خبر وتعليق- لا فرصة لهم مع المسلمين
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب مايك مولن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مقالاً نشرته مجلة (نيويورك تايمز) قبل أيام على موقعها على الانترنت تناول فيه العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي ومساعي واشنطن لإصلاحها. ومما قاله في المقال: "فيما سعى الرئيس باراك أوباما للنأي بنفسه عن الصورة المشوهة التي خلفها سلفه جورج بوش، فان نظرة العالم الإسلامي للولايات المتحدة كمتغطرسة لم يطرأ عليها تغيير يلحظ، وخاصة في العراق وأفغانستان". وتناول مولن في مقاله هذا مساعي الإدارة الأميركية من أجل إقامة اتصالات إستراتيجية مع العالم الإسلامي، وقال: "أنه أياً كان مدى التوسع في هذه العلاقات، فإنها لن تتمتع بالمصداقية ما دام ينظر إلى السلوك الأميركي في الخارج ويتم استيعابه على انه سلوك متغطرس يتسم بالأنانية ويحقر من شأن الآخرين". وقال مولن: "إن العالم الإسلامي عالم رقيق مهذب لم نفهمه جيداً، ولم نحاول فعل ذلك". وأضاف: "فقط عن طريق التقدير والاحترام المشترك لثقافات الشعوب واحتياجاتهم وآمالهم بشأن المستقبل.. نأمل أن نتمكن من استئصال مزاعم المتشددين".
واضح أن الهالة الإعلامية التي أحاطت بالرئيس الجديد أوباما وإظهاره على أنه النقيض لسلفه بوش وإن أثّرت على شعوب العالم إلا أنها فشلت في إقناع المسلمين بأن أميركا هي الحليف والصديق الذي يبسط يداه للشعب المسلم، وما كلام مايك مولن في مقالته هذه إلا نتاج هذا الإحساس الذي تحسّه الإدارة الأميركية تجاه نظرة المسلمين لها، واختلاف هذه النظرة وتميّزها عن باقي شعوب العالم.
ما يميّز المسلمين عن غيرهم من الشعوب أن نظرتهم لأميركا مرتبطة بالناحية التعبّدية، وغير مقتصرة على النفعية والمصلحية، لذلك مهما قدّمت أميركا من معونات للمسلمين وظهر حكّامها على أنهم ليسوا ضد الدين الإسلامي وهو محترم عندهم كغيره من الأديان، هذا لن يلغي النص الذي يقرأه المسلمون صباح مساء في قرآنهم ((وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ اليَهودُ وَلا النَّصارى حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ))، أو ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ)) أو ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) وغيرها من نصوص القرآن التي يتقرّب المسلم بقراءتها إلى الله. وهذا وإن وعوا عليه الغرب إلا أنهم عاجزين عن تغييره، وقد تلمّسوا ذلك تماماً في غزوهم الرأسمالي للعالم، فالاشتراكيون أو الشيوعيون قد تنازلوا عن مبدئهم وتلقّفوا الرأسمالية بشراهة، واليابانيون أصحاب الأديان المتزمّتة لم تعاني الرأسمالية من دخول بلادهم والسيطرة عليها، والأديان الأخرى في الصين والهند وشرق آسيا كلها لم تكن حاجزاً أمام الرأسمالية أبداً، وهذا لم يقتصر على الحكام والأنظمة، بل تعدّاه إلى الشعوب أنفسهم، فأصبحت الرأسمالية مطلب الشعوب وليس الدول فقط، أما المسلمين فأقصى ما وصل إليه الغرب وأميركا بالأخص أن جعلت الرأسمالية (المشوّهة) أنظمة لدولهم بفرض حكامهم عليهم، ولم تتعدّى ذلك بشكل عام إلى الشعوب المسلمة، وما تواجهه أميركا اليوم في العراق إحدى هذه المظاهر، ففي العراق مثلاً تقوم أميركا بإزالة أشنع وأجرم حاكم مر على تاريخ الشعب العراقي الذي لاقى منه أشد الويلات وتحاكمه وتعدمه، ومع هذا لم يتقبل المسلمون هذا على أنه إنقاذ لهم تستحق أميركا الشكر عليه، بل مازال الجيش الأميركي يعاني عدم اندماجه في المجتمع في العراق، في الوقت الذي يقوم فيه حكام العراق الجدد بتلقف أميركا وبسط العراق لها ونشر أفكارها الرأسمالية في الدولة. وما ينطبق في العراق ينطبق في أفغانستان، بل ما تواجهه أميركا في أفغانستان أشد مع أن النظام الأفغاني لم يوفر جهداً في تذليل بلاده لأميركا.
هذا هو حال المسلمين اليوم بشهادة الساسة الأميركان والغرب، فما بالنا بهذه الأمة لو كانت تُحكم بكتاب الله عزّ وجل وتوحدها بلاد واحدة وتأتمر بأمر خليفة راشد، حقاً هي خير أمة أُخرجت في الأرض.