دعوة الى الاندماج ومزيد من سكان السجون المسلمين
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل بضع سنوات التقيت صحفيا كان قد عاد لتوه من العيش في الشرق الأوسط وكان مندهشا جدا من وسائل الإعلام وهستيرية وجود المسلمين في المملكة المتحدة.. أراد أن يفهم القضايا التي تؤثر على المجتمع المسلم. فخطر في باله سؤال " لماذا أعلى نسبة في السجون هي من المسلمين مقارنة بعدد السكان المسلمين في المملكة المتحدة ؟ " وفي الواقع يشكل المسلمون 3 ٪ من سكان المملكة المتحدة ولكن 11 ٪ من نزلاء السجون. ذكرني هذا الحديث بما قرأته مؤخرا في الصحف حول ثلاث جرائم مروعة ارتكبها بعض المسلمين.
منها صبي مسلم قتل صديقته السابقة بعد تفكك علاقته بها وطعن شخصاً ماراً . وآخر قتل اثنين من أصحاب المعاشات لسداد ديونه. وفي جريمة مروعة ثالثة قتل اثنان من الصبية الصغار حارس متجر حلويات وسرقا نقوداً وسجائر وكحولا .
ما الذي يمكن أن يحدث لو أن المسلمين تحولوا في قيمهم الى القيم الغربية ؟! هل سيكون لهذا تأثير على الجريمة ؟ وماذا سيحدث إذا اندمج المسلمون في المجتمعات الغربية كما ينادي ديفيد كاميرون ، أنجيلا ميركل ، نيكولا ساركوزي وغيرهم باستمرار؟!
حتى نجيب على هذه التساؤلات يجب الإشارة إلى أمور معينة . فمنذ عام 1993 ارتفع عدد السجناء المسلمين الى ثلاثة أضعاف وهذه النسبة في تزايد مستمر. والحقيقة المحزنة هي أن الناس هنا تقول أن معظم المسلمين سوف ينتهون إلى السجون بسبب تورطهم في الجرائم الصغيرة والمخدرات والكحول وكذلك الجرائم العنيفة. فلماذا وصلنا الى هذا؟
وهنا نقف على النقاط التالية :
أولا: أولياء الأمور والتزامهم .
هاجر المسلمون الأوائل الى الغرب في بدايات الخمسينبات والستينينات ومعهم ما تبقى عندهم من مفاهيم وممارسات إسلامية وطبعا عقيدتهم الصحيحة التي لا يشوبها الأخطاء والمغالطات الحالية ، وأفكار عن الحياة وكيف يمكن أن تسير حسب شرع الله وأحكامه مثل أن الزواج هو الطريق الصحيح لبناء العائلة وليس الصداقة والمصاحبة ومثل هذه الأفكار. كما أنهم ايضا جاءوا إلى الغرب وعندهم رادع في السلوك هو خشيتهم من الله ومعرفتهم بمدى العقوبة التي سوف يستحقونها اذا قاموا بعصيان الله تعالى ،وكانوا يخشون السؤال امام الله والذي لا يمكن لأحد منهم أن يتهرب أو يغش أو يتحايل عليه في الجواب عن سبب العصيان ومخالفة الأحكام. وكل هذا ناتج من فهمهم الآية الكريمهة { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].
ثانيا: القيم الغربية والجريمة :
إن الغرب يقدم المفاهيم والقيم التي تبناها كغذاء ثابت للأطفال ، ومن هذه القيم والأفكار الحرية المطلقة وأن السعادة هي في تحصيل أكبر قدر من المتع ، فعاش الجيل الثاني من أبناء المسلمين في مثل هذا الجو من المغالطات و التضاربات الفكرية بين ما يعتقد الجيل الاول من مفاهيم عن الحياة والسلوك السوي وبين المفاهيم الغربية التي تترك الشخص يغرق في الملذات الدنيوية ومفهوم انك تعيش حياة واحدة فتمتع بالحياة إلى أقصى الحدود. لهذا بدأنا نشهد زيادة في عدد المسلمين الذي يرتكبون الجرائم بسبب اعتناقهم لهذه الأفكار والمفاهيم . و لا ننسى تغذيتهم بفكرة عدم احترام الكبار والتمرد على كل شئ بما في ذلك القانون.
ثالثا : الاندماج في المجتمع و أثره في المشاكل الناتجة عن ذلك :
تعالت أصوات في المجتمعات الغربية مؤخرا بدعوى الاندماج في المجتمعات وتبني القيم الغربية والعيش حسب تلك القيم . لكن يجب أن لا ننسى أن لهذا الأمر ضريبة يدفعها من يحملها, منها التخلي عن معنى الحياة التي من أجلها وُجدنا فيها وأيضا التخلي عن القيم التي تهذب وتنظم سلوك المجتمع والأفراد ، منها على سبيل المثال التعامل مع الآخرين وكيف يكون مضبوطاً بحدود شرعية ، والتعامل مع الذات وأنه يجب لا تتعدى على الآخرين أو تأخذ ما ليس لك بغير حق . ولا ننسى ما نرى في هذه المجتمعات من التفكك الأسري والإهمال الناتج عنه والدوافع الحقيقية وراء الجريمة وفكرة افعل كل شئ من أجل ان تكون سعيدا . كل هذا سوف ينتج حقيقة اندماج المسلم في هذه المجتمعات فيخسر كل شئ الحياة التي من أجلها خلقه الله وكذلك الآخرة التي يستحقها.
فهنا يجب أن لا ننسى أثر هذه الدعوات على المسلمين منها التخلي عن معتقداتهم وقيمهم الإسلامية ، وأيضا أثرها على الحياة حيث سنصبح بلا أدنى شك جزءاً من هذه المشاكل ، إما من ناحية صانعيها مثل إهمال الآباء والنساء والتعدي على الآخرين بالجريمة والسرقة وإما واقعه علينا مثل أن نتهم بأننا نحن من نقف وراء هذه المشاكل ونحن من جلبناها إلى هذه المجتمعات ، وبالتالي سوف نكون الشماعة التي يعلَّق عليها فشل هذه القيم والمبادئ التي يعتنقونها أويطبقونها.
ونعود إلى موضوع السجون ، فقد ذكر مؤخراً في تقرير كتبه كبير مفتشي السجون أن العديد من المسجونين المسلمين هم أكثر السجناء انضباطا و تفهما واحتراما للقانون من غيرهم، وهذا لأن هناك أثر كبير للعقيدة الاسلامية وتأثيرها في ترويض الذات بحيث يصبح الانسان منضبطاً .وذكر أيضاً أن سلوك السجناء المسلمين كان دافعا لغيرهم لتقليدهم وأن أكثر من 30% من المساجين يحولون دينهم إلى الإسلام.
لهذا نقول أننا كمسلمين يجب أن لا ننسى الغاية الحقيقية التي من أجلها خلقنا الله ويجب أن نكون سفراء للإسلام والقيم الاسلامية في الغرب ،وعلينا أن نعزز هذا الأمر في مراكزنا ومدارسنا ومساجدنا ،وأيضا حمل الإسلام للغير وأن نكون بالتزامنا منارة لغيرنا في جميع المجالات بحيث لا نقبل قيمهم بل نحول قيمهم الفاشلة إلى القيم الاسلامية التي توجِد مجتمعا متكاملا خالياً من الجريمة والتفكك والانهيار الخلقي ، ونبقى في طليعة المتحِّدين لهذه الفوضى في القيم والمفاهيم والسلوكيات الشاذة عن القيم الاسلامية التي فيها الهناء والسعادة والارتقاء الخلقي والروحي .
تاجي مصطفى
الممثل الاعلامي لحزب التحرير في بريطانيا