الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نداءات القرآن الكريم ح42 النهي عن اقتراب الصلاة في حالة السكر قبل تحريم الخمر

بسم الله الرحمن الرحيم


(يا أيها الذين آمنوا لا تقر‌بوا الصلاة وأنتم سكار‌ى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابر‌ي سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مر‌ضى أو على سفر‌ أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفور‌ا). (النساء 43)


الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وآله وصحبه الطيبين الطاهرين, والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نصغي وإياكم إلى نداء من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا, ومع النداء الحادي والعشرون نتناول فيه الآية الكريمة الثالثة والأربعين من سورة النساء التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقر‌بوا الصلاة وأنتم سكار‌ى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابر‌ي سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مر‌ضى أو على سفر‌ أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفور‌ا). نقول وبالله التوفيق: يقول الإمام النسفي رحمه الله في تفسيره: "نزل في الخمر أربع آيات:


أولا: نزل بمكة قوله تعالى: (ومن ثمر‌ات النخيل والأعناب تتخذون منه سكر‌ا ور‌زقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون). (النحل 67) فكان المسلمون يشربونها وهي لهم حلال.


ثانيا: ثم إن عمر ونفرا من الصحابة قالوا: يا رسول الله أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل مسلبة للمال فنزل: (يسألونك عن الخمر‌ والميسر‌ قل فيهما إثم كبير‌ ومنافع للناس وإثمهما أكبر‌ من نفعهما). (البقرة 219) فشربها قوم وتركها آخرون.


ثالثا: ثم لما صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما وشرابا ودعا نفرا من الصحابة رضي الله عنهم حين كانت الخمر مباحة، فأكلوا وشربوا فقدموا أحدهم ليصلي بهم المغرب فقرأ: "قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون, وأنتم عابدون ما أعبد" ونزل: (يا أيها الذين آمنوا لا تقر‌بوا الصلاة وأنتم سكار‌ى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابر‌ي سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مر‌ضى أو على سفر‌ أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفور‌ا). (النساء 43) أي لا تقربوها في هذه الحالة (حتى تعلموا ما تقولون). أي تقرءون، وفيه دليل على أن ردة السكران ليست بردة، لأن قراءة سورة "الكافرون" بطرح اللاءات كفر, ولم يحكم بكفره, حتى خاطبهم باسم الإيمان، وما أمر النبي عليه السلام بالتفريق بينه وبين امرأته ولا بتجديد الإيمان، ولأن الأمة اجتمعت على أن من أجرى كلمة الكفر على لسانه مخطئا لا يحكم بكفره. وقوله تعالى: (ولا جنبا) عطف على قوله: (وأنتم سكارى)، لأن محل الجملة مع الواو النصب على الحال كأنه قيل: لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبا أي ولا تصلوا جنبا، فقل من يشربها.


رابعا: ثم دعا عتبان بن مالك جماعة فلما سكروا منها تخاصموا وتضاربوا فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزل: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر‌ والميسر‌ والأنصاب والأزلام ر‌جس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما ير‌يد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر‌ والميسر‌ ويصدكم عن ذكر‌ الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون). (المائدة 91) فقال عمر: انتهينا يا رب.


ورد في كتاب "أسباب النزول" للإمام أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري الشافعي ما نصه: قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقر‌بوا الصلاة وأنتم سكار‌ى) الآية: نزلت في أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يشربون الخمر, ويحضرون الصلاة وهم نشاوى، فلا يدرون كم يصلون, ولا ما يقولون في صلاتهم. أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال: حدثنا أبو يحيى قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الأفريقي قال: حدثنا عطاء، عن أبي عبد الرحمن قال: صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما, ودعا أناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطعموا وشربوا، وحضرت صلاة المغرب فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب، فقرأ: قل يا أيها الكافرون فلم يقمها، فأنزل الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقر‌بوا الصلاة وأنتم سكار‌ى حتى تعلموا ما تقولون).


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام وأن يعز الإسلام بنا وأن يكرمنا بنصره وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها إنه ولي ذلك والقادر عليه نشكركم لحسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 


محمد أحمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع