خبر وتعليق إدانة الإيبولا ما بين السخرية والحل الجذري (مترجم)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
كرد فعل ساخر على موجات الأعداد المتزايدة من المسلمين الذين يدينون إطلاق مواضيع تبث الخوف من الإسلام في نفوس الناس مثل موضوع "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، شرع الكثير من المسلمين في المشاركة في رابط على صفحة "رديت" عنوانه: "أنا كمسلم، أدين الإيبولا". ونتيجة لتعرض المسلمين لضغوطات عالمية كبيرة ومطالبات تدعوهم لإدانة أمور معينة أو اتخاذ إجراءات ضدها فقد قرروا السخرية من موقف الخوف من الإسلام العالمي بالتنديد بالفيروس القاتل "الإيبولا" على الرغم من أنه من الواضح جدا أنه لا علاقة للمسلمين في هذا الوباء ولا بأي شكل من الأشكال. (الستريم، الجزيرة)
التعليق:
إن الفكرة التي كانت وراء ولادة هذه المبادرة الساخرة تظهر السخافة الإيديولوجية المتعلقة بضغوط تمارس ضد المسلمين من قبل الغرب تطالبهم جبرا أو طوعا بإدانة أعمال العنف التي ترتكب ضد الأبرياء والتي تُنسب زوراً وبهتاناً إلى الإسلام بحجة أن من قام بها مسلمون. إن هذا التطلع الدائم لإدانة "إسلامية" هو تماما كمثل العباءة الأمنية التي يستخدمها الغرب لتغطية جرائمه التي يرتكبها بنفسه والتي تُسكب فيها دماء الأبرياء. ومن الناحية المنطقية، فمن غير الضروري قيام المسلمين بالإدانة الدائمة كونهم فعلياً وبشكل لا لبس فيه لا يجوز لهم الوقوف في صف من يرتكب العنف ضد الأبرياء بغض النظر عمن ارتكبه. وفي أحكام الإسلام وقيمه وتعاليمه شُجبت بالفعل هذه الأعمال في كتاب الله تعالى القرآن الكريم الذي يتحدث باسم أمة الإسلام جمعاء. ومع ذلك، يبدو أن بعض الناس لا يعتبرون هذه الإدانة الإلهية كافية لإرواء عطشهم فيشعرون بضرورة تكرارها لفظيا وشفويا، ويرون أن على عامة الناس ومعهم الأشخاص المعروفون في المجتمع ولا سيما أئمة الأمة تقديم ختم بهذه الإدانة.
إن الضغوطات المتزايدة التي تطالب المسلمين بالإدانة تهدف إلى تكوين عقلية انهزامية عندهم تضطرهم إلى تحمل شعور بأنهم "مُدانون" وأنهم "مَدينون" باعتذار. وبهذا يُصرف المسلمون عن الاهتمام بقضاياهم الحقيقية بدفعهم للبحث عن سبل لتحقيق رغبات الغرب الملحة الدائمة المطالبة بأن يكون للمسلمين إدانات بين الحين والآخر بحجة "تهدئة" ما يسمى الخوف من الإسلام والمسلمين. ونتيجة لذلك، فقد استخدم بعض المسلمين الذين وقعوا في فخ الإدانة مواقع (التواصل الاجتماعي) ليقدموا إداناتهم المتكررة، في حين شرع آخرون بإثارة مواضيع تسخر من رُهاب الإسلام هذا والذي أنشأه الغرب لزيادة فُرقة المسلمين حتى في مواقفهم تحت مسميات "الحداثة" و"النسوية" و"التطرف" وغيرها.
وبغض النظر عن هذا كله، فإن مجرد حقيقة أن مواقع (التواصل الاجتماعية) المجانية المختلفة قد سهلت على الناس، المسلم منهم وغير المسلم، التعبير عما يقلقهم ويشغل بالهم، وعما يثير غضبهم واستفساراتهم، تكشف وبشكل مؤلم حاجة هؤلاء الماسة لمن يسمعهم في وقت غابت فيه المصداقية والرعاية الصادقة والآذان الصاغية التي تدعي المؤسسات التي تمثل الرأي العام توفيرها كوسائل الإعلام والنواب المنتخبين والحكام الطغاة. وليس هذا فحسب، بل إن هذه الوسائل عملت ولا تزال على استغلال هذه المنصات العامة لنشر ثقافة الخوف من الإسلام حتى يتمكنوا بعد ذلك من مواصلة التعامل بطرق عنيفة ضد الأبرياء دون أن يخشوا إدانة على جرائمهم.
كما ينبغي الإشارة إلى أنه وبغض النظر عن المسلمين فإن غير المسلمين يشاركون أيضا في هذه المواضيع على مواقع (التواصل الاجتماعي) ما يظهر وبوضوح الانفصال الواضح. وقد بدأ الناس يدركون أن الدعاية التي رُوِّجت لنا قسرا هي أبعد ما تكون عن الحقيقة، فالواقع على الأرض مختلف تماما. فقد لاحظ الناس من خلال الأكاذيب المختلقة بأنها أصبحت تُفرض عليهم وكأنها حقائق ثابتة وهذا ما جعلهم يرون ضرورة ملحة للتوقف عن التزام الصمت. ومن الواضح تماما بأن الناس قد سئموا رعاية الأكاذيب التي تُستغل فيها أموالهم التي يجنونها بشق الأنفس وأرواحهم كذلك، كما أنهم قد سئموا البقاء مستعبدين من قبل النخب الحاكمة في التسلسل الهرمي السلطوي والتي تسعى لاستغال الناس لتحقيق مصالحهم الشخصية.
أيها المسلمون في أنحاء العالم أجمع...
إن ما يهدد المصالح الغربية لا يجب أن يقتصر على استخدام السخرية فحسب، ولكن بالدعوة والعمل على إقامة نظام عالمي بديل على أساس الإسلام، نظام الخلافة. وإنه من الواجب علينا ألا ننحني لضغوط الغرب واتباع أوامرهم ومتطلباتهم كيفما أرادوا ومتى أرادوا، فإن هدفهم الحقيقي الأساسي هو صرفنا نحن المسلمين عن السعي الجاد والعمل الدؤوب من أجل إقامة حكم الله في الأرض بإعادة إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والتي بها ستتوحد الأمة وستعيش في ظل درعها الواقي الخلافة، التي ستنقذ الأمة والعالم بأسره من طاعون الغرب الذي أهلك البشرية بشكل عام وأمة الإسلام على وجه الخصوص.
أيها المسلمون في هذه الأمة المباركة، كونوا صفا واحدا وسيروا على أحكام الله تعالى ولا تخشوا البشر واحذروا أن تقعوا في شرك العلمانية التي تؤمن بأن نخبة قليلة هي من تمتلك السلطة المطلقة على البشر أجمعين. وقد خاطبنا الله تعالى في كتابه الكريم مذكرا إيانا بأنه هو وحده سبحانه وتعالى صاحب الحكم والأمر ومبينا لنا كيف يكون المسلم الحق وكيف يتصرف فيقول عز من قائل:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّـهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّـهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة: 54]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم أديان - أستراليا