خبر وتعليق الفقر يدفع نساء جنوب آسيا إلى الانتحار في ظل حكم الرأسمالية البشع (مترجم)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
قامت أم فقيرة في باكستان بقتل طفلتيها بواسطة السم ومن ثم حاولت الانتحار ولكن تم إنقاذها وذلك وفقًا لتقارير وسائل الإعلام في 26 تشرين الأول/أكتوبر عام 2014. وقع الحادث المأساوي في منطقة أدا في ولاية رضاباد، حيث إن امرأة اسمها بلقيس قامت بتسميم ابنتيها مما أدى لوفاتهما؛ وهما مقدس وعشرات اللتين تبلغان من العمر أربع سنوات وسنتين على التوالي. وورد أن المرأة حاولت الانتحار ولكن تم إنقاذها ويجري معالجتها في مستشفى محلي. وقالت إن زوجها كان مدمناً على الكحول وقد أجبرها على ممارسة البغاء، وهو ما أجبرها على اللجوء لهذا الإجراء الشديد. وكان حادث مماثل قد وقع في لاهور في وقت سابق هذا الشهر عندما قامت أم - تدعي أنها مريضة وقد أعياها الفقر - بقتل طفليها من خلال خنق واحد وإغراق الآخر. وادعت الأم القاتلة أنها لم تستطع رؤية أطفالها يعيشون في شقاء مما دفعها للقيام بهذا الإجراء الخطير.
التعليق:
إن هذه الحادثة هي إضافة جديدة إلى الكثير من حوادث الموت التي تحصل في شبه القارة الهندية الباكستانية، والتي تحدث جراء معاناة الناس هناك من الفقر فيدفعهم للانتحار والجوع والقتل. وبحسب التقرير السنوي لعام 2012 لحالات الوفاة والانتحار العرضي في الهند، فإن هناك حوالي 6 حالات انتحار يوميًا بسبب الفقر، و5 حالات بسبب النزاع حول المهر الذي تتكفل به النساء، و129 حالة انتحار ارتكبتها نساء بشكل يومي من بينها 60 حالة قامت بها ربات البيوت. وفي جنوب الهند، تم الإبلاغ عن أن معدل الانتحار بين النساء الشابات بلغ نحو 148 من كل مئة ألف، مما يجعله من أعلى معدلات الانتحار في العالم. وبالمثل، في بنغلاديش، فقد ورد في تقرير المركز الآسيوي للموارد القانونية أن 165 امرأة قتلت في سنة واحدة، 77 منهن قتلن من خلال إلقاء الأحماض عليهن، و11 انتحرن بسبب مطالب تتعلق بالمهور. وقد تم حظر المهر رسميًا بموجب القانون. والفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 14 إلى 17 سنة أكثر عرضة للانتحار ومحاولة الانتحار من الأولاد الذكور. وأفادت دراسة تتعلق بالصحة والإصابة في بنغلاديش أن أكثر من 2200 طفل قد انتحروا خلال عام واحد - أي نحو ستة أطفال في اليوم الواحد، ومن هؤلاء الستة، وجد أن عدد الإناث بلغ 4. وفي باكستان فالأمر لا يختلف، حيث يدفع الفقر المدقع في كل يوم الشباب والشابات لقتل أنفسهم وأطفالهم، لأنهم غير قادرين على إطعامهم وكسائهم.
والواقع هو أن الدول قد ألغت دورها تمامًا تجاه واجب توفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيها، لأن الدول في ظل الرأسمالية الليبرالية العلمانية ليست ملزمة بإشباع الحاجات الأساسية لكل فرد بعينه، وبدلًا من ذلك فإنها تكتفي بزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وبارتفاع مؤشرات الأسواق المالية. وذلك لأن النظام الاقتصادي الرأسمالي هو نظام كفر مبني على حرية التملك والربا والاحتكار. ووفقًا للنظرية الرأسمالية، فإن الحاجات الإنسانية الأساسية غير محدودة في الوقت الذي تعتبر فيه الموارد محدودة لإشباع تلك الحاجات، لذلك فإنها تخلص إلى أنه لن يتم إشباع احتياجات جميع الناس، وبالتالي يجب زيادة إنتاج السلع لتلبية احتياجات أكبر عدد ممكن من الناس. وبناء على ذلك، فإن الرأسمالية تقنع نفسها بأن هناك عددًا كبيرًا من الناس سيظل يعاني من الجوع، والفقر، وانعدام المسكن، وهو أمر حتمي. ولذلك فإن قيام باكستان والهند وبنغلاديش، وجميع دول العالم الأخرى، بتطبيق هذا النظام الرأسمالي الوضعي الخاطئ من شأنه أن يؤدي إلى مضاعفة أبعاد قضية الفقر في جميع أنحاء العالم. ومن ناحية أخرى، فإن الإسلام قد قسم حاجات الإنسان إلى نوعين: أساسية وكمالية، وأقر أن الموارد الموجودة على الأرض تكفي لإشباع الحاجات الأساسية (الغذاء والكساء والمأوى) لخمسين مليار إنسان. وقد ساهمت نظرية المبدأ الرأسمالي الخاطئة بإخفاء حقيقة أن الجوع والفقر والتخلف الاقتصادي هي نتائج لسوء توزيع الموارد التي قررتها القوانين والأنظمة الوضعية. ووفقًا لحسابات قام بها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن فرض ضريبة تبلغ 4٪ سنويًا على أغنى 225 شخص في العالم (متوسط 1998 ثروة: 4.5 مليار) سيكون كافيا لتوفير الأساسيات التالية لجميع الناس في الدول النامية: الغذاء الكافي والمياه النقية والصرف الصحي، والتعليم الأساسي، والرعاية الصحية الأساسية والرعاية الصحية الإنجابية.
والإسلام يعطي الحل لهذه المشكلة باعتباره نظامًا من عند الله سبحانه وتعالى يطبق في دولة الخلافة الإسلامية وذلك من خلال إشباع جميع الحاجات الأساسية لكل أفراد الرعية فردًا فردًا، بينما توفر الأحكام الشرعية المتعلقة بالبلاد الإسلامية الفرصة لجموع الناس ليكتفوا ذاتيًا فيما يتعلق بالمأكل والمسكن. فقد روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »من أحيا أرضاً ليست لأحد فهو أحقُّ بها»، ورواه البخاري بلفظ: «من أَعْمَر أرضاً ليست لأحدٍ فهو أحق«. فقد جاء النظام الاقتصادي في الإسلام ليشبع الحاجات الأساسية بغض النظر عن وضع السوق، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »لَيْسَ لابْنِ آدَمَ حَقٌّ فِي سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ: بَيْتٌ يَسْكُنُهُ، وَثَوْبٌ يُوَارِي عَوْرَتَهُ، وَجِلْفُ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ» أخرجه الترمذي.
وبحسب هذا الخط العريض، فإنه يجب على الدولة الإسلامية أن تضمن لجميع مواطنيها (مسلمين وغير مسلمين) الأمن الذي لن تحققه الرأسمالية أبدًا وهي تعمل بلا رحمة لتطبيق سياسات السوق الحرة. ولهذا السبب فإننا لم نسمع قط خلال 1300 سنة من الحكم في ظل الخلافة عن امرأة قامت بالانتحار وقتلت أطفالها بسبب الفقر، لأن الناس كانوا يعيشون حياة سعيدة ومزدهرة في ظل الاحتكام إلى تشريع الخالق سبحانه. وعليه، فإن تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي في ظل دولة الخلافة هو الحل الوحيد للقضاء على الفقر وعلى الانتحار الذي يكون الدافع إليه الفقر.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم مصعب
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير