الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

شرح مواد النظام الاقتصادي في الإسلام- شرح المادة (157) ح33

بسم الله الرحمن الرحيم


وبه نستعين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

نص المادة 157:
(تعمل الدولة على تداول المال بين الرعية، وتحول دون تداوله، بين فئة خاصة.)


دليل هذه المادة هي آية سورة الحشر في قوله سبحانه وتعالى: (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم)، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما غنم فيء بني النضير، أعطاه لفقراء المهاجرين ولم يعط من فقراء الأنصار إلا رجلين وهما أبو دجانة وسهل بن حنيف، مع إن هذا الفيء هو للمسلمين كافة، وكان هذا الفعل من الرسول صلى الله عليه وسلم تحقيقا لآية ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم).


وهذا التعليل وهذه العلة الشرعية حتى لا يتداوله الأغنياء فقط، وبما أن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما، فهذه العلة تبقى لكل وقت، والخليفة هو الذي يعملها بين الناس، لأنه برأيه واجتهاده يُوجد التوازن في المجتمع، عندما يكون فيه التفاوت الكبير في امتلاك الثروات.


والإسلام أوجب تداول المال بين جميع أفراد الرعية، ومنع حصر تداوله بين فئة من الناس، فالأصل في الدولة أن تعالج التفاوت الفاحش بين الأفراد وتوجد التوازن بإعطائها من أموالها التي تمتلكها لمن قصرت به حاجته، حتى يحصل بهذه الأعطيات توازن في توفير الحاجات، وعليها أن تعطي المال لقضاء الحاجة، وتوفير وسائل قضائها، بتوفير ملكية الثروة التي تسد بها هذه الحاجات، وإذا كانت الدولة لا تملك مالا، أو لم تفِ أموالها بإيجاد هذا التوازن، لا يصح أن تفرض ضرائب من اجل هذا التوازن في المجتمع، لأنه ليس من الأمور التي فرضت على المسلمين، فان النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى التفاوت في ملكية الأموال بين المهاجرين والأنصار، خص المهاجرين من أجل التوازن، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار، إن شئتم قسمت للمهاجرين من دياركم وأموالكم وشاركتموهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ولم تقسم لكم من الغنيمة شيئا، فقالت الأنصار بل نقسم لإخواننا من ديارنا وأموالنا ونؤثرهم بالغنيمة، فأنزل الله تعالى قوله: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).


أما قوله تعالى ( لكيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم)، أي كيلا يتداول بين الأغنياء فقط، والدولة في اللغة اسم للشيء الذي يتداوله القوم، وهي أيضا اسم لما يتداول من المال، أي كيلا يكون الفيء الذي هو حق أن يعطي للفقراء ليكون بلغة لهم أن يعيشون بها، واقعا في يد الأغنياء، ودولة بينهم.


فأموال الغنائم يفعل بها مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كإعطاء الفقراء دون الأغنياء، فهذه الأموال لم تأت مما يجمع المسلمون وهي أموال الغنائم فتصرف للتوازن حسب ما يرى الخليفة، أما إن كانت هذه الأموال قد جمعت من المسلمين كأموال الضرائب فلا تصرف على التوازن، بل تصرف لما جمعت من أجله، ويفعل ذلك في كل وقت، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.


وعليه فإن على الخليفة أن يوجد التوازن الاقتصادي في المجتمع وذلك بإعطائه الفقراء من الرعية وحدهم دون الأغنياء.


والى حلقة قادمة ومادة أخرى من مواد النظام الاقتصادي في الإسلام نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


أبو الصادق

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع