خبر وتعليق السلطات في ميانمار تتكسب من التطهير العرقي لمسلمي الروهينغا (مترجم)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
نشرت المجموعة الحقوقية للدفاع عن حقوق الإنسان (Fortify Rights) والتي مقرها في بانكوك وذلك في 7 تشرين الثاني/نوفمبر بيانًا موجزًا ذكرت فيه أن السلطات في ميانمار كانت متورطة في الاتجار وتهريب مسلمي الروهينغا من ولاية راخين في ميانمار. وقد بينت المجموعة أن قوات أمن الولاية تجبي دفعات مالية من مسلمي الروهينغا الفارين من الاضطهاد الذي يرتكبه نظامهم، أو من المهربين الذين يعملون على متن زوارق بحرية مقابل عبورهم إلى البحر. وحتى إن هناك تقارير تبين أن قوات ميانمار البحرية تقوم بإيصال مسلمي الروهينغا إلى سفن الاتجار بالبشر والتي تديرها شبكات إجرامية. ويمكن أن تحصل شرطة ميانمار، أو قواتها البحرية، أو مسؤولو الجيش على مبلغ يصل ما بين 500 دولار إلى 600 دولار عن كل قارب صغير يحمل ما بين 50 إلى 100 لاجئ. وقد علق ماثيو سميث، مدير (Fortify Rights)، بقوله: "لا تقوم السلطات فقط بجعل حياة الروهينغا لا تطاق بحيث إنهم أجبروهم على الفرار، بل إنهم يتكسبون أيضًا من نزوحهم... إن هذه أزمة إقليمية لا تزال تتفاقم بينما تقوم سلطات ميانمار بالتربح منها بشكل سيّئ". وقد نشرت وكالة أسوشيتد برس تفاصيل حالة قام بها عشرات الجنود من ميانمار بركوب قارب مليء بمسلمي الروهينغا في خليج البنغال وقاموا بضرب الركاب بألواح خشبية وقضبان حديد لابتزاز الأموال منهم قبل أن يسمحوا لهم بالرحيل.
التعليق:
إنه أمر بغيض ومحزن جدًا ألا نشهد فقط على نطاق واسع الحملة المستمرة من التعذيب والاضطهاد التي يتعرض لها إخواننا وأخواتنا من مسلمي الروهينغا والتي يرتكبها نظام ميانمار الوحشي، بل كذلك أن نعلم أن البؤس والمعاناة التي يعيش فيها إخواننا وأخواتنا أصبحت مصدرًا يدر المال لأولئك المجرمين. في الأسابيع الأخيرة، كانت هناك زيادة ضخمة في نزوح مسلمي الروهينغا الذين فروا من منازلهم في ولاية راخين. ووفقًا لمشروع أراكان، وهي مجموعة تراقب أوضاع لاجئي الروهينغا، فإن معدل عدد الأشخاص الذين يلجؤون إلى سفن الشحن لمغادرة البلاد يبلغ 900 شخص يوميًا، وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية وحدها، هرب 14500 روهينغيًا عن طريق البحر إلى تايلاند على أمل الوصول في النهاية إلى ماليزيا. وقد ترك أكثر من مئة ألف روهينغي ميانمار عن طريق القوارب منذ حزيران/يونيو عام 2012 هرباً من البطش العرقي الذي يرتكبه البوذيون ونظامهم. في الواقع، لقد وصف نشطاء حقوق الإنسان هذه الهجرة باعتبارها واحدة من أكبر هجرات القوارب في آسيا منذ حرب فيتنام. ويحتجز المهربون الكثيرين منهم في ظروف استعباد واستغلال، ويعانون حياة ملؤها سوء المعاملة والتعذيب.
وتعود الزيادة الأخيرة في معدل نزوح مسلمي الروهينغا من ميانمار بشكل جزئي إلى زيادة عمليات الاعتقال والضرب والاحتجاز التعسفي الذي يتعرضون له. وسياسة إعادة التوطين الجديدة التي تنتهجها حكومة ميانمار، والتي تسمى "خطة عمل راخين"، تعتبر كذلك سببًا في زيادة اليأس بين مسلمي الروهينغا وهو ما أجبرهم على ترك بلادهم. وهذه الخطة، والتي تعتبر جزءاً من حملة التطهير العرقي المستمرة التي يقوم بها النظام ضد المسلمين الذين يعيشون على شواطئ ميانمار، تشترط على مسلمي الروهينغا أن يثبتوا أنهم وأسرهم قد عاشوا في البلاد منذ أكثر من 60 عامًا. وإذا استطاعوا تقديم دليلٍ كافٍ للإقامة، فإنهم يحصلون على "جنسية" تعطيهم حقوقًا أقل من المواطن العادي - وحتى في هذه الحالة، يطلب منهم أن يتنازلوا عن هويتهم كروهنغيين ويسجلون على أنهم بنغاليون. وهذا بطبيعة الحال يعني ضمنًا أنهم يعتبرون مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش المجاورة، مما يعطي الحكومة القدرة على سحب جنسياتهم وترحيلهم في وقت لاحق إذا رغبت في ذلك. أما أولئك الذين لا يستطيعون تقديم دليل على إقامتهم أو الذين يرفضون تصنيفهم على أنهم "بنغاليون"، فيمكن أن يرحلوا أو يتم وضعهم في المخيمات. وقد وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الخطة بأنها "لا شيء أقل من خطة للتمييز العنصري وانعدام الجنسية الدائمين".
إن كل هذا يحدث في الوقت الذي يستعد فيه قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الأمريكي أوباما، لحضور قمة شرق آسيا هذا الأسبوع في ميانمار والتي تستضيفها الحكومة البورمية هذا العام. ولذلك فإن الحكومات الغربية تتظاهر بالاهتمام بحقوق الإنسان كجزء من خطتها لتسويغ القصف الحالي على العراق وسوريا، وهم سعداء جدًا بشكل فاضح لحضور مؤتمر يستضيفه نظام دكتاتوري وحشي يرهب الأقليات التي يحكمها، ويشارك في حملة التطهير العرقي، والتربح من الهجرة الجماعية للمسلمين المضطهدين. إن كل تلك الحكومات الغربية التي ستجتمع قد صرحت ببيانات ضعيفة على عدم موافقتها على تصرفات النظام في ميانمار، وهي ليست على استعداد بشكل واضح للمخاطرة باستثماراتها المالية الكبرى والمصالح الاستراتيجية في البلاد. في الواقع، طوال هذه الحملة المستمرة من الاضطهاد الذي يتعرض له الروهينغا، فإن الولايات المتحدة واصلت تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع هذا البلد، وتبشر النظام بنجاح سياسته الخارجية بسبب إصلاحاته الديمقراطية؛ الإصلاحات التي لم تصنع شيئًا لمسلمي الروهينغا سوى مزيدٍ من الاضطهاد. إن هذا النفاق الهائل يوضح مرة أخرى أن هذه الحكومات الرأسمالية ليس لها أي اعتبار حقيقي لحرمة حياة الإنسان وكرامته، وإن اهتمامها ينحصر فقط في حرمة الدولار. وهذا يؤكد كذلك على أنه لا يمكن أبدًا أن يعتمد المسلمون على المجتمع الدولي في حل مشاكلهم، فالله سبحانه وتعالى يذكرنا بقوله: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنڪَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتً۬اۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنڪَبُوتِۖ لَوۡ ڪَانُواْ يَعۡلَمُونَ﴾ [العنكبوت: آية 41]
وعلاوة على ذلك، فإن هذه الأوضاع الصعبة التي يتعرض لها إخواننا وأخواتنا الروهينغيون لم تستثر حكام العالم الإسلامي ليقوموا بأي رد، وتلك الطغمة الحاكمة لم تكتف فقط بأنها لم تتحرك لمساعدتهم، ولكنهم ما زالوا مستمرين في إغلاق الحدود ويرفضون توفير أي ملجأ آمن لهم، وهم سعداء فعلًا بمشاهدتهم للإرهاب أو الإغراق في عرض البحر جراء الأعمال التي يمارسها النظام هناك. إن كل ما يحدث هو تذكير بالحاجة الملحة لإزالة تلك الأنظمة التي لا ترحم وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة التي ستفتح حدودها لجميع المسلمين المضطهدين، وتوفر لهم الحياة الكريمة وتذيق أعداءهم وبال أمرهم بتحريك كامل قوتها العسكرية.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير