الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نفحات إيمانية- صفة الإمام العادل

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي فـتح أبواب الجـنـان لعباده الصائمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسـلين، المبعوث رحمة للعالمين، وآله وصحبه الطيـبين الطـاهرين، ومن تبـعه وسار على دربه، واهتدى بهديه واستـن بسنــته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين، أمـا بعد:

إخــوة الإيمـان: كتـب عمر بن عبد العـزيز رضي الله عنه لما ولي الخلافة إلى الحسن بن أبي الحسن البصري أن يكتب إليه بصفة الإمام العادل فكتب إليه الحسن رحمه الله:

أعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل وقصـد كـل جائر، وصـلاح كل فاسـد، وقوة كل ضـعيف، ونـصـفـة كل مظلوم، ومفزع كل ملهوف.

والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالراعي الشفيق على إبله الرفيق بها، الذي يرتاد لها أطيب المرعى، ويذودها عن مراتع الهلكة، ويحميها من السباع، ويكنها من أذى الحر والقر.

والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأب الحاني على ولده، يسعى لهم صغارا ويعلمهم كبارا، يكتسب لهم في حياته ويدخر لهم بعد مماته.

والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها، حملته كرها ووضعته كرها، وربته طفلا، تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته وتغتم بشكايته.

والإمام العادل يا أمير المؤمنين، وصي اليتامى، وخازن المساكين، يربي صغيرهم، ويموّن كبيرهم.

والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح: تصلح الجوارح بصلاحه وتفسد بفساده.

والإمام العادل يا أمير المؤمنين، هو القائم بين اللـه وبين عباده، يسمع كلام اللـه ويسمعهم، وينظر إلى اللـه ويريهم، وينقاد إلى اللـه ويقودهم.

فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك اللـه عز وجل كعبد ائتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله، فبدد المال وشرد العيال، فأفقر أهله وفرق ماله.

واعلم يا أمير المؤمنين أن الله أنزل الحدود ليزجر بها عن الخبائث والفواحش، فكيف إذا أتاها من يليها؟ وأن اللـه أنزل القصاص حياة لعباده، فكيف إذا قتلهم من يقتص لهم؟

واذكر يا أمير المؤمنين الموت وما بعده، وقلة أشياعك عنده وأنصارك عليه، فتزود له ولما بعده من الفزع الأكبر.

واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلا غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه ثواؤك، ويفارقك أحباؤك، يسلمونك إلى قعره فريدا وحيدا. فتزود له ما يصحبك (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه).

واذكر يا أمير المؤمنين (إذا بعثر ما في القبور وحصـل ما في الصدور) فالأسـرار ظاهرة، والكتاب (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها).

فالآن يا أمير المؤمنين، وأنت في مـهـل قبل حلول الأجل، وانقطاع الأمل، لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد اللـه بحكم الجاهلين، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين، فإنهم لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقالا مع أثقالك. ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك، ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك. ولا تنظرن إلى قدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غدا وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي اللـه تعالى في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين، وقد (عنت الوجوه للحي القيوم).

إني يا أمير المؤمنين، وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهي من قبلي، فلم آلك شفقة ونصحا، فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة. والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اللـه وبركاته.
وختامـــا: إخوة الإيمان نسأل الله عز وجل، في هذا اليوم المبارك من أيام شهر رمضان الفضيل، أن يهيئ لأمة الإسلام خليفة راشدا كعمر بن عبد العزيز وان يرزقنا علماء ناصحين كالحسن بن أبي الحسن البصري و أن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة، وأن يجعلنا من جنودها الأوفياء المخلصين. إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه،

والسلام عليكـم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أبو إبراهيم

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع