خبر وتعليق المرأة الغربية تعلن إنهيار الفكر النسوي ﴿صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ﴾
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
انتشر في الآونة الأخيرة على صفحات التواصل الاجتماعي في الغرب هاش تاغ مثير للجدل تحت مسمى نساء ضد النسوية #WomenAgainstFeminism. وجد هذا الهاش تاغ رواجاً كبيرا وتحدثت عنه صحف سيّارة مثل الغارديان البريطانية وغيرها. وأثارت هذه الحملة جدلاً واسعاً بين الأكاديميين والباحثين في مجال الدراسات النسوية بعد أن استقبلوها بذهول تام وعدم تصديق لهذا الرفض للنسوية في عقر دارها.
التعليق:
رددت الكثيرات على الهاش تاغ المذكور أعلاه عبر تسجيلات مصورة ويافطات عبارات مثل : "أنا لا أحتاج للنسوية لأني لا أرى في إعداد الطعام لزوجي أي ظلم .. أنا لا أحتاج للنسوية لأن الأمومة شرف وليست خياراً للمرأة .. أنا لا أحتاج للنسوية لأني لا أرى في الرجل عدواً .. أنا لا أحتاج للنسوية لأنها تهدم الأسرة وتحارب التقاليد الأسرية ...". رفعت شعارات هذه الحملة نسوة غربيات أردن أن يُسمعن صوتهن للعالم ويُعلن رفضهن للفكر النسوي كحقيقة مطلقة. خرجن عن صمتهن ليقلن أن ترويض الرجل لم يعد يرضي طموح المرأة الواعية وأن الحرب على الأمومة حرب على المرأة. أعلن رفضهن لاحتكار الجمعيات النسوية للحديث حول المرأة وقضاياها أو أن تمثل النسوية ضمير جميع النساء في العالم. رفضن تحول النسوية من مناداة لحقوق المرأة إلى طوق يقيد المرأة ويفرض عليها رؤية محددة للعلاقة بين الرجل والمرأة ناتجة عن تجارب سلبية لبعض النساء تعمم كتجارب لكل النساء وتحدد العلاقة بالرجل في إطار صراع أزلي.
وما أن حظيت الحملة على رواج وانتشار حتى هاجمها دعاة النسوية واتهموها بالتمييز ضد المرأة وأن دعاتها من الجهلة المحافظين المغيبين بل وصل الأمر لمهاجمة المشاركات عبر حساباتهن الخاصة ونعتهن بالبلاهة والسذاجة ومعاداة المرأة. ومن جهة أخرى حاولت النسويات الرد على هذا الهجوم اللاذع عبر التذكير بتعريف النسوية وتاريخ الحركة النسوية والمكاسب التي تم تحقيقها في العقود الماضية ولكن كانت محاولات فاشلة استرجعت تعريفات عفا عليها الزمان وزج بأطروحات أكاديمية جامدة لا تعالج واقع المرأة ولا تأتي بفكر يقنع العقل ويوافق الفطرة النقية. عجزت الردود عن الإقناع وبرز عليه الانتصار للرأي والجمود والانفصال عن الواقع. ركزت ردود أخرى على أن مشروع النسوية المعاصرة لم يكتمل وسلطت الضوء على بلاد العالم الثالث والنضال المستمر في مجال "حماية" المرأة من كل أشكال العنف وإعطائها حقوقها المهضومة وتحقيق مشاركة فعلية في المجتمع.
اتهمت النسويات القائمات على الحملة بالأنانية لأنهن يحرمن نساء العالم مما وفرته النسوية لنساء الغرب. وهذا بحد ذاته ذر للرماد على العيون إذ إنه يتناسى معدلات العنف ضد المرأة واستغلال المرأة وما تعانيه نساء الغرب من معاناة للتوفيق بين فطرتهن كأمهات وحاجتهن للعمل لتوفير عيش كريم في ظل فكرة رائجة في المجتمع تسعى بالمرأة لأن تكون نداً للرجل تسابقه في كل الوظائف التي يؤديها بغض النظر عن الفروقات الفسيولوجية لكلا الجنسين. ولتلميع صورة النسوية الفاشلة سلطوا الأضواء على بعض البلاد مثل السعودية إمعاناً في التعمية والتلبيس على الناس ولفت انتباههم عن المشاكل الحقيقية التي تعيشها المرأة الغربية والأصوات المتعالية التي ترفض الرأسمالية ونتاجها الفكري وهم بذلك يصرفون الأنظار لتنظر إلى منظومة فكرية مغايرة في الكليات والجزئيات بدلاً من التفكر والنقاش الجاد حول صدق معالجات المنظومة الفكرية الغربية. القائمون على الفكر الغربي يعلمون أن منظومتهم الفكرية أوهن من بيت العنكبوت وأنها لا تتحمل انتفاضة فكرية مطلقاً.
يستدعي هذا الصراع المحتدم الهجوم الذي تعرضت له الإعلامية الألمانية البارزة "إيفا هيرمان" حينما أصدرت كتابها المشهور "مبدأ حواء - من أجل أنوثة جديدة" الذي حقق معدل بيع وتوزيع قياسياً وأظهرت فيه تشككها في مدى موافقة الفكرة النسوية لفطرة المرأة وإحتياجها الغريزي للحماية والسكينة ودفء الأسرة. تحدت إيفا هيرمان السياق العام وأعلنت أن الحركة النسوية عبارة عن أكذوبة كبيرة جلبت الشقاء للمرأة وسلبتها أنوثتها. ذكرت السيدة هيرمان ذلك صراحة في كتابها "المشكلة ليست في الثمن الذي دفعته المرأة بسبب الحركة النسوية من خلال دفعها في طريق خاطئ وتعبئتها بالأوهام وتجريدها من قيمتها الذاتية ومن أنوثتها بدعوى المساواة، بل في أن هذه الحركة تحولت مع الزمن من حرب ضد الرجال إلى حرب ضد النساء". (مبدأ حواء - عبر موقع الجزيرة 2006/9/29).
استقبل الرأي العام هذه الحملة الأخيرة باستنكار وتعجب مثلما استنكر آراء إيفا هيرمان وغيرها في السابق واتهموهم بالقصور الفكري والتشوش. ولكن ما الغرابة في أن ينتفض الإنسان على أفكار موروثة لا يربطه بها سوى إرث تاريخي ونظام يروج لها ويحميها .. ما الغرابة في أن ينتفض الإنسان ضد الإرهاب الفكري من أي جهة أتى وفي أي منظومة فكرية كان؟ الغرابة ليست في رفض الموروث بل في تمكن البعض من الخروج من هيمنته المحكمة خصوصاً في حالة المنظومة الفكرية الرأسمالية حيث يُحتكر الفكر ويُحجر على الرأي الآخر بذريعة المحافظة على المكتسبات التي تروج على أنها ذروة الفكر البشري. صرحت بعض المشاركات أن الإعلام البديل أعطاهن متنفساً للتعبير عما يشعرن به من تضجر من الهيمنة التي تمارس ضدهم في إطار حماية التيار النسوي المهيمن.
مثل هذا النقاش يلفت انتباه المسلمين إلى نقاط الضعف المستشرية في المنظومة الفكرية الغربية التي تدعي زوراً وبهتاناً بالفوقية وأنها أسمى ما وصلت إليه البشرية من فكر، لذلك وجب على المسلمين الواعين أن يطرحوا الإسلام العظيم كبديل فكري قوي لما تعانيه البشرية من هيمنة بيت العنكبوت هذا وأن لا ينجرفوا إلى غير ساحة الصراع الفكري هذا. وليدرك دعاة الفكر الغربي من أبناء جلدتنا أن ركونهم للعلمانية والنسوية والليبرالية إنما هو تمسك بسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا أدركه لم يجده شيئاً وأن أصحاب هذا الفكر الذين ترعرعوا عليه وشربوا من مائه الآسن قد بدءوا بلفظه والتفكير حول معالجاته للواقع الذي يعيشونه ولا ينقصهم سوى البديل.
﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم يحيى بنت محمد