الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق القوات البريطانية تغادر أفغانستان دون تحقيق أهدافها (مترجم)

بسم الله الرحمن الرحيم


الخبر:


غادرت آخر القوات البريطانية أفغانستان يوم الاثنين بعد إعلانها في اليوم السابق انتهاء عملياتها القتالية هناك حيث سُلمت مسؤولية معسكر باستيون رسميا للجهات الأفغانية. وتمثل هذه الخطوة نهاية واحدة من أطول الحملات في التاريخ العسكري البريطاني والتي أودت بحياة 453 مجندا ومجندة.


وقد أُنزل العلم البريطاني، وكذلك علَما الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وذلك بمناسبة انتهاء الحرب البرية البريطانية في أفغانستان. وقد افتتح معسكر باستيون عام 2006 كردٍّ على زيادة هجمات طالبان وكان يشكل قاعدة العمليات البريطانية الرئيسية في البلاد لمدة ثماني سنوات. ويعتبر هذا المعسكر القاعدة البريطانية الوحيدة المتبقية في ولاية هلمند، وذلك مقارنة بأكثر من 120 بؤرة استيطانية كانت موجودة قبل ثلاث سنوات.


هذا وسيبقى بضع عشرات من أفراد الجيش البريطاني في كابول لإدارة منشأة تدريب ضباط لُقِّبت بـ"ساندهيرست تحت الرمال"، وتُعَدَّ جزءا من الدعم المستمر للشعب الأفغاني. أما عن القوات الخاصة فستستمر بالعمل في المنطقة. وستُبقي الولايات المتحدة على قوة قوامها 10.000 جندي في أفغانستان لعام قادم، وذلك بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الرئيس الأفغاني الجديد أشرف غاني.


هنالك مخاوف بشأن مستقبل الأمن في البلاد وذلك بعد مقتل مع ما يقارب 800 من قوات الأمن الأفغانية في هلمند هذا الصيف، وحوالي 4000 منهم قتلوا خلال هذا العام.


ومع انسحاب القوات التي تقودها الولايات المتحدة والمنطلقة من القواعد المنتشرة في أنحاء مختلفة في أفغانستان، واجهت هذه القوات الهجوم تلو الهجوم، إضافة إلى بعض الهجمات البرية التي تعرضت لها يوم المغادرة. ويعتقد بعض الخبراء الأمنيين بأن طالبان ستعمل على إظهار تفوقها عقب مغادرة قوات التحالف للمنطقة. وقد شنت طالبان سلسلة من العمليات في هلمند هذا الصيف، مهاجِمة مناطق مثل سانجن وناد علي أمضى الجنود البريطانيون أشهرا للحفاظ على سيطرتهم فيها.


التعليق:


من المفارقات، أنه ومع انتهاء هذه الحرب، تبدأ في هذا الشهر في بريطانيا فعاليات "مناشدة زهرة الخشخاش" والتي تهدف إلى جمع تبرعات لصالح القوات المسلحة والمحاربين القدامى في ما يُسمى بـ"يوم الذكرى". وتتعرض الجاليات المسلمة في هذا الوقت للانتقاد لعدم مشاركتها في الاحتفاء بإنجازات القوات البريطانية في الخارج في الماضي والحاضر. وقد ذهبت الدعوات المطالبة بمشاركة المسلمين في هذه المناسبة إلى أبعد من ذلك فطولبت النساء المسلمات بارتداء ما سُمِّي بـ "حجاب الخشخاش" باعتباره يمثل تحديا للجماعات المتطرفة التي تشكل "منطلقا للكراهية" بحق القوات المسلحة.


ولكن بماذا سيحتفي المسلمون في نوفمبر (تشرين الثاني) هذا؟ فمنذ 2013، قُتل في أفغانستان وحدها عشرات الآلاف من المسلمين، هذا غير حالة الاضطراب والفوضى المستمرة التي تعيشها البلاد. لقد كانت هذه العملية معيبة منذ بدايتها، ولم يملك أصحابها إلا بعض مبررات واهية لخوض هذه الحرب في المقام الأول.

 

فبمرور الأيام تغير الهدف من استهداف أسامة بن لادن إلى تحرير المرأة من حكم طالبان، وأخيرا إلى بناء الدولة. وها هي البلاد تعيش اليوم في حالة هي الأسوأ من أي وقت مضى.


لقد بلغت التكلفة الإجمالية البريطانية للحرب التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان ما بين 30-37 بليون جنيه أسترليني، في حين جاء في استطلاع لبي بي سي بأن 68% من البريطانيين و51% من الأمريكيين يعتقدون بأن هذه المشاركة كانت دون جدوى. وأصبح هناك رأي عام وعلى نطاق واسع بأن الحرب لم تحقق أي نتائج عسكرية أو سياسية فيما يتعلق بطالبان التي أصبحت أكثر قوة من ذي قبل. هذا غير ارتفاع نسبة المؤيدين والمتعاطفين من الأفغان مع طالبان مقارنة مع أولئك الذين يؤيدون إيساف (قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان) التي يقودها حلف شمال الأطلسي.


إنه مما لا ينبغي أن ينخدع المسلمون الذين يعيشون في المملكة المتحدة بفكرة المشاركة في احتفالات "مناشدة زهرة الخشخاش" هذه. فما هي إلا حيلة يسعون من خلالها إلى سلخ الجاليات المسلمة عن حاضنتها "الأمة الإسلامية"، وتحقيق ما تسعى إليه الحكومة من خلق "الإسلام البريطاني"، الذي نجحت أمريكا في إيجاده في بلادها. وقد لاحظنا بوضوح السعي إلى تحقيق هذه الأهداف من خلال عدد من الحملات والسياسات التي تدعو إلى إصلاحات في الدين الإسلامي وبناء ولاء قومي لبريطانيا، والتي بدت واضحة في استراتيجيات الحظر التي طُبِّقت في المساجد والمدارس الإسلامية في جميع أنحاء البلاد.


أما عن التدخل بالقوة المادية، فالظاهر بأن بريطانيا ومعها الدول الغربية الأخرى لا تنوي خوض مزيد من الغزو البري في الوقت القريب. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني بالطبع نهاية نفوذهم في المنطقة. ففي سوريا والعراق استبدلت الطائرات النفاثة بالتدخل البري في الحرب ضد "تنظيم الدولة". كما أن بريطانيا دربت وسلحت الفئات المعتدلة من الجيش السوري الحر والبيشمركة الكردية في المنطقة. ومن جديد، فإن على المسلمين البقاء حذرين يقظين على هذا التدخل الذي يُعَدُّ جزءا من أجندة ثابتة دائمة للغرب في المنطقة.

 



كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عائشة حسن

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع