الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

شرح مواد النظام الإقتصادي في الإسلام- شرح المادة  (161) ح36

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

    وبه نستعين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

شرح لمواد الدستور المتعلقة بالنظام الاقتصادي في الإسلام

من مشروع  دستور دولة الخلافة (من منشورات حزب التحرير).

(ح36)

شرح المادة 161

نص المادة 161:

   (التجارة الخارجية تعتبر حسب تابعية التاجر لا حسب منشأ البضاعة، فالتجار الحربيون يمنعون من التجارة في بلادنا إلا بإذن خاص للتاجر أو للمال. والتجار المعاهدون يعاملون حسب المعاهدات التي بيننا وبينهم، والتجار الذين من الرعية يمنعون من إخراج ما تحتاجه البلاد من المواد، ومن إخراج المواد التي من شأنها أن يتقوى بها العدو، عسكريا  أو صناعيا، أو اقتصاديا، ولا يمنعون من إدخال أي مال يملكونه، ويستثنى من هذه الأحكام البلد الذي بيننا وبين أهله حرب فعلية (كإسرائيل)، فإنه يأخذ أحكام دار الحرب الفعلية في جميع العلاقات معه تجارية كانت أم غير تجارية).

    في هذه المادة أحكام الشرعية المتعلقة بالتجارة الداخلية، تختلف عن الأحكام الشرعية المتعلقة بالتجارة الخارجية.

    فالتجارة الداخلية هي عمليات البيع والشراء بين الأفراد في الأمة الواحدة، وهذه ينطبق عليها أحكام البيع التي ذكرها الفقهاء، ولا تحتاج الى أية مباشرة من الدولة، حتى ولا إشراف مباشر، وإنما تحتاج الى إشراف عام، في إلزام الناس بأحكام الاسلام في البيع والشراء، ومعاقبة المخالفين لها، كأيةعملية من عمليات المعاملات كالأجارة والزواج وغير ذلك.

    أما التجارة الخارجية فهي عمليات البيع والشراء التي تتم بين الشعوب والأمم لا بين أفراد من دولة واحدة، سواء أكانت بين دولتين، أم كانت بين فردين، كل منهما من دولة غير الأخرى، فهي كلها تدخل تحت سيطرة علاقة دولة بدولة.

      ولذلك تباشر الدولة منع إخراج بعض البضائع وإباحة بعضها، وتباشر موضوع التجار الحربيين والمعاهدين، فهي تباشر التجارة مطلقا وتباشر موضوع التجار من غير رعاياها، أما رعاياها فيكفي الأشراف عليهم في التجارة الخارجية كالتجارة الداخلية.

    أما هذه المادة فتشتمل على ثلاثة أمور:

    أحدها: أن البضاعة تعتبر بحسب تابعية التاجر لا بحسب منشأ البضاعة.

    والثاني: اختلاف أحكام التجار بأختلاف تابعيتهم.

    والثالث: الحالات التي يمنع فيها التصدير والإستيراد.

    أما الأمر الأول: فإن دليله أن التجارة الخارجية تتعلق بها أحكام شرعية هي:

    أحكام البيع، وأحكام دخول الأموال من دار الحرب الى دار الإسلام وخروجها من دار الإسلام إلى دار الحرب، وأحكام ما ينال المسلمين منها ضرر، وأحكام ما يتقوى به العدو على المسلمين.

    والحكم الشرعي هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد.

    لذلك كانت التجارة الخارجية متعلقة بالتجار وليس بمنشأ البضاعة.

    ذلك أن الأحكام الشرعية المتعلقة بالتجارة الخارجية إنما نزلت في حق أفراد الإنسان، والحكم الذي نزل متعلقا بالمال إنما يتعلق به من ناحية كونه مملوكا لفرد معين لا من ناحية كونه مالا فقط، أي باعتباره مالا مملوكا لفرد، لا باعتباره مجرد مال.

    ولهذا كانت الأحكام المتعلقة بالتجارة الخارجية إنما هي الأحكام المتعلقة بالأفراد من حيث نظر الشرع لهم ولأموالهم، أي من حيث حكم الله في حقهم، ومن حيث حكم الله في أموالهم المملوكة لهم.

   ومن هنا كانت أحكام التجارة الخارجية ليست متعلقة بالمنشأ بل متعلقة بالتاجر.

   وأما الأمر الثاني: فإن دليله ما ورد في حديث  سليمان بن بريدة عن أبيه في وصية الرسول لأمراء الجيوش، حيث يقول: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان مما قاله للأمير: (أدعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم أدعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم الذي يجري على المسلمين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين).

    ووجه الاستدلال بهذا الحديث، أن قول الرسول عليه السلام: ثم ادعهم إلى التحول من دارهم  الى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، لهم ما للمهاجرين وعليهم ما عليهم.

    فالتحول إلى دار المهاجرين شرط ليكون لهم ما لنا وعليهم ما علينا، أي لتشملهم الأحكام، فيكون من لا يتحول الى دار الإسلام من حيث حكم المال كغير المسلمين من ناحية حرمانه منه، وهذا يعني عدم تطبيق الأحكام المالية عليه لأنه لم يتحول لدار المهاجرين أي لدار الإسلام، فالرسول كان يعتبر غير دار المهاجرين دار كفر ولوكان يسكنها مسلمون، وعلى هذا فالتاجر الحربي مسلما كان أو غير مسلم لايدخل بلادنا إلا بأمان، وكذلك المعاهد فيسار معه حسب معاهدته لقوله سبحانه: (فأتموا إليهم عهدهم) ولا فرق في المعاهد بين المسلم والكافر.

    أما من يحمل التابعية الإسلامية مسلما كان أو ذميا، فلا يمنع من إخراج البضاعة التي يريدها، ولا من إدخال البضاعة التي يريدها، وذلك لقوله تعالى: (وأحل الله البيع)، فهو عام يشمل كل بيع أي يشمل التجارة الداخلية والتجارة الخارجية، وكذلك لا تؤخذ منه رسوم جمارك لما روي عن ابراهيم بن مهاجر قال: سمعت زياد بن حدير يقول: (أنا أول عاشر عشر في الإسلام، قلت من كنتم تعشرون؟ قال: ما كنا نعشر مسلما ولا معاهدا، كنا نعشر نصارى تغلب)، فهذه الأدلة على دار الإسلام ودار الحرب وعلى عدم دخول الحربي دار الإسلام إلا بأمان مسلما كان أم كافرا، والمعاهد يعامل حسب معاهدته.

  وأما الأمر الثالث: فدليله قاعدة (الشيء المباح ذا كان فرد من أفراده يؤدي إلى ضرر يمنع ذلك الفرد ويبقى ذلك الشيء مباحا)، وهذه القاعدة مستنبطة من منع الرسول الجيش من الشرب من بئر ثمود وهو في طريقه الى تبوك.

   فالبضاعة التي يتقوى بها العدو كالسلاح والمواد الإستراتيجية، أو البضاعة التي يعتبر إخراجها مضرا بالبلاد كالطعام، يجب أن يمنع إخراجها، وكذلك إدخال البضاعة يقاس على هذه القاعدة.

   أما دليل جواز إخراج البضاعة، هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ثمامة أن يمير أهل مكة وهم حرب عليه.

  وإلى حلقة قادمة ومادة أخرى من مواد النظام الاقتصادي في الإسلام نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبو الصادق

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع