الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

شرح مواد النظام الإقتصادي في الإسلام- شرح المادة (165) ح39

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

    وبه نستعين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

شرح لمواد الدستور المتعلقة بالنظام الاقتصادي في الإسلام

من مشروع  دستور دولة الخلافة (من منشورات حزب التحرير).

(ح39)

شرح المادة 165

نص المادة 165:

 (يمنع استغلال واستثمار الأموال الأجنبية في البلاد كما يمنع منح الإمتيازات  لأي أجنبي).

  الشرح:  تشتمل هذه المادة على ثلاثة أمور، الأول  الاستغلال، والثاني الاستثمار، والثالث الامتيازات، وكل واحد منها له مدلول.

  أما الاستثمار، فهو اصطلاح غربي استعملته الدول الإستعمارية الكافرة وطبقته عمليا، فأخذت تضخ الأموال بقصد استثمارها في البلد المستعمَر (بالربا)، أي أن ينتج المال مالا.

وبقي هذا الاستثمار على هذه الحال ، الى أن أوجدت هذه الدول الإستعمارية أساليب أخرى، للسيطرة على البلد اقتصاديا وبالتالي سياسيا، كصندوق النقد الدولي الذي أنشأ بعد الحرب العالمية الثانية، ليقوم بنفس الغرض وبسط النفوذ، بحجة مساعدة الدول الفقيرة كي تقوم بمشاريع تنموية، ولكنه على شكل قروض ربوية مجحفة.

   لقد نصت المادة على منع الإستثمار الأجنبي، تبنيا لحكم أن الكافر الحربي، يحرم الاشتغال معه بالربا كالذمي وكالمسلم سواء بسواء، وذلك لعموم قوله سبحانه تعالى: ((وحرم الربا))، إذ هناك من يجيز الإشتغال بالربا مع الكافر الحربي لأن أمواله مباحة.

 وهذا القول خطأ محض.

    لأنه لو صحت هذه العلة لكانت سرقته جائزة، مع أنه لا خلاف في تحريمها.

 على أن هذه العلة غير صحيحة على إطلاقها فيكون مالُه حلالٌ على المسلمين حين يؤخذ غنيمة، أما سرقته فحرام، ويقاس عليها التعامل معه بالربا  فإنه حرام، على أن عموم الآية وهي نص تحتاج الى نص آخر يخصصها، ولم يرد أي نص يخصصها فتظل عامة، فيكون استثمار الأموال الأجنبية حرام، كالأموال التي يملكها الرعايا من مسلمين وذميين.

    وأما ما أستدلوا به كذلك من حديث (لا ربا بين المسلمين وأهل الحرب في دار الحرب) فإنه حديث ضعيف لا يصلح أن يكون حجة على الربا، ولا على تخصيص لآية الربا.

    وأما كلمة الإستغلال فإنها إصطلاح أجنبي أيضا ومعناها تشغيل المال بالصناعة، أو الزراعة، أو التجارة، كي يعطي ربحا.

 فالأموال الأجنبية التي تدخل البلاد بحجة الإستغلال فإنها توصل إلى حرام محقق، لأن الثابت المحسوس، والمعلومات الموثوق بصحتها، تري أن إستغلال الأموال الأجنبية في البلاد، هو طريق لبسط نفوذ الكفار عليها، وبسط نفوذ الكفار على البلاد حرام، لقوله تعالى: ( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا).

 والدليل الآخر هو القاعدة الشرعية ( الوسيلة الى الحرام حرام).

 فإذا كانت هذه الأموال لا توصل الى بسط نفوذهم ولا إلى ضرر فإنها في هذه الحالة لا تنطبق عليها القاعدة الشرعية ولا الآية، فتكون حينئذ مباحة كسائر القروض.

    وأما الامتيازات، فإنها اصطلاح غربي، ولها معنيان أحدهما:

أن تعطى دولة اجنبية في البلاد حقوقا معينة دون سائر الدول بإعتبار ذلك فرضا لهذه الدولة على الدولة الإسلامية، وذلك كالامتيازات التي أعطيت للدول المستعمرة في القرن التاسع عشر من قبل الدولة الإسلامية حين كانت ضعيفة، وكالامتيازات التي تعطى للدول الطامعة في بلادنا والتي تملي علينا شروطا مجحفة (كالأرامكو) في ما يسمى بالسعودية (والكي أو سي) في الكويت وغيرها من الشركات الأجنبية التي تعمل في الخليج والعراق وغيرها من الدول النفطية أو الدول الغنية ببعض المعادن كالفوسفات واليورانيوم والحديد والنحاس، وكالامتيازات التي كانت لأنجلترا وفرنسا في مصر،  وذلك مثل أن يحاكم الرعايا الأجانب بقانون بلادهم لا بقانون الإسلام، ومثل أن لا يكون للدولة سلطان على الأجانب.

 فهذه الامتيازات بهذا المعنى حرام من وجهين:

 الأول: أنها تخل بسيادة الدولة الإسلامية، وتجعل للدول الكافرة سلطانا على بلاد المسلمين وذلك حرام قطعا.

 والثاني: أنها تمنع حكم الإسلام من أن يطبق على غير المسلمين في بلاد الإسلام وتجعل حكم الكفر هو الذي يطبق وذلك حرام أيضا، فهذا النوع من الإمتيازات حرام .  

    أما المعنى الثاني للامتيازات:  فهو إعطاء الترخيص بعمل من الأعمال المباحة، على أن يمنع عن غير المعطى له، وهذا كذلك حرام، سواء أكان لأجنبي أم لغير أجنبي، لأن المباح مباح للجميع فتخصيصه بشخص ومنعه من غيره، هو تحريم للمباح على الناس، صحيح أنه يجوز للدولة أن تنظم هذا المباح بأسلوب يمكن من الإنتفاع منه على أحسن وجه، ولكن لا يصح أن يكون هذا التنظيم محرما المباح على أحد.

    وأما ما نصت عليه المادة، على منع الأجنبي من أخذ الإمتيازات في بلاد الإسلام، وذلك لأنه  يسبب ضررا، ولأنه يؤدي إلى جعل سيطرة له في البلاد، كما هي الحال في إمتيازات البترول والإمتيازات الأخرى في بلاد المسلمين.

  ومن المعلوم أن الاشتغال في المباح لا يحتاج إلى ترخيص، وأن غير المباح لا يعطى أي ترخيص، فهذا يعني أن الترخيص الذي تزاوله الدول القائمة اليوم، غير جائز في الإسلام، اللهم إلا ما كان لتنظيم المباح.  

 والى حلقة قادمة ومادة أخرى من مواد النظام الإقتصادي في الإسلام نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.    

أبو الصادق  

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع