خبر وتعليق أمريكا والانحدار
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
نقل موقع اليوم السابع بتاريخ 5/4/2014م خبرا جاء فيه: "ذكرت صحيفة واشنطن تايمز، أن وزارة الخارجية الأمريكية أنفقت 6 مليارات دولار فى غير محلها من خلال عقود غير مناسبة، خلال الست سنوات الماضية وخاصة فى عهد الوزيرة السابقة هيلارى كلينتون". وورد أيضًا: "وكشفت مراجعة مكتب المفتش العام، مؤخرا، لعملية عقود دعم بعثة الولايات المتحدة فى العراق، عن أن مسئولى التعاقد لم يتمكنوا سوى من تقديم 33 من أصل 115 ملفا، حيث بلغت أموال إجمالى الملفات المفقودة 2.1 مليار دولار، كما أن 48 من أصل 82 ملفا تم تقديمهم لم يتضمنوا الوثائق المطلوبة وفقا للوائح الداخلية.
التعليق:
أولاً:
تنهض الدول بفكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة، ويجب أن تكون هذه الفكرة عقلية، وكلية، وشاملة. وعلامة صحة الفكرة أو المبدأ أن يوافق الفطرة، ويقنع العقل، فيملأ القلب طمأنينة. والمبدأ الرأسمالي بنى عقيدته على الحل الوسط، وليس على البحث الصحيح، وبالتالي خالف العقل، فضلاً عن أن يقنعه، وخالف الفطرة، حيث قرر أن النظام يضعه الإنسان. في الوقت الذي تؤكد فيه غريزة التدين أو مظهرها (التقديس) أن الفكرة والنظام كليهما من الله، وليس للإنسان دور بهما، فضلا عن عجز الإنسان ونقصه ومحدوديته، وتشريعه وفقا لهواه، وتأثره بالبيئة، واختلاف الأهواء والنظرة، وعدم ثبات التشريع، بل هو عرضة للتغيير والتبديل بين الحين والآخر، وهذا شأن الإنسان، وصدق الله العظيم حيث يقول: ﴿قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّـهُ﴾ [البقرة 140] ويقول: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾. [يوسف: 40] لذا كانت نهضة المبدأ الرأسمالي وقتية وليست دائمية. هذا من حيث التأصيل الفكري لنهضة الدول من حيث الثبات والديمومة.
ثانيًا:
أما من حيث نهضة الدول فتتعلق المسألة في مدى علاقة الكيان السياسي بالمبدأ. وبمعنى أدق: هل الكيان السياسي ملتزم بالمبدأ أم أنه خرج عنه، وهل هذا الخروج عما هو أصل يؤثر في النهضة، أم هو أخطاء يمكن تداركها، أم هو أخطاء للأفراد، وليس للكيان السياسي؟ والمتابع للغرب في كياناته وخاصة أمريكا يجد أن الولايات المتحدة وأدت مبدأها في أكثر من موقف، فلقد تعدَّت على الحريات التي هي أصل المبدأ والتي تعتبر من أسسه، وبنت علاقاتها الخارجية على غير أساس الدعوة للمبدأ، بل أقامت علاقاتها على حساب المصلحة ولو على حساب فكرتها. ومما لا شك فيه أن الأعراض التي تصيب الكيان السياسي لها أثر فعّال على بقاء أو موت الكيان، أو قوته أو ضعفه. وكثرة الأعراض عندما تدب في الجسد إنما تعني أن هذا الجسد أصابته الشيخوخة، وهذه الأعراض تدل على اقتراب إعلان الوفاة!
وأخيرًا: نختم بقول الله تعالى: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾. [التوبة: 109-110]
إن الكيان السياسي الذي أقيم على الفكرة الكلية الصحيحة، والتي وافقت الفطرة، وأقنعت العقل، فملأت القلب طمأنينة لهو الكيان الذي يبقى، وهو الكيان الذي ملأ وسيملأ الأرض عدلاً ونورًا ورحمةً، بعد أن ملأتها كيانات الكفر والشقاء ظلمًا وجورًا، ولن يكون هذا الكيان إلا كيان دولة الإسلام التي ستعلو رايتها قريبًا بإذن الله. اللهم أظلنا بظلها، واجعلنا ممن يعملون لإقامتها، وممن يستظلون بظلها. اللهم آمين!
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أم البراء / ولاية الأردن