خبر وتعليق النظام الليبرالي الرأسمالي في إندونيسيا يشغّل النساء من أجل القضاء على الفقر! (مترجم)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
جاكرتا - أعلنت حكومة الرئيس جوكو ويدودو عن نيّتها القيام بالنظر في تخفيض ساعات العمل للنساء. فقد قال وزير القوى العاملة والهجرة حنيف ذاكري، على لسان المتحدث الرسمي باسمه السيد سوهارتانتو: "إنها لفكرة رائعة وستتم دراستها. فمن حيث المبدأ، ما يهمّ السيد جوكو ويدودو هو مستقبل الطفل." [صحيفة تيمبو، الاثنين 1 كانون الأول/ ديسمبر 2014]
ويرى حنيف أنه يجب أن يتوفر للنساء العاملات وقت أطول لرعاية أطفالهن والعناية بأسَرِهن. ولذلك بُذلت جهود لتمكين الأطفال من قضاء وقت كافٍ مع أمهاتهم، إذ إن قُرب الطفل من أمه يتيح للطفل تربية أفضل.
وقال إنه، في عالم اليوم، ينبغي بقاء الأم في المنزل لرعاية أطفالها. وأضاف قوله: "نريد لمستقبل الأطفال الإندونيسيين أن تصنعه أمهاتٌ وَدودات." إلا أن حنيف، وعلى الرغم من ذلك، يرى أن على المرأة أن تعمل بجد لمساعدة أسرتها مادياً.
ومن الجدير بالذكر أن نائب الرئيس يوسف كالا كان قد خطط في وقت سابق لإصدار سياسة تقضي بخفض وقت العمل للأمهات. وبالرغم من اهتمام السيد كالا بالمضيّ قُدماً في تشجيع تحرُّر المرأة في العصر الحديث، فإنه يعتقد أن النساء المشغولات بالعمل والتكنولوجيا يمكن أن يخسرن جزءاً ثميناً من الوقت اللازم لتربية أطفالهن. حيث إنه يرى وجوب بقاء المرأة إلى جانب أطفالها في كل مرحلة من مراحل نموّهم وتطورهم. [المصدر: صحيفة Tempo، الثلاثاء 2 كانون الأول/ ديسمبر 2014]
التعليق:
إن الحكومة الإندونيسية، وهي على أبواب الاحتفال بالذكرى 86 لليوم الوطني للمرأة الذي يصادف في 22 كانون الأول/ ديسمبر 2014، لم تزد عن أن كشفت مرة أخرى عن وجهها الحقيقي كنظام رأسمالي ليبرالي. فعلى الرغم من تسمية هذا اليوم بيوم الأم، لا زال التوجه العام لهذا النظام هو العمل على حرمان المرأة من دورها كأم، بدلاً من تدعيم وتعزيز هذا الدور المحوري الأصيل. حيث يسعى لمعالجة مشكلة الفقر المتصاعدة، التي تعصف بالشعب الإندونيسي، وتشكل وصمة عار في جبين حضارة اليوم، من خلال تشغيل المرأة والمطالبة باستقلالها الاقتصادي، وذلك بذريعة تحسين نوعية حياتها وحياة أطفالها.
وهذه حكومتنا تختزل الأمومة ورعاية الأم لأطفالها في رسم سياسات تقضي بإبقاء دور حضانة الأطفال غير بعيدة عن مكان عمل الأمهات، واجتزاء ساعتين من ساعات عمل الأمهات العاملات اللاتي لديهن أطفال صغار. ما يثبت أن الرأسمالية قد أعلنت الحرب على الأمومة. وها هو النظام الليبرالي في بلادنا شاهد على ذلك! فلإدراكه معضلة الصراع الداخلي الذي تعيشه غالبية النساء العاملات، فيمزق أحشاءهن وهن يحاولن التوفيق بين متطلبات وظائفهن ومطالب أسرهن، طلع النظام بتقديم "حل" يتمثل في تخفيض ساعات العمل للأمهات. ما يعني بقاء المرأة في كبَد وشقاء من أجل تحصيل مالٍ لأسرتها. وذلك من أجل المساهمة، بزعمهم، في حل مشكلة الفقر في البلاد، بل وفيما هو أكبر من ذلك، وهو إنقاذ العالم من أزمته الاقتصادية!
لكننا لو سألنا أية أم عاملة، لأجابت أنها تتمنى من أعماق نفسها لو كان لديها من يحمل العبء المالي عنها، بدلاً من أن تعمل هي لتوفير حاجاتها وحاجات أطفالها. ولكن أنّى لها أن تحصل على ذلك في ظل النظام الرأسمالي الفاسد المطبق حالياً. فهو نظام بطبيعته يستعبدها، ويطحنها تحت عجلات اقتصاده الأناني الجشع، باسم استقلالها الاقتصادي. ولن يتحقق للنساء، العاملات منهن وغير العاملات، سواءً أكن أمهات أم لا، ولن يحظين بالأمان المالي إلا بتطبيق النظام الإسلامي في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
ذلك أن الإسلام يضمن إشباع الحاجات الأساسية للنساء وأطفالهن من خلال آلياتٍ ثلاث. أولاها: أن الإسلام يضمن إشباع الحاجات الأساسية لكل امرأة من خلال تحميل الزوج/ الأب هذا الواجب. فقد روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولهن عليهم أن يطعموهن ويكسوهن» (رواه ابن ماجه ومسلم).
والثانية: يُلزم الإسلامُ الأقاربَ الذكور بتقديم مستلزمات عيش المرأة إن لم يكن لها زوج أو أب، أو كانا موجودين إلا أنهما غير قادرين على ذلك. حيث فرض الإسلام على بعض الأقارب نفقة أفراد أسرهم المباشرين، قال تعالى: ﴿وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ [سورة البقرة: 233].
والثالثة: تقع نفقة النساء اللاتي لا يستطعن الإنفاق على أنفسهن، ولا يوجد من هو ملزم بنفقتهن، كالأرامل الفقيرات مثلاً، على عاتق بيت المال (دولة الخلافة) مباشرة. فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... ومن ترك كّلاً فعلينا.» (رواه مسلم). والإنسان الكَلُّ هو الإنسان الفقير الذي لا والد له ولا ولد.
من هذا يتبين أن الإسلام يصون حقوق المرأة الاقتصادية، وعلى رأسها كفالة نفقتها، ما يحفظ عليها كرامتها وعزّتها، ويتيح للنساء المساهمة بحق في التنمية والحضارة، دون أن يعانين صنوف المعضلات التي يكابدنها في ظل الأنظمة الفاسدة المفسدة حالياً.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عِفّة أينور رُحمة
الناطقة الرسمية باسم نساء حزب التحرير في إندونيسيا