خبر وتعليق ما فائدة وجود هيئة كبار العلماء إن لم يسمع كلامها وينفذ قرارها!!
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
ورد على موقع (CNN) أنه في يوم الأحد التاسع عشر من تشرين أول / أكتوبر 2014م بدأت عملية الاكتتاب على 500 مليون سهم من أسهم البنك الأهلي السعودي الذي تمتلك الحكومة السعودية حصة كبيرة فيه، بسعر 45 ريالا للسهم، في اكتتاب قد يكون الأضخم بتاريخ المملكة والمنطقة، وذلك وسط جدل واسع حول شرعية العملية، خاصة بعدما تراجع رئيس اللجنة الشرعية للبنك عن فتواه المؤيدة للاكتتاب بدفْعٍ من الفتوى المخالفة الصادرة عن المفتي.
التعليق:
البنك الأهلي السعودي التجاري هو من أكبر البنوك في السعودية من حيث رأس المال وعدد الفروع وكان قد صدر في شباط الماضي توجيه ملكي لبيع صندوق الاستثمارات العامة لنسبة تعادل 25% من رأس مال البنك بطرح الاكتتاب على الأسهم، فبدأ الجدل حول مشروعيته.
وكانت اللجنة الدائمة للفتوى بالسعودية، والتي يرأسها عبد العزيز آل الشيخ، قد أفتت بـ"تحريم الاكتتاب والمساهمة في البنوك والشركات والمؤسسات التي تتعامل بالربا بيعاً وشراءً."
أما الهيئة الشرعية في البنك الأهلي التجاري، فقد أعلنت بعد الاجتماع بالمسئولين في البنك، أن الاكتتاب في أسهم البنك الأهلي التجاري "سائغٌ شرعاً ولا حرج فيه".
فمن هي الهيئة الشرعية وما دورها؟
تتولى المصارف المركزية لكل دولة الرقابة على (المصارف الإسلامية) وهناك رقابة أخرى وهي هيئات الرقابة الشرعية والتي تختارها المصارف عينها - ويكونون من علماء الشريعة وفقهاء القانون - لتحقيق الالتزام بالأحكام الشرعية في عمل المصارف وهذه من الترقيعات المسايرة للنظام الرأسمالي؛ فالأصل أن تكون أجهزة الإدارة في المصرف هي التي تقرر الحلال والحرام.
يقول الدكتور جمال الدين عطية في كتابه (البنوك الإسلامية بين الحرية والتنظيم) أن "هيئات الرقابة الشرعية دورها لا يتعدى دور الإفتاء النظري فلا تقوم بالرقابة الفعلية على العمليات هل تمت بحسب توجيهاتها أم لا، بل يقتصر عملها على الإجابة عما تُسأل عنه، وتكون الإجابة عادة مترتبة على السؤال ومتوقفة على طريقة توجيهه ويمكن أن يوجه السؤال عن مسألة محددة بطريقة معينة للحصول على إجابة معينة بينما لو وُجّه بطريقة أخرى لكانت الإجابة مختلفة" ولهذا يمكن أن نرى إجابتين متناقضتين لهيئتين شرعيتين في بنكين مختلفين في مسألة واحدة!!
وهذا ما يفسر لنا لماذا أفتى رئيس اللجنة الشرعية للبنك عبد الله المنيع بجوازها مع أنه عضو بهيئة كبار العلماء التي يرأسها المفتي السعودي، عبد العزيز آل الشيخ الذي أفتى بحرمتها.
لقد استندت اللجنة الشرعية في قرارها إلى أن الخطة المعتمدة من قبل البنك، كما هو مرسوم لها ستؤدي إلى تحقيق هدف التحول الكامل إلى المصرفية الإسلامية "خلال مدة معقولة بما في ذلك التخلص من جميع السندات."
وتابعت الهيئة بالقول إن الأصول المالية التي يدخل فيها الربا "لا تمثل إلا نسبة تقل عن الثلث من جملة الأصول، أما الأغلب من هذه الأصول فهي أصول ناتجة من عمليات تمويل مباحة والقاعدة أن للكثير حكم الكل".
وهذه أيضا من المبتدعات؛ فبعض الاقتصاديين في البلاد الإسلامية ينظرون إلى الاقتصاد على أنه يقوم على المنطق والأرقام متجاهلين العقائد، فمنهم من أخذ مسائل من فقه المعاملات ووضعها في قوالب اقتصادية وربطها بالمصطلحات الاقتصادية الرأسمالية الحديثة متجاهلا الآيات التي تحرم الربا وأكل أموال الناس بالباطل.
إن هذه القاعدة ابتدعها الفقهاء المعاصرون للسكوت والتغاضي عن القليل الحرام مقابل الكثير الحلال، وقد حددوا معيارا للقليل بأنه الثلث فإذا كانت المعاملات أو مجموع الكسب الحرام دون الثلث يهمل ولا يؤثر في حرمة المؤسسة أو البنك ويكون الحكم حسب الأغلب والذي من المفترض أن يزيد عن الثلثين، وهذا ما ورد عن الهيئة في بيانها حين أجازت الاكتتاب؛ فقد أكدت أن الأصول الإسلامية للبنك أصبحت تشكل 67%، وهي نسبة تزيد على الثلثين.
وكما ورد في الخبر فقد حذر المفتي (آل الشيخ) من عقوبة من يفتي بالربا، ودعا من أفتى بذلك إلى الرجوع عن رأيه، مما دفع رئيس الهيئة الشرعية للإعلان أن: "الكلمة الأخيرة هي للمفتي وإخوانه أعضاء اللجنة الدائمة، وهي الجهة الرسمية التي تمثل الدولة، وبناء على ذلك نحن إن قلنا أو لم نقل، هذه هي الفتوى الرسمية الصادرة ممن يمثل الدولة، وعلى كل حال على إخواننا أن يتصرفوا وكل واحد يتحمل مسؤولية تصرفه."
وأخيرا ورغم تحفظنا على هيئة كبار العلماء، فما رأيناه هو بدء العمل بالاكتتاب والضرب بالفتاوى عرض الحائط حين يتعلق الأمر بمصالح الحكومة السعودية، وبالتالي نقول: فما فائدة وجود هيئة كبار العلماء إن لم يُسمع كلامها وينفذ قرارها؟
الجواب واضح: فالحكومة السعودية تهدف من وراء الاكتتاب أن تجمع ما تبقى من مال لدى رعاياها ليكون في يدها وتتحكم بهم وبمالهم وتسلبهم إياه، فالبنك يعتزم جمع قرابة ستة مليارات دولار كأسهم، فهي لم تكتف بعدم رعاية مواطنيها الرعاية الإسلامية - حسب ما تدعي أنها تملك ولاية الأمر عليهم - ولم تحد من مشكلة الفقر التي أدت إلى زيادة عدد المتسولين الأطفال في مكة إلى أكثر من خمسة آلاف طفل وثمانية آلاف امرأة.
وأين هي الرعاية الاجتماعية والتعليمية والطبية والعسكرية وأين هو الأمان والاستقرار؟
لن يجد المسلمون في السعودية وغيرها من بلاد المسلمين بل في العالم أجمع ما تتطلبه الرعاية الحقيقية إلا في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة التي نسأل الله أن تكون قريبة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أختكم راضية