الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نداءات القرآن الكريم ح52 الأمر بالقيام بالقسط ج2

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم


(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقر‌بين إن يكن غنيا أو فقير‌ا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعر‌ضوا فإن الله كان بما تعملون خبير‌ا). (النساء 135)


الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وآله وصحبه الطيبين الطاهرين, والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نصغي وإياكم إلى نداء من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا, ومع النداء الخامس والعشرين نتناول الآية الكريمة الخامسة والثلاثين بعد المائة من سورة النساء التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقر‌بين إن يكن غنيا أو فقير‌ا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعر‌ضوا فإن الله كان بما تعملون خبير‌ا). نقول وبالله التوفيق:


أيها المؤمنون:


يسترسل صاحب الظلال سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة فيقول: "وأخيرا يجيء التهديد والإنذار والوعيد من تحريف الشهادة، والإعراض عن هذا التوجيه فيها (وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)، ويكفي أن يتذكر المؤمن أن الله خبير بما يعمل، ليستشعر ماذا وراء هذا من تهديد خطير، يرتجف له كيانه، فقد كان الله يخاطب بهذا القرآن المؤمنين! حدث أن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدر على أهل خيبر محصولهم من الثمار والزروع لمقاسمتهم إياها مناصفة، حسب عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر، أن حاول اليهود رشوته ليرفق بهم! فقال لهم:

 

"والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي, ولأنتم والله أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير. وما يحملني حبي إياه وبغضي لكم، على أن لا أعدل فيكم"، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض!


أيها المؤمنون:


لقد كان عبد الله بن رواحة رضي الله عنه قد تخرج في مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم على المنهج الرباني المنفرد، وكان إنسانا من البشر خاض هذه التجربة الشاقة ونجح وحقق كما حقق الكثيرون غيره في ظل ذلك المنهج تلك المعجزة التي لا تقع إلا في ظل ذلك المنهج! ولقد مضت القرون تلو القرون بعد تلك الفترة العجيبة وحفلت المكتبات بكتب الفقه والقانون وحفلت الحياة بالتنظيمات والتشكيلات القضائية وضبط الإجراءات والشكليات التنظيمية، وامتلأت الرؤوس بالكلام عن العدالة وامتلأت الأفواه بالحديث عن إجراءاتها الطويلة، ووجدت نظريات وهيئات وتشكيلات منوعة لضبط هذا كله .. ولكن التذوق الحقيقي لمعنى العدالة والتحقق الواقعي لهذا المعنى في ضمائر الناس وفي حياتهم، والوصول إلى هذه الذروة السامقة الوضيئة، لم يقع إلا في ذلك المنهج، في تلك الفترة العجيبة في ذروة القمة، وبعدها على مدار التاريخ في الأرض التي قام فيها الإسلام، وفي القلوب التي عمرت بهذه العقيدة، وفي الجماعات والأفراد التي تخرجت على هذا المنهج الفريد.


أيها المؤمنون:


وهذه حقيقة ينبغي أن يتنبه إليها الذين يؤخذون بالتشكيلات القضائية التي جدت وبالإجراءات القضائية التي استحدثت وبالأنظمة والأوضاع القضائية التي نمت وتعقدت فيحسبون أن هذا كله أقمن بتحقيق العدالة, وأضمن مما كان في تلك الإجراءات البسيطة في تلك الفترة الفريدة! في تلك القرون البعيدة! وأن الأمور اليوم أضبط وأحكم مما كانت على صورتها البسيطة! هذا وهم تنشئه الأشكال والأحجام في تصورات من لا يدركون حقائق الأشياء والأوضاع .. إن المنهج الرباني وحده هو الذي يبلغ بالناس ما بلغ على بساطة الأشكال وبساطة الأوضاع، وهو وحده الذي يمكن أن يبلغ بالناس هذا المستوى على ما استحدث من الأشكال والأوضاع! وليس معنى هذا أن نلغي التنظيمات القضائية الجديدة، ولكن معناه أن نعرف أن القيمة ليست للتنظيمات, ولكن للروح التي وراءها أيا كان شكلها وحجمها وزمانها ومكانها، والفضل للأفضل بغض النظر عن الزمان والمكان!". (انتهى الاقتباس).


أيها المؤمنون:


قبل أن نودعكم إليكم هذه الحكاية القصيرة: حين قابل عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وهو خليفة- قاتل أخيه بعد أن أسلم، قال له: أأنت قاتل زيد بن الخطاب؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين! قال عمر: والله لا أحبك أبدا، فقال أبو مريم: أوتمنعني بذلك حقا لي؟ قال عمر: لا. قال أبو مريم: إذا يا أمير المؤمنين إنما يأسى على الحب النساء، يريد أنه ما دام لا يظلمه الخليفة فلا يعنيه أحبه أم كرهه؛ لأن النساء هن اللائي يأسفن على الحب.


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام وأن يعز الإسلام بنا وأن يكرمنا بنصره وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها إنه ولي ذلك والقادر عليه نشكركم لحسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 


محمد أحمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع