ داخل المعسكر الاشتراكي.

 

في ذلك الوقت عملت أميركا على أن تكون هيمنتها على العالم أبدية فعملت في ثلاثة اتجاهات ، عسكريا وسياسيا واقتصاديا. ففي الجانب العسكري أبقت على قواعدها في أوربا ، واستمرت في احتلال اليابان وألمانيا، واستمرت في بناء قوة عسكرية هائلة تجول بها العالم. ولم تتردد في استخدام قوتها العسكرية لفرض إرادتها على العالم. أما في الجانب السياسي فقد أنشأت هيئة الأمم المتحدة لتُكيّف القانون الدولي وفق ما يحقق لها مصالحها في العالم. أما على الجانب الاقتصادي فقد أنشأت البنك الدولي للإنشاء والتعمير وأنشأت صندوق النقد الدولي. أما البنك الدولي فقد ضعف دوره، بعد قيام مؤسسات تمويلية محلية وإقليمية وعالمية خاصة بتمويل المشاريع. أما صندوق النقد الدولي فدوره مؤثر وفعال منذ إنشائه في تموز 1944 باتفاقية بريتون وودز، ولا يزال. وباتفاقية بريتون وودز وجد نظام نقدي جديد في العالم، يحقق لأميركا ربط عملات العالم بالدولار وهيمنة الدولار على جميع العملات.

 

حيث اتفقت الدول الموقعة على أن تحدد أسعار عملاتها بالذهب وسميت أسعار الصرف، وحددت أميركا سعر صرف الدولار بواقع 35 دولار للأونصة من الذهب، وحددت الدول الأخرى سعر صرف عملتها بالنسبة لقيمة الدولار من الذهب. وتعهدت أميركا التي تملك ، في ذلك الحين، 70 % من الذهب، تعهدت ببيع الذهب للبنوك المركزية ومؤسسات النقد العالمية، وشرائه منها، بالسعر المحدد وهو 35 دولار للأونصة. كما تعهدت الدول الأخرى بالمحافظة على سعر صرف عملتها مع هامش تغيير 1 % صعودا أو هبوطا، وذلك من خلال العرض والطلب. فإن هبط سعر صرف عملة أي دولة، تقوم الدولة بشراء عملتها من السوق بالدولار، وإن ارتفع سعر الصرف تقوم بضخ عملتها بشراء الدولار من السوق. و بتعهد الدول بالمحافظة على سعر صرف عملتها أمام الدولار، فقد تعهدت بالمحافظة على سعر صرف الدولار كذلك. و عليه صارت الدولة تتدخل للمحافظة على سعر صرف الدولار وأميركا لا تفعل شيء، وهكذا ارتبطت عملات دول العالم بالدولار، وارتبط الدولار بالذهب جزءا. ولخطورة هذا الأمر ذهب البعض بالمساواة بين الهيمنة النووية وهيمنة الدولار.

 

و نص النظام الجديد على أن يكون احتياطي نقد الدول من الذهب والدولار جزئيا، كما اعتبر الجنيه الإسترليني شريكا للدولار حيث قيم بالذهب، و أطلق عليه اسم الشريك الأصغر. وكانت من المبررات التي ساقتها أميركا للإبقاء على تغطية النقد جزئيا بالذهب، أن الذهب لا يكفي لتوفير السيولة اللازمة، فأوكلت أميركا هذا الدور بشكل رئيسي للدولار، على اعتبار أنها تملك أكبر اقتصاد في العالم. فصارت الدول تخزن الدولار كغطاء لعملتها، من جهة، ومن جهة أخري كاحتياطي لتحافظ به على سعر صرف عملتها وعلى سعر صرف الدولار. وبمرور الزمن تكدس الدولار في البنوك المركزية والمؤسسات النقدية العالمية، وصار من الصعب جدا التخلص منه، أو تغييره بشيء آخر. لأن الدولار أصبح هو ثروة الدول المالية، وهو النقد الذي تدفعه و تقبله دول العالم فيما بينها، وهو النقد الذي تقيم به السلع والخدمات في التجارة العالمية، بمعنى آخر صار الدولار الورقة التي تبرئ الذمة وتؤدى بها الحقوق دوليا. لذلك حين ألغت أميركا قاعدة الذهب وقامت بتعويم الدولار، عام 1971 في عهد نكسون، لم تستطع أي دولة فعل أي سيء سوى الإذعان. وبات الدولار أداة ضغط أميركية على عملات دول العالم، بعد أن صار من الصعب التخلص منه. وهذا يجسد ما قاله وزير الخزانة الأميركية في عهد نكسون ( الدولار عملتنا ولكنه مشكلتكم ).

ومع ارتباط العملات العالمية بالدولار، ارتبط الاقتصاد العالمي بالاقتصاد الأميركي، دون إهمال قوة الاقتصاد الأميركي، الذي كان عاملا مهمة في تحقيق ذلك. ولذلك مع أن أزمة الرهون هي أزمة أمريكية، وأميركا هي المتسببة بها هي، إلا إن اقتصاد العالم كله تأثر بشكل جدي بها، وتصرفت دول العالم على اعتبار أن الأزمة الأميركية أزمتها هي، وتحملت مسؤولية حلها.

 

دوافع حرب العملات

 

          بعد ان هرعت دول العالم بقيادة أميركا لإنقاذ الاقتصاد الأميركي والعالمي من الانهيار ، استطاعت أن تنقذ الاقتصاد الأميركي والعالمي من الكساد، وأن يعود للنمو ولكن بشكل بطيء وهش، مما أبقى الأزمة تخيم بظلالها على الاقتصاد وظلت احتمالية العود للركود واردة جدا. فصار ملحاً على أميركت وباقي الدول الاقتصادية الكبرى أن تقوم بإجراءات  لتنشيط اقتصادياتها بشكل فعال، للعودة به إلى وضع ما قبل الأزمة. والحل الجذري و الطبيعي هو زيادة الطلب على السلع والخدمات، فلا يمكن، في نظر الاقتصاد الرأسمالي، أن نحافظ على النمو إلا بزيادة الطلب على السلع والخدمات. حيث إن زيادة الطلب تعني زيادة الإنتاج وهذا ما يحقق النمو. فالطلب على السيارات هو الذي يحافظ على مصانع السيارات والزيادة في هذا الطلب يؤدي إلى نمو في مصانع السيارات، والطلب على الأجهزة الكهربائية والإلكترونية هو الذي يحافظ على مصانع هذه الأجهزة، والزيادة في هذا الطلب يؤدي إلى نمو في هذا السوق، وهكذا. وزيادة الطلب هذه تعني زيادة المبيعات. وبالتالي نحافظ على الوظائف ونخفض من البطالة ونرفع من القوة الشرائية وهكذا ، فيدخل السوق في مرحلة النمو خارجا من مرحلة الركود ومبتعدا عن مرحلة الكساد.

         

          لكن مسألة زيادة الطلب على السلع والخدمات في ظل أزمة عالمية تعصف في اقتصاديات العالم كله ليست بالأمر اليسير، لأربعة أمور :

أولا : الأسواق العالمية محدودة،

ثانيا : كثرة المنتجين،

 ثالثا : غزارة الإنتاج،

رابعا : ضعف القوة الشرائية بسبب الأزمة،

فهذه الأمور الأربعة محدودية الأسواق وكثرة المنتجين  وغزارة الإنتاج وضعف القوة الشرائية تجعل مسألة ترويج السلع والخدمات لزيادة الطلب عليها عند أي منتج أمر صعب جدا، تماما كركوب قمة إيفيرست حافي القدمين خلال ثلاثة أيام. فالسوق الأميركي والأوربي وأسواق شرق آسيا كما هي لم تتغير، في حين تعملقت الشركات حتى أصبحت عبارات قارات، و دخلت دول جديدة مثل الصين والهند والبرازيل غيرها، في الأسواق العالمية، كما أن التكنولوجيا المتقدمة، مكنت المنتجين من إغراق الأسواق بالسلع والخدمات، حتى أصبحت الأسواق تغص بالسلع، حيث العرض أكثر من الطلب بكثير.  

 

          فى هذا الظرف، وقعت الأزمة المالية، أزمة الرهون عام 2008 . ووصل الاقتصاد العالمي إلى حافة الانهيار، عندها فزعت دول العالم مجتمعة وضخت آلاف المليارات من الدولارات، في البنوك والأسواق لإنقاذ اقتصادها من الانهيار، ودعت  أميركا مجموعة العشرين، لتنسيق و متابعة مساهمة هذه الدول في إنقاذ الاقتصاد الأميركي لإنقاذ الاقتصاد العالمي. إلا أن كل المساهمات وكل الإجراءات،لم تعد الاقتصاد العالمي إلى وضعه الطبيعي ولكن أنقذته من الانهيار فقط. وحتى يعود الاقتصاد إلى النمو لا بد من تحريك الاقتصاد الحقيقي ( منتجي السلع والخدمات ) من خلال الاستمرار في الإنتاج  والزيادة فيه، وهذا لا يتحقق إلا بزيادة الطلب على هذه المنتجات، كما أسلفنا.

 

          كيف يزيد المُنتِج من الطلب على منتجاته مع هذه المنافسة الشديدة في الأسواق؟!

          إن أي مُنتِج إذا أراد المنافسة يفكر في أمرين اثنين، جودة المنتج وثمنه. أما الجودة فتكون في مرتبة دون الثمن عند منافسة منتجات أخرى، خصوصا في حالة الأزمات حين تضعف القوة الشرائية عند المستهلكين، ويكون الثمن هو الأمر الحاسم في مسألة المنافسة على زيادة الطلب على منتج ما.

 

          و الثمن يؤثر فيه عوامل كثيرة، منها المواد الأولية و الجهود والمصاريف، وهذه العوامل هي التي تحدد ثمن السلع والخدمات.  أما اليوم فقد أضيف عامل آخر مهم، وهو سعر صرف العملة. و سعر صرف العملة صار يمكن التلاعب به بعد أن ألغت أميركا قاعدة الذهب، بزيادة العرض وقلة الطلب أو العكس. ولكن المتلاعب الرئيسي في سعر صرف العملات هو أميركا، لأن جميع عملات العالم مرتبطة  بالدولار والدولار غير مرتبط بشيء. ولذلك كانت أميركا وراء حرب العملات الجارية اليوم، فقد نشرت القبس بتاريخ 17 / 10 / 2010 مايلي:  في سبتمبر الماضي، وافق الكونغرس الأميركي على مشروع لإصلاح العملة، وقد نال موافقة 348 نائبا، مقابل رفض 79 عضوا. ويسمح هذا القانون التجاري الجديد بتدخل الحكومة وفرض تعريفات على سلع من الصين ودول أخرى تُعتبر عملتها مسعّرة أقل من قيمتها الحقيقية المفترضة، وذلك بهدف إجبار بكين على رفع قيمة اليوان. ومن هنا اندلعت شرارة حرب العملات، التي بدأت الأوساط الاقتصادية تحذر من عواقبها، انتهى. ولأهمية وضع الدولار وارتباط عملات العالم به، تعالت أصوات المطالبين بتغيير قواعد صرف العملات وإدخال تعديلات جذرية على قانون صندوق النقد الدولي، منذ وقوع الأزمة المالية إلى قمة العشرين الأخيرة في كوريا في هذا العام، لكن أميركا ظلت ترفض بحث هذا الموضوع أو تغيير أي شيء في قانون صندوق النقد الدولي .

 

          ولتخفيض قيمة صرف الدولار قامت أميركا بأمرين:

 تخفيض الفائدة على الدولار، ليقل الطلب على الدولار

 وإغراق السوق بالدولار، ، ليزيد العرض في السوق

ففى الثالث من نوفمبر الماضي، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إجراءات التيسير الكمي الثانية، التي تضمنت إصدار 600 مليار دولار تضاف إلى القاعدة النقدية من خلال شراء سندات، ولذلك استمر سعر صرف الدولار بالتراجع أمام باقي العملات واستمر سعر صرف باقي العملات بالصعود مقابل الدولار حتى يومنا هذا، وكلما رأت أميركا أنها بحاجة إلى تخفيض سعر صرف الدولار قامت بأحد هذين الإجراءين. كما ضغطت بقوة على الصين لرفع قيمة سعر صرف عملتها اليوان وساعدها في ذلك باقي الدول المتنافسة على اعتبار أن السلع الصينية لا تنافس السلع الأميركية فقط بل تنافس جميع سلع الدول الأخرى. وهذا يفسر ارتفاع سعر اليوان أمام الدولار اليوم بالنسبة إلى ما قبل سنتين.

          ومن هنا يتضح مدى تحكم أميركا في الاقتصاد العالمي من خلال ارتباط العملات بالدولار وعدم ارتباط الدولار بشيء. حيث تتحكم أميركا باقتصاد باقي دول العالم من خلال التأثير على عملاتها، إما بزيادة الفائدة أو خفضها، وإما بزيادة عرض الدولار في السوق أو زيادة الطلب عليه، وهذا ما كانت تمارسه مع اليابان سابقا والصين حاليا.

 

ما تأثير حرب العملات على المسلمين؟

 

كون الدول القائمة في بلاد المسلمين اليوم، لا تعتبر دولاً متقدمة صناعيا، ومنتجاتها لا تنافس أحدا في أسواق العالم، لكن هذا لا يعني أننا غير متضررين مما يجرى. إن حجر الزاوية في فهم العلاقة الاقتصادية بين الكفار والمسلمين، أن اقتصادهم قوي بثرواتنا، وأسواقهم غنية بأموالنا، فلا يظن أحد أن ما يجري لا علاقة له بنا. نعم قد لا نكون جزءاً من الأسواق التي يتنافسون عليها لترويج بضائعهم، ولكن لا شك أن ثرواتنا المادية ( النفط والغاز والمعادن الأخرى ) تشكل روح اقتصاد دول الكفر، وأموالنا تشكل الدماء التي تسري في عروق اقتصادهم، فمن هذا الجانب، الثروات المادية والثروات المالية، نحن من ضحايا الأزمة المالية، ومن المتضررين في حرب العملات.

