الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مقالة ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله

بسم الله الرحمن الرحيم

 

في 20 من أبريل/ نيسان 2013م، قرّرت محكمة مكافحة الإرهاب في إسلام آباد أن يقبع الديكتاتور الأسبق وقائد الجيش (برويز مشرف) في الحبس الاحتياطي لمدة 14 يوماً، وبعد ذلك يُقدّم مشرف مرةً أخرى إلى المحكمة للرد على الاحتجاز غير القانوني للقضاة عام 2007م، هذا وقد تقدّم الفريق القانوني للجنرال السابق بطلبٍ للإفراج عنه بكفالةٍ في عددٍ من القضايا المرفوعة ضده، من مثل اغتيال بنظير بوتو في عام 2007م وقتل "أكبر خان بوكتي" في عام 2006م.

 

وكل ذلك كان متوقعاً؛ فمن عودته من منفاه الاختياري، واستقباله الفاتر في المطار، وعدم وجود حضور لأنصاره وحزبه، إلى التهديدات بالقتل من قبل طالبان، والفشل في الحصول على تسجيلٍ لخوض الانتخابات العامة الشهر المقبل، والأنكى من ذلك مواجهته للعديد من القضايا القانونية، حتى تخلى عنه أقرب حلفائه وأسياده من الأمريكان في وقت الحاجة، ففي 19من أبريل/ نيسان 2013م، أعلنت السفارة الأمريكية أنها تنأى بنفسها عن أحد أعزائها، حين قال متحدثٌ باسم السفارة الأميركية في بيان له: "هذه قضية يتعين حلها وفقاً للدستور والقوانين في باكستان فقط".


إنّ الجميع يعلم جيداً كيف يتقلب الدستور وتتقلب القوانين الباكستانية، الّتي لا تساوي أكثر من قيمة الورق الّذي كُتبت عليه، فهذه حقيقةٌ لا يمكن لأحدٍ إنكارها، فلقد عاش الباكستانيون هذه الحقيقة منذ تأسيس باكستان، فيُسمح للنخبة الغنية والقوية في باكستان التجول بحريةٍ مطلقةٍ غارقين في فضائح الفساد، بينما يتعرض الفقراء والمسحوقون للاضطهاد كما ينصّ على ذلك القانون! فهل سيكون مصير مشرف مختلفاً؟ وهل سيحاكم بهذه الطريقة؟


لقد اقترف مشرف العديد من الجرائم البشعة في فترة توليه منصب الرئيس ومنصب رئيس أركان الجيش؛ ونسرد هنا خلاصةً سريعةً لبعض جرائمه:


• المساومة على سيادة باكستان، من خلال انحيازه مع حرب أمريكا ضد الإسلام.
• تسخير الاستخبارات الباكستانية لأمريكا، وفتح القواعد العسكرية الباكستانية والأجواء والماء والطرق والأصول العسكرية خدمةً لمصالحها.
• إعطاء فرصةٍ غير مسبوقةٍ لأجهزة الاستخبارات الأميركية والتابعين لهم للتجول بحريةٍ داخل البلد.
• وضع الأصول الإستراتيجية الباكستانية من مثل الأسلحة النووية تحت أعين الأمريكيين.
• دعم هجمات الطائرات بدون طيار.
• ذبح المدنيين الباكستانيين الأبرياء في المناطق القبلية.
• الذبح العشوائي للرجال والنساء في المسجد الأحمر.
• اختطاف وتعذيب وقتل المئات من المواطنين الباكستانيين، وتسليم الأخت عافية صديقي.
• تأكيد استمرار الهيمنة الأمريكية على البلاد من خلال تعيين مشرف لزرداري وكياني.


يا له من إرث! إنّ مشرف مذنبٌ بجرم الخيانة العظمى، وليس هنالك حاجة لإضاعة أموال دافعي الضرائب لعرضه على محاكمة عديمة الفائدة، إذ ينبغي أن تستخدم هذه الأموال لجلب الجناة الآخرين إلى العدالة، ويمكن بكل سهولة تمييز هؤلاء المجرمين؛ لكثرة جرائمهم البشعة المخطوطة على جباههم ضد الشعب الباكستاني.


أمّا بالنسبة لمشرف، فكل الّذي ينتظره هو التنفيذ السريع للعقاب، وما ينتظره في الآخرة أشدّ، يقول الحق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ((فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ))، فينبغي على أنصار مشرف تدبر هذه الآية، وإذا ظلّت عندهم الرغبة في الدفاع عن جرائم مشرف البشعة، فسيكونون شركاء لمشرف في أعماله، وسيحاسبون معه على جرائمه أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.


هناك بعض الملاحظات الهامّة في طريقة التعامل مع مشرف:


1- أمريكا ليست صديقاً يُعتمد عليه، أو مستشاراً يُمكن الوثوق به من أيٍّ من عملائها، فمصالح واشنطن لها الأولوية وقبل كل شيء، ثم يكون عملاؤها في المقام الثاني، فتستخدمهم أمريكا لتنفيذ مخططاتها ثم تلقي بهم بعد ذلك في سلة المهملات، فلقد تخلّصت أمريكا من مشرف عام 2008م، بعد أن أصبح واضحاً لها أنّها لن تتمكن من الاستمرار في الدفاع عن حكمه، أما في الوقت الحالي، فإنّ أمريكا تتلاعب بعودة مشرف؛ لبث الحياة في التجربة الديمقراطية في باكستان والّتي تضررت بشكل كبير، فتأمل أمريكا أن تُعيد للناس ثقتهم في النظام السياسي الّذي ترتب أوراقه.


2- أمريكا تتطلّع إلى تعزيز السلطة القضائية الباكستانية والمؤسسات المدنية الأخرى على حساب الجيش، فأمريكا تخطط لتقليص دور الجيش الباكستاني والمخابرات الباكستانية في الشئون المدنية في المستقبل، فحقيقة أنّ الجيش بقي بعيداً عن الأضواء ولم يتدخل في مساعدة مشرف يشير إلى ذلك. إنّ طريقة التعامل هذه مع مشرف هي نذير شؤمٍ لما ينبغي على كياني أن يتوقعه بعد تقاعده.


3- مشرف كغيره من حكام العالم الإسلامي، لا يبالي إن كان الشعب الّذي يحكمه لا يدعمه، فلقد كان صدام وبن علي ومبارك وصالح والقذافي ومشرف يعتقدون أن الشعب يحبهم، ولكن اكتشفوا أن شعوبهم تحتقرهم.


إنّ العمالة لأمريكا في باكستان عملٌ خاسرٌ، فمحاكمة عميل أمريكا تبرهن على ذلك، فعلى أولئك الّذين يسعون إلى اللحاق بركب العمالة الأمريكية التفكير مرتين، وما إن كان الأمر يستحق كل هذا العناء، فليس في ذلك إلا الخزي والعار في الدنيا والأخرة.


وعلى الجميع التفكير في التحول إلى جانب دعم عملية نهضة الأمة بالإسلام التي اجتاحت باكستان، والّتي تجول في خاطر جميع شرائح المجتمع الباكستاني، في الوقت الّذي تسعى فيه أمريكا للسيطرة على المصير السياسي للشعب الباكستان، ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)).

 

 


عابد مصطفى

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع