الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق الاتجار بالبشر والرق الحديث من نتائج النظام الرأسمالي الغربي (مترجم)

بسم الله الرحمن الرحيم


الخبر:


انقلب قارب يتسع لثمانية أشخاص في مدخل مضيق البوسفور يوم الاثنين، 3 تشرين الثاني/نوفمبر، بينما كان على متنه 42 شخصاً من المهاجرين غير الشرعيين، وقد أدى هذا الحادث إلى مقتل 10 أطفال، و4 نساء و10 رجال، في حين تم إنقاذ ستة فقط من الرجال، وما زال البحث جارياً عن المفقودين بما في ذلك طفلين وثلاث نساء، أما هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين فقد دفع كل واحد منهم مبلغ 7000 يورو لهذه الرحلة المفعمة بالأمل، في محاولة للوصول إلى رومانيا أو أوروبا عبر البحر... هذه القصة توجه الأنظار مرة أخرى لواقع الاتجار بالبشر في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في تركيا.


التعليق:


هناك أخبار كل يوم تقريبا حول لاجئين يحاولون الوصول إلى حياة أفضل في ما يسمى بأوروبا الأفضل، ففي أول 3 أيام من تشرين الثاني/نوفمبر تم القبض على 51 من المهاجرين غير الشرعيين على شواطئ بحر إيجة، بما في ذلك النساء والأطفال، وفي أيلول/سبتمبر، غرق 61 شخصا من بينهم 3 رضّع، و28 طفلا و18 امرأة بعد غرق زورق محمل بشكل زائد بأكثر من 100 مهاجر في عرض البحر في أزمير.


إن الحروب المستمرة ونظام القمع والفقر هي بعض الأسباب الرئيسية التي تجبر الناس على الهجرة، حيث يحاول أكثر من 800 ألف شخص في العالم كل سنة الوصول إلى حياة أفضل عن طريق الهجرة غير الشرعية. ولتركيا، كبلد الهدف والمصدر والعبور نظراً لموقعها الجغرافي، أهمية خاصة فيما يتعلق بمسألة الهجرة، ولكن هذا يجعل تركيا أيضا سوقاً ضخمة للمتاجرين بالبشر، وجعلها تكسب حوالي 300 مليون دولار أمريكي من خلال الهجرة إلى أوروبا و7 مليار دولار لأمريكا. لقد تم القبض على 829 ألف مهاجر غير شرعي حتى بداية عام 2013، وبين الأعوام 2004-2013، أصبح 1321 شخصا ضحايا للاتجار بالبشر في تركيا، ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، فإن 800 ألف إلى 2.5 مليون من النساء والرجال والأطفال هم عرضة للاتجار بالبشر سواء في بلدانهم أو من خلال عبور الحدود.


على الرغم من معرفة مخاطر السفر عبر البحار، وخاصة للمسلمين الذين يخاطرون بحياتهم من أجل الوصول إلى البلدان الأوروبية، إلا أن اللوم في ضياع المال والحياة لا يقع عليهم، وإنما على البلدان الإسلامية ولا سيما تركيا، لأنه في النظام الرأسمالي، والذي يعطي الفرصة للحصول على أرباح من ظلم الشعوب، فإن من لا يقع في أيدي المتاجرين بالبشر يصبح من ضحايا نظام الرق الحديث، ووفقا للأرقام التي نشرها مركز تركيا للعلاقات الدولية، والبحوث الاستراتيجية في عام 2013، فإن حوالي 250 ألفاً من المهاجرين القانونيين، وما يقرب من 300 ألف من المهاجرين غير الشرعيين، يدخلون تركيا أو يسافرون عبرها كل عام، وقيل أن عدد العمال غير الشرعيين يصل في أشهر الصيف إلى 500 ألف، والذين يُستغلون في العمل في المناطق السياحية، وفي حقول الشاي من المقاطعات الشمالية الشرقية، وفي الزراعة في تراقيا، والخدمة المنزلية، والبناء والصناعات النسيجية، وأخيراً وللأسف في صناعة الترفيه.


يمكن بسهولة رؤية ما يعانيه المهاجرون من البؤس، وكمثال على ذلك اللاجئون السوريون في تركيا، وتناقش تركيا هذه الأيام، والتي تفتخر باحتضان أكثر من 1.5 مليون سوري، و200 ألف شخص من كوبان، و300 ألف من اليزيديين، وفي المجموع حوالي 1.8 مليون من المهاجرين، تناقش تكلفة استقبال هؤلاء المهاجرين، وقد ذكر وزير الصحة مويزينوجلو أن الحكومة أنفقت ما يصل إلى 4.5 مليار دولار حتى اليوم على المهاجرين، بينما مقدار المعونة الدولية هو فقط حوالي 150 مليون دولار، ومع ذلك يبدو أن هذا المال لم يوفر حياة سهلة للاجئين السوريين، فكل يوم هناك المزيد من اللاجئين يلتمسون السبل لمغادرة المخيمات في محاولة للوقوف على أقدامهم، فيقع في هذه المحاولة مئات اللاجئين كضحايا للاستغلال الرأسمالي عن طريق أيدي أرباب العمل الطامعين.


إن أجر مهاجر سوري، لا سيما في صناعة النسيج وصناعة الملابس، هو 42 سنتا في الساعة، وذلك أدنى مما يتلقاه الموظف في بنغلاديش وهو 62 سنتا، بالإضافة إلى زيادة البطالة بين العمال الأتراك أيضا، وبينما يتلقى العمال السوريون في اسطنبول 600-800 ليرة شهريا، فإنهم يتلقون في شرق وجنوب - شرق البلاد 240-500 ليرة فقط، وهذا يعني أن الأجور في الساعة 42 سنتا فقط، بينما يعملون 10 ساعات في اليوم و6 أيام في الأسبوع، بينما الطعام اليومي للموظف السوري حسب سياسة رب العمل، ومع ذلك تبلغ تكاليف المعيشة اليومية للعمال المسجلين 5.48 دولار.


في مواجهة هذا الاستغلال واليأس، من السهل أن نفهم لماذا الناس مستعدون للمخاطرة بحياتهم وحياة النساء والأطفال حتى بعد الوصول إلى بلد مسلم، ففي حال كانت الرعاية في البلدان المسلمة، وفي مقدمتها تركيا، للناس الذين يلتمسون اللجوء على أراضيها وفقا لما قام به رسول الله صلى الله عليه والسلام والخلفاء من بعده، بتأمين السلامة لهم، وتوفير الفرص والرفاهية في أي جانب من جوانب الحياة؛ فإن آلاف الناس لن ينتهي المطاف بهم كعبيد للرأسمالية، وكسلع في أيدي المتاجرين بالرق أو فقدان حياتهم بطريقة وحشية، مرة أخرى فإن المشكلة الرئيسية هي أن المسلمين لا يدركون بالفعل أنهم في بلد غربي عند وصولهم إلى تركيا، فتركيا تطبق النظام الرأسمالي العلماني الغربي بجميع ما فيه من العلل؛ قوانينه ونظامه، والاقتصاد والعقوبات الزائفة أيضا ضد أولئك الذين يتجرؤون على إيذاء الأبرياء، وهؤلاء المهاجرون الذين يتمكنون من الوصول إلى البلدان الغربية، في نهاية المطاف وتحت ظروف غير إنسانية، يعاملون باستمرار - ليس فقط جسديا أو اقتصاديا - كأدوات في جدول أعمال السياسيين الذين يبحثون عن العلمانية، في خلق الخوف ضد الأجانب، والإسلام، وتحقيق أهدافهم بمساعدة هؤلاء المهاجرين، أي أن إذلال واستغلال الأمة مستمر داخل وخارج أراضيهم وذلك فقط بسبب السياسات الاستعمارية لهذه الدول الغربية، فجميع الحروب في البلدان الإسلامية تخدم وجود البلدان الغربية. ولذلك، لن يقدم الغرب لأولئك الذين يصلون إلى أراضيه ما هو أفضل، لذا بدلاً من البحث عن الكرامة والرفاهية في الغرب، فإن الحل الوحيد ضد أي نوع من الإذلال يكمن فقط في الإسلام، وسنكون قادرين على جني ثمار الإسلام في حال تم تطبيقه تطبيقا شاملا وفوريا.


وقد نطق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الحق، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله."

 

 


كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم خالد
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع