خبر وتعليق استراتيجية خفض الفقر
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
شرعت الدولة في إعداد الاستراتيجية الكلية لخفض الفقر، وأعلن بدر الدين محمود وزير المالية والاقتصاد الوطني رئيس اللجنة العليا لإعداد الاستراتيجية بدء تنفيذ المسح الشامل لميزانية الأسر والفقر اعتبارا من نوفمبر الجاري عبر الجهاز المركزي للإحصاء مؤكدا أهمية إعداد الاستراتيجية بالاستناد عليها في إعداد خطط الدولة وبرامجها الاقتصادية مشيرا إلى اهتمام الدولة بها باعتبار أن محاربة الفقر واحدة من مرتكزات الشريعة الإسلامية وتحقيق العدالة الاجتماعية بجانب أنها من متطلبات الألفية على مستوى العالم.
وتعهد في اجتماع اللجنة العليا بتوفير المكون المحلي المطلوب لتنفيذ الاستراتيجية مثمنا جهود مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية وشركاء التنمية من بينهم بنك التنمية الأفريقي والبنك الدولي لإسهامهما بالعون المالي والفني لدعم الاستراتيجية مشيرا إلى تكوين فريق عمل مشترك من الحكومة والمانحين لخفض الفقر بالبلاد. من جانبها أكدت مشاعر الدولب وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي نائب رئيس اللجنة العليا التزام وزارتها بإنفاذ السياسات والخطط المناصرة للفقراء ودعم الشرائح الضعيفة.
وكشف الأستاذ مجدي حسن ياسين وزير الدولة بالمالية عن زيارات ميدانية للولايات نفذتها اللجنة بمشاركة المانحين وشركاء التنمية أسفرت عن خلق نقاط ارتكاز بالولايات لرفع الوعي بمحاربة الفقر وإعداد استراتيجية كلية بمعاونة الولايات والجهات ذات الصلة (صحيفة المستقلة).
التعليق:
في منتصف شهر أبريل/نيسان الماضي قامت وزارة المالية والاقتصاد الوطني، بتدشين مشروع الاستراتيجية الكلية لخفض الفقر في السودان، وفي شهر مايو/أيار تم لقاء بين وزارة المالية وممثل البنك الدولي والمانحين، من جهته قال الممثل المقيم للبنك الدولي بالخرطوم خافيير فورتادو، إن نجاح الاستراتيجية الشاملة للقضاء على الفقر، يعتمد بدرجة كبيرة على رغبة الحكومة وجديتها في الإيفاء بالتزاماتها. وجدد حرص البنك الدولي على المساهمة في المشاريع التي تحد من الفقر بالسودان وتعد هذه الاستراتيجية من ضمن ما يعرف باستراتيجية اختزال الفقرPoverty Reduction Strategic Papers والتي تعد الإطار الأساس الذي تمنح المؤسسات المالية الدولية على أساسها القروض للدول الفقيرة. وقدمت هذه الاستراتيجية لـ70 دولة منها السودان من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
إذاً لا داعي لإقحام الإسلام وشريعته فالجميع يتحدث صراحة عن أن الاستراتيجية ممولة ماديا وفنيا من الشركاء والمانحين هؤلاء الذين يوصفون بهذه الصفات هم في الحقيقة دول الغرب الكافر المتكالبة على ثرواتنا، الذين أشعلوا الحروب لنهبها، ثم يأتون باسم الإنسانية ليلقوا لنا الفتات الذي لا يعطونه إلا بإملاءاتهم التي تبقينا في المربع الأول (فقر ومرض وتأخر) هذه الاستراتيجيات لا تنهض ولا تعمر فهي تزيد الارتهان لهؤلاء الكفار المستعمرين الذين يظهرون التزامهم بخفض الفقر ويشككون في جدية الحكومة وإن كان واقع الحال لا يحتاج إلى برهان، إنهم هم والحكومة سواء بعضهم أولياء بعض.
إن اشتراط موافقة المؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) على الاستراتيجية قبل تنفيذها لا يدع مجالاً للشك حول دور هذه المؤسسات، ومدى تدخلها في عملية صياغة، وتنفيذ الاستراتيجية، ومن ناحية ثانية أثبتت العديد من الدراسات إغفال أغلب الاستراتيجيات التي تقدمت بها الدولة للعديد من القضايا التي تعد مهمة لتحقيق التنمية المستدامة؛ فقد أغفلت دور المشاريع التي كانت قائمة كمشاريع إنتاجية مؤسسة وعريقة في الإنتاج كمشروع الجزيرة الزراعي ومشروع الرهد ومشاريع النيل الأبيض وغيرها الكثير واتجهت إلى الحديث عن ظاهرة التهميش للأطراف وأنها أساس النزاعات والفقر مع أنهم يعلمون أنه يوجد داخل العاصمة من هم أكثر تهميشا ممن هم في الأطراف.
تحدثت الاستراتيجية بصورة مغلفة عن محوري التنمية الريفية واللامركزية في الحكم كحل لمشكلة الفقر، الحديث عن اللامركزية كان صريحا، فقد جاء في الاستراتيجية يحق المشاركة بفعالية في حياة المجتمع لضمان أن الأولويات التنموية قد تم وضعها على المستوى المحلي بواسطة الجماهير المحلية (ديمقراطية المشاركة) وتحديد كيفية تحقيقها، إذاً هم يعملون على تسويق الديمقراطية والفدرالية؛ إحدى أدوات تمزيق البلاد.
ولكن الحديث عن التنمية الريفية كان يصيبه الغموض والتمويه، فقد جاء في الاستراتيجية وبصيغة أكثر تحديداً، فإن التدخلات في القطاع الزراعي المروي ستركز على الإصلاح المؤسسي الذي يهدف إلى خلق مزارع يتمتع بحق الملكية بدلاً عن المزارع الذي يشارك في قسمة المحاصيل، وسيتم ذلك من خلال إصلاح واسع للأراضي يركز على كفالة حق الملكية في استخدام الأراضي، أما بقية العمليات الزراعية فسوف تتم على أسس تجارية لضمان تغطية كامل التكاليف.
أما دور القطاع العام فسوف يعني بالضبط رفع الحكومة يدها عن أي دعم يقدم للزراعة وقد كان، حيث حمل المزارع تكاليف الزراعة بالقروض التي أثقلت كاهله وتوقف الإنتاج في أكبر مشروع به إدارة موحدة في أفريقيا، مشروع قامت عليه كل المؤسسات الحكومية السكة الحديد وميناء بورتسودان جامعة الخرطوم وغيرها. منذ ما يقرب من ثمانين عاما كان مشروع الجزيرة وسط السودان المصدر الوحيد لخزينة الدولة وتوفير العملات الصعبة، 2.4 مليون فدان هي مساحة المشروع المروي انسيابيا من خزان سنار على النيل الأزرق، تزرع بالقطن، المحصول الرئيسي، ثم القمح والفول السوداني والذرة والخضروات .وتصل المساحة المستغلة من أراضي المشروع الآن إلى 10 بالمائة فقط، فدمرت البنى التحتية؛ سكك حديد الجزيرة والمحالج والإدارة البحثية للمشروع ببركات وتم بيع الأصول العقارية للمشروع في مدني وبركات والخرطوم وبورتسودان والأقسام والمكاتب وكذلك منازل ومكاتب العاملين بالأقسام والتفاتيش بما في ذلك مباني ومنازل المحالج بمارنجان والحصاحيصا والباقير والحاج عبد الله وتعطلت مصانع النسيج وتعطلت مصانع الزيوت لنفس السبب وتعطلت مصانع الدقيق لانعدام إنتاج القمح.
هذا المشروع وحده كفيل بحل مشكلة الفقر في البلاد، فكيف يجوع بلد أهله يمتلكون أكثر من 200 مليون فدان من الأراضي الزراعية الخصبة، ويجري بين ظهرانيهم نهر النيل، ويهطل عليهم من السماء ماء يقدر بحوالي ترليون متر مكعب، ويمتلكون أكثر من 120 مليون رأس من الثروة الحيوانية!
كيف يجوع أهل هذا البلد لولا عقم السياسات وفشل السياسيين الذين يستجدون أكبر مؤسستين على مدار التاريخ تتسببان في إفقار الشعوب والأمم؛ صندوق النقد والبنك الدوليين!!
إن الحل هو في الانعتاق من عبودية هؤلاء المانحين والشركاء فهم لا يعيشون إلا على معاناة غيرهم، والرجوع إلى عبودية الله رب العالمين الذى بيده خزائن السموات والأرض بتطبيق شرعه وعدله وذلك بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أواب غادة عبد الجبار