 

فنحن المسلمون نخسر على ثلاث جهات:

أولا : نخسر في قيمة ثرواتنا التي تباع بالدولار، علما بأن جميع ثرواتنا تباع بالدولار، مثل النفط والغاز والمعادن الأخرى جميعا، جاء في تقرير نشر في القبس بتاريخ 17 / 10 / 2010 ، أن أوبك في اجتماعها الأخير في فيينا أعربت عن مخاوفها من استمرار هبوط الدولار، مما يضعف قدرتها الشرائية. فدخل الدولة النفطي سيتأثر سلبا بانخفاض الدولار .

الثاني : نخسر في قيمة صرف عملتنا، لأن احتياطي العملات في بلاد المسلمين هو الدولار، فبعض العملات مرتبطة مباشرة بالدولار، وبعضها مغطى بنسبة كبيرة، وحين ينخفض سعر صرف الدولار تخسر الدولة في قيمة احتياطها من الدولار.

الثالث : نخسر في قيمة استثماراتنا في أسواقهم. حيث إن استثمارات المسلمين، في الاقتصاد الأميركي والأوربي وغيرهما ، نسبة كبيرة منها مقيم بالدولار، فإذا انخفض سعر صرف الدولار نخسر في قيمة هذه الاستثمارات. وقد نشرت القبس بتاريخ 27 /9 / 2009  تقريرا صادرا عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (انكتاد)، أكد أن الصندوق السيادي الكويتي (صندوق الأجيال الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار) كان أكثر الصناديق خسارة بين الصناديق الخليجية، فضلا عن تجاوز خسائره تلك التي سجلها صندوق الأجيال النرويجي.


وأكد التقرير في جدول مقارنة ما يلي:


ــ خسائر محفظة هيئة الاستثمار منذ ديسمبر 2007 بلغت نحو 41% مقابل خسائر 40% لصندوق أبو ظبي ADIA و36% لصندوق قطر (هيئة الاستثمار القطرية)، و12% لوكالة ساما السعودية. وبلغ متوسط خسائر الصناديق الخليجية 27% مقابل خسائر بنسبة 30% للصندوق النرويجي على سبيل المثال لا الحصر.

 

ولكن كيف ننتصر في حرب العملات

 

          حتى ننتصر في حرب العملات، ونتخلص من الارتباط بالدولار ، ونوقف هذه الخسائر، يجب أن نقوم بما يلي:

أولا: اتخاذ الذهب غطاء للعملات بدلا من الدولار وباقي العملات العالمية، بشراء الذهب بما نملك من دولار وباقي العملات العالمية. التزاما بالحكم الشرعي، حيث أوجب الله عز وجل أن يكون النقد الذهب والفضة، والأدلة على ذلك كثيرة منها ربط الأحكام الشرعية بالذهب والفضة، مثل الزكاة والدية والكنز والحد في السرقة والصرف ، كما أقر الرسول صلى الله عليه وسلم الناس على التعامل بالذهب والفضة بصفتهما نقدا، وقد أمر الرسول الكريم عليه السلام أن تكون أوزان النقد للذهب والفضة هي أوزان أهل مكة.

ثانيا: سحب جميع أرصدتنا من بنوكهم وتحويلها إلى ذهب واستثمارها في بلاد المسلمين. لأن أموالنا دَين لنا عليهم ببيع النفط والغاز وغيرهما من المواد الخام، وهذا الديْن يسمونه استثمارات. وهي أموال غير محمية، ودائما تتعرض للخسارة، في أي أزمة من أزماتهم الاقتصادية المزمنة.

ثالثا: إلغاء جميع المعاهدات الاقتصادية و الامتيازات والاتفاقيات الاستثمارية المبرمة مع أميركا والدول الغربية الأخرى، لوقف نهب خيراتنا تحت مبرر مستثمر أجنبي، وتبادل مصالح، والاستفادة من التكنولوجيا والخبرات الأجنبية.

 

          نحن ندرك أن هذه الإجراءات يستحيل تنفيذها في واقعنا اليوم، ولكنها قريبة المنال سهلة التحقيق يسيرة التنفيذ، في ظل الخلافة الراشدة. التي أوجب الله على المسلمين إقامتها، حين أوجب تطبيق الإسلام، قال تعالى ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله )، و حين أوجب وحدة الأمة : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا } قال صلى الله عليه وسلم  " إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآخِرَ مِنْهُمَا " أخرجه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: " مَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ " أخرجه مسلم ، وأوجب وجود بيعة في عنق كل مسلم قال الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم: (مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ) أخرجه مسلم، وحرم على المسلمين أن يبيتوا ليلتين دون خليفة، ودليله إجماع الصحابة رضوان الله عنهم.

 

قال تعالى (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)  

 

 

          أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